«أنشئت الأممالمتحدة ليس لتقود البشرية إلى الجنة بل لتحمى الإنسانية من الجحيم»، هكذا عبّر داج همرشولد الأمين العام الثالث للأمم المتحدة ، ليجسد الهدف الأساسى الذى قامت من أجله المنظمة الدولية قبل 70 عاما. ولم يكن صعبا على همرشولد تخيل «الجحيم» والعالم خارج لتوه من حرب عالمية مدمرة قتلت الملايين، وشهدت جرائم حرب مروعة، لكن خلال سبعة عقود، نجحت فيها المنظمة فى معالجة قضايا وأزمات، أخفقت فى تجنيب البشرية صنوفا أخرى من الجحيم ربما لم ترد إلى مخيلة همرشولد. وخلال سبعة عقود، نظر إلى الأممالمتحدة كأمل عظيم من أجل مستقبل البشرية، لكن بالنسبة للبعض، كانت وكرا مشينا للديكتاتوريات والبيروقراطية، والتغطية المؤسسية للفساد والسياسات غير الديمقراطية لذراعها الأهم وهو مجلس الأمن. من جانبه أكد مساعد وزير الخارجية للشئون المتعددة الأطراف والأمن الدولى السفير هشام بدر، أن مصر تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى ملتزمة التزامًا كاملا بالانخراط فى العمل الفعال مع أطراف المجتمع الدولى، من أجل حماية السلم والأمن الدوليين. وأشار بدر فى تصريحات خاصة ل «أكتوبر» إلى أهمية السعى للوصول إلى نظام دولى قوى ومتعدد الأطراف يسمح للأمم المتحدة بالانخراط فى قضايا على درجة عالية من الأهمية، على غرار منع وتسوية النزاعات، ومكافحة الإرهاب والارتقاء بالأمن الجماعى وتحقيق التنمية الاقتصادية، خاصة فى أفريقيا. وأوضح مساعد الوزير أن مصر ترى أن إصلاح الأممالمتحدة بات أمرًا عاجلا وضروريًا، مضيفا أن القاهرة لديها رؤية واضحة حول كيفية إصلاح المنظمة الدولية، آخذًا فى الاعتبار المبادئ الراسخة للأمم المتحدة، وفى الوقت نفسه أهمية ممارسة الديمقراطية على المستوى الدولى ومنح الدول النامية مساحة أكبر فى صنع القرارات الدولية التى تؤثر على مستقبل شعوبها. وتواجه الأممالمتحدة تحدى إصلاح هيكلها على كافة المستويات السياسية والمادية والإدارية، لكن أكثر ملفات الإصلاح صعوبة وإثارة للجدل، ما يتعلق بمجلس الأمن الدولى، وهو الملف الذى يعيق بحسب كثيرين إعادة هيكلة الأممالمتحدة فى القرن الحادى والعشرين، فالمجلس الذى أنشئ عام 1945، بأعضائه الدائمين الذين انتصروا على ألمانيا واليابان فى الحرب العالمية الثانية، يمسك بزمام الأمور فى المنظمة.. ومع كل الضجيج الذى يصدر من الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا بشأن إصلاح المنظمة، فإن هذه الدول غير مستعدة للتخلى عن سلطاتها التى تمارسها فى بعض الأحيان بطرق تخضع بالكامل لمصالحها السياسية. ومارست الولاياتالمتحدة حق «الفيتو» لحماية إسرائيل من الانتقادات والقرارات الدولية فى العديد من المناسبات، علمًا بأنها قد استخدمته أكثر من باقى أعضاء مجلس الأمن مجتمعين، وفى الآونة الأخيرة، استخدمت روسيا والصين حق النقض لمنع تدخل الأممالمتحدة فى سوريا، وعندما يأتى الحديث عن توسيع مجلس الأمن ليشمل مقاعد إضافية فى دائرة الدول دائمة العضوية وغير الدائمة، فإن أى نص فى هذا الشأن لا يجد له مجالا على الطاولة، بحسب السفير الهندى لدى الأممالمتحدة أسوكى كمار مكرجى. ومنذ تأسيسها، أنفقت الأممالمتحدة أكثر من نصف تريليون دولار خلال 70 عاما، لتمويل برامجها ومهامها المختلفة. وبحساب المصاريف السنوية والتضخم المالى داخل المؤسسة الدولية يظهر أنه أكثر من 40 ضعفا مما كان عليه فى أوائل خمسينيات القرن الماضى، وذلك لتمويل 17 وكالة متخصصة و14 صندوقا وإدارة ودفع رواتب 41 ألف موظف. وبالنسبة للميزانية العادية التى يتم الموافقة عليها كل عامين، من أجل تمويل التكاليف الإدارية، فقد تضاعفت خلال العقدين الأخيرين إلى 5 مليارات دولار، لكن ذلك يعد جانبا صغيرا من إجمالى الإنفاق، فعمليات حفظ السلام تكلف المنظمة حوالى 9 مليارات دولار فى السنة، مع نشر 120 ألف جندى فى مناطق النزاع، معظمها فى أفريقيا. وتتلقى وكالات ومنظمات فرعية مساهمات تطوعية من أفراد وحكومات، مثل اليونيسيف ووكالات الإغاثة وأعمال التطوير.. وقد تضاعف الإنفاق على مدار 25 عاما ليصل إلى 28.8 مليار دولار ومع ذلك، تحذر بعض وكالات الأممالمتحدة من أنها على شفا الإفلاس.