بقدر ما استدعت الاحتفالات بالذكرى الثانية والأربعين لانتصار حرب أكتوبر المجيدة التى عاشتها مصر طوال الأسبوع الماضى مشاعر الفخر والاعتزاز بذلك الحدث التاريخى، وبقدر ما جددت الاحتفالات الأفراح التى عاشها الجيل الذى شهد تلك الأيام من عام 1973، فإنها كانت إحياءً لذلك المجد الوطنى أمام الأجيال الجديدة التى لم تكن قد جاءت إلى الحياة فى ذلك الوقت، بل إنها أيضا كانت استدعاءً لروح أكتوبر التى يتعين استلهامها فى هذه الأيام.أن هذه الاحتفالات بهذه الذكرى الوطنية العزيزة والغالية استدعت فى نفس الوقت وبالضرورة أجواء ومواقف شهدتها مصر مع هذا النصر العظيم.. إنها مواقف الذين حاولوا أن يفسدوا فرحة ذلك النصر الذى حققته القوات المسلحة المصرية والذى أعاد لمصر بل للعرب جميعًا الكرامة التى سُفحت وأُهدرت فى هزيمة يونيو عام 1967. هؤلاء المشككون.. كانوا «عواجيز» الفرح المصرى الوطنى.. وحاولوا بكتاباتهم ومقالاتهم التقليل من قيمة النصر العسكرى الذى كان معجزة بكل المقاييس العسكرية وأذهل العالم وأذل إسرائيل وحطم أسطورة الجيش الذى لا يُهزم وكسر يدها التى كانت تزعم أنها الطولى فى المنطقة، بل إنهم وبدم بارد شككوا فى الهدف الوطنى النبيل من إقدام مصر على شن تلك الحرب لتحرير الأرض المصرية المحتلة واستعادة سيناء من الاحتلال الإسرائيلى فى زمن قياسى وبعد ست سنوات من هزيمة يونيو، بل إنهم وبدم بارد أيضا ظلوا يروجون لوصفها بأنها كانت حرب تحريك وليست حرب تحرير! وحتى لا ننسى وحتى تعلم الأجيال الجديدة فإن هؤلاء المشككين فى الحرب وفى أهدافها الوطنية وفى النصر الذى تحقق بنتائجه الباهرة.. كانوا فى حقيقة الأمر يقومون بتصفية حسابات سياسية مع الرئيس الراحل أنور السادات.. صاحب قرار الحرب وقائد الانتصار وذلك على خلفية حركة التصحيح التى قادها فى 15 مايو عام 1971 وبعد شهور قليلة من توليه رئاسة الجمهورية ضد مراكز القوى من رجال الرئيس جمال عبد الناصر والذين حاولوا الاستئثار بحكم مصر من وراء الستار وأن يتحول السادات إلى رئيس شرفى للبلاد! هؤلاء المشككون.. «عواجيز» فرح ذلك الزمان هم من وصفهم الرئيس السادات بالذين يرفعون قميص عبد الناصر فى استشهاد بأحداث الفتنة الكبرى التى وقعت فى فجر الإسلام والتى أشعلها الذين رفعوا قميص عثمان بعد اغتياله فى المدينةالمنورة. هؤلاء المشككون الحاقدون على السادات الذين ساءهم أن ينتصر بعد أن عزلهم وبتأييد شعبى جارف.. هؤلاء ومعهم الشيوعيون هم الذين اتهموه بالخيانة حين أقدم على مبادرته الشجاعة للسلام ثم اتهموه بالخيانة مرة أخرى وهو القائد المنتصر حين توصل إلى عقد اتفاقية «كامب ديفيد» ثم معاهدة السلام التى أنهت الاحتلال الإسرائيلى لسيناء واستعادتها كاملة إلى أرض الوطن. هؤلاء المشككون الحاقدون.. عواجيز الفرح ساءهم أن ينتصر السادات فى الحرب وأن ينتصر فى معركة السلام وأن يجنب المصريين مزيدًا من إراقة الدماء، لقد خلطوا بين الخصومة