فى صباح هذا اليوم قام الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان بزيارة الجبهة لمتابعة الموقف وبدأ بزيارة قيادة الجيش الثانى الميدانى ثم انتقل بعدها لزيارة الفرقة الثانية مشاة حيث قابل العميد حسن أبو سعدة فى ذلك الوقت فى قطاع الفردان شرق القناة وتحرك رئيس الأركان بعد ذلك إلى نطاق الجيش الثالث الميدانى ووصل إلى قيادة الجيش ثم انتقل لزيارة الفرقة السابعة مشاة بقيادة العميد أحمد بدوى فى قطاع جنوب البحيرات شرق القناة ثم عاد رئيس الأركان إلى مركز العمليات مساء نفس اليوم بعد أن شاهد بنفسه ولمس الروح المعنوية العالية لدى القوات التى يتحلى بها المقاتلون على الجبهة .يعد الثامن من أكتوبر من أشد الأيام كآبة وأكثرها إحباطا على الجبهة الجنوبية قاطبة لدى إسرائيل حيث استطاعت السرية المصرية التى اتجهت لمضيق الجدى من الوصول إلى مطار تمادا ومباغتته فى الساعة 1010 فأحدثت خسائر جسيمة به مما اضطر العدو إلى توجيه طيرانه للبحث عن تلك القوة الصغيرة التى اندفعت لأكثر من 80 كيلو مترا إلا أن هذه السرية تمكنت من الإفلات بعد تنفيذ مهمتها وعادت للانضمام إلى القوات الرئيسية ولم تكتف بذلك بل قامت بمهاجمة موقع للرادار الإسرائيلى أثناء عودتها. فيروى عساف ياجورى أن القوات الإسرائيلية قامت بأمر من الجنرال جونين قائد جبهة سيناء بهجوم مضاد يوم 8 أكتوبر ويضيف لقد كنت أنا وجنودى قد شعرنا بخيبة الأمل فكل من عاش وسط أحداث الإثنين الأسود لن ينسى مرارته أبدا مهما حاول النسيان، فلا أحد يعلم حجم الخسائر الحقيقية حيث استطاع المصريون تحطيم الهجوم المضاد للعدو الإسرائيلى والكلام على لسان ياجورى «عندما عدت من الأسر اذهلنى حجم الخسائر التى وقعت فى صفوفنا، وزاد من حيرتى ما سمعته ممن نجا ومن كلماته أيضًا «كيف يضع الجيش الإسرائيلى نفسه فى هذا الموقف المخجل، وأين ضاعت سرعة تحركه وتأهبه؟». ويقول يا جورى إنه صدرت فى الساعة430 أوامر إلى أدان من الجنرال جونين بالاقتحام وشن هجومًا مضادًا فى جبهة سيناء فى اتجاه الفردان. وقد انتشرت ألوية أدان على الطريق العرضى ما بين بالوظة فى الشمال والطاسة فى الوسط وكانت تلك الألوية الثلاثة المدرعة تستهدف احتلال المعابر الثلاثة التى نجحت قواتنا فى اقامتها شمال البلاح وظن الجنرال جونين فى الساعة 1415 أن الموقف مع أدان يسير بحسب الخطة الموضوعة فأمر شارون للاندفاع غربا بين الطاسة وممر الجدى لاستغلال نجاح قوات أدان. وفى الساعة 1430تحركة ألوية أدان الثلاثة لتتلقفها نيران القوات المصرية التى كانت فى انتظار فريستها بمجرد دخول قوات أدان مرمى نيران الدبابات المصرية وحولت المنطقة إلى كتلة من اللهب صهرت مدرعات العدو وكانت دقة التصويب لها دور فى تحويل هذا اليوم إلى يوم أسود فى إسرائيل. وتحطم الهجوم المضاد للعدو فى الفردان على صخرة المقاتل المصرى. ويقول عساف ياجورى فى مقال له بجريدة معاريف نشر فى فبراير عام 1975 «بمجرد أن اقتربت دباباتى وقعت تحت نيران الفرقة الثانية مشاة التى كانت ترابط فى مواقع جيدة على الضفة الشرقية للقناة فى انتظار هجومنا المضاد. ولم ينج من دباباتى إلا أربع هى وحدها التى أفلتت من هذا الجحيم». وعندما علم جونين ما حدث لأدان حث شارون على العودة لمعاونته وتخفيف الضغط عليه إلا أن شارون تلكأ ورفض الانصياع لأمره. وتقول جريدة هاعولام هازية الإسرائيلية «إن الجنرال موشى ديان انهار فى اليوم الثالث للحرب، عندما حطمت القوات المصرية جميع هجماته المضادة فى سيناء، ووصلت القوات السورية إلى مسافة خمس دقائق من وادى الأردن، وأوقعت خسائر جسيمة فى دباباته وطائراته، إن هذه الأحداث حولت ديان إلى رجل محطم. وفى الخامسة عصرا دخل بارليف على مائير فوجدها تجلس منكسة الرأس وقد تملكها اليأس فظهر فى تجاعيد وجهها وأخذت تقص على بارليف كيف اعترف لها ديان بخطئه بعد عودته من جولة تفتيشية على الجبهات وقال لها معبرا عن الأمر «جولدا، لقد أخطأت فى كل شىء ... إننى أنتظر كارثة، وسوف نضطر إلى الانسحاب من الجولان حتى الحافة ومن سيناء حتى المضايق حيث سنحارب حتى آخر طلقة». وميدانيا، استمر عبور الدبابات والأسلحة الثقيلة فى نطاق الجيش الثالث رغم تركيز العدو نيرانه لتدمير المعابر، كما استمرت المعدات والاحتياطيات تتدفق على المعابر فى نطاق الجيش الثانى أيضا، وبذلك نجح الجيشان فى صد كافة هجمات العدو المضادة بعد تكبيدها خسائر فادحة جدا، ففى نهاية اليوم كانت الفرق الخمس قد أتمت إنشاء رءوس الكبارى بعمق 8-10 كيلومترات حيث وقفت هناك فى شموخ . وقد حاول العدو تحقيق أى نجاحات جوا فحاولت الطائرات الإسرائيلية مهاجمة أجهزة الرادار لفتح ثغرة فى الحقل الرادارى، كما ركزت الهجوم على بورسعيد فقصفتها ثلاث مرات فيما بين الظهر والمساء وقد بلغ عدد الطلعات المعادية خلال هذا اليوم 319 طلعة طائرة خص منها بورسعيد وحدها نحو تسعين طلعة وقد أسقط منها دفاعنا الجوى 15 طائرة.