السياسية مع السادات وبين المصالح الوطنية والاستراتيجية العليا للبلاد، رغم أنهم كانوا أول المستفيدين من السلام، ثم إنهم يشاركون المصريين الاحتفال بالنصر الآن بعد أن ظلوا يقللون من قيمته وبعد أن ظلوا يعارضون السلام!! ولأن الحاقدين المشككين موجودون فى كل العهود وفى كل زمان.. مثلهم مثل «عواجيز» الفرح دائمًا، فإن ما حدث من مواقف غير وطنية بعد نصر أكتوبر وتحقيق السلام يتكرر فى عام 2015.. العام الذى حققت فيه مصر إنجازًا تاريخيًا آخر بإتمام حفر قناة السويس الجديدة فى عام واحد بعد أن كان مقررًا إتمامه فى ثلاثة أعوام، ليكون هذا الإنجاز وهو أحد إنجازات كثيرة تحققت على أرض مصر فى زمن قياسى.. ليكون شاهدًا على قُدرة المصريين على تحقيق المعجزات وتحدى الصعاب. إذ بينما يحتفل المصريون جميعًا بهذا الإنجاز ويشاركهم العالم كله الاحتفال، فإن الحاقدين.. «عواجيز» فرح هذه الأيام من الجماعة الإرهابية يعزفون نغمة «نشاز».. محاولين التقليل من عظمة الإنجاز.. ساءهم أن يستعيد المصريون إرادتهم الحُرة وأن يستعيدوا الدولة التى كادت أن تسقط على أيديهم خلال عام واحد وهو العام الذى وصلوا فيه وفى غفلة من الزمان إلى حكم مصر، لكن الشعب المصرى أسقطهم فى ثورة 30 يونيو التى أيدها الجيش الوطنى فى 3 يوليو. هؤلاء الإرهابيون الذين لفظهم الشعب المصرى لخيانتهم الوطنية.. ساءهم أن تستعيد مصر مكانتها الدولية وحسبما شهدنا وشهد العالم من خلال التحرك السياسى والدبلوماسى المكثف للرئيس عبد الفتاح السيسى طوال العام الماضى، وساءهم أيضًا أن تعقد مصر صفقات الأسلحة الحديثة.. دعمًا للجيش المصرى ليظل درعًا لحماية الوطن فى الداخل والخارج.. وردعًا لكل المتربصين بمصر.. شرقًا وغربًا وجنوبًا. إنهم ينعقون كالبوم فى قنواتهم الفضائية الممولة من أعداء مصر.. لأنهم بعد أن تأكدوا أنه لا عودة للوراء وأن أحلامهم قد تبددت إلى الأبد، فإنهم يريدون الانتقام من مصر والمصريين.. يعيشون فى أحلام اليقظة.. يتمنون إسقاط الدولة وتمزيق الجيش وإضعافه.. سبيلاً لتفتيت الوطن.. منتهى الخيانة الوطنية التى يُجرّمها ويُحرّمها الإسلام الذين يرفعون شعاراته نفاقًا وينتسبون إليه زورًا وبهتانًا.. ومن المفارقات فإن هؤلاء الإرهابيين الذين يحتفلون فى قنواتهم الفضائية العميلة بذكرى نصر أكتوبر الثانى والأربعين.. نفاقًا للشعب المصرى وتمسحاً فى النصر.. هؤلاء هم الذين اغتالوا الرئيس السادات بطل الحرب والسلام رغم أنه هو الذى أخرجهم من السجون والمعتقلات وأعادهم للمشهد السياسى، وهم الذين ارتكبوا جرائم العنف والقتل ضد السائحين الأجانب لضرب الاقتصاد الوطنى، وهم الذين اغتالت أياديهم الآثمة رموزًا وطنية ومصرية، وهم الذين لايزالوا يواصلون، رغم انتكاستهم، جرائم الإرهاب. أولئك الحاقدين المشككين فى حرب أكتوبر والنصر العظيم الذى تحقق فى عام 1973 وأولئك الذين يحاربون الآن مصر وشعبها وجيشها.. هم «عواجيز» الفرح فى كل العهود. N