وادى «حميثرة»أحد وديان جبال البحر الأحمر وتحديدا «جبل عيزاب» قبلة عشاق الشيخ أبو الحسن الشاذلى فى مثل هذا التوقيت من كل عام للاحتفال بمولده الذى يرتاده جميع فئات المجتمع من مختلف دول العالم، ممن يتبعون المذهب الصوفى. وأوضح عبد المنعم عبد العظيم مدير مركز الدراسات التراثية بالصعيد أن الشيخ «أبو الحسن الشاذلى» واحدا من أشهر الوافدين لمصر من صوفية المغرب العربى فى القرن السابع وقد وفد إليها مع مجموعة من تلاميذه واستوطنوا مدينة الإسكندرية وكان ذلك عام 124م / 642 ه وكونوا بها مدرسة صوفية مشهورة ومن تلاميذه أبو العباس المرسى وابن عطا الله السكندرى. ولد الشيخ الشاذلى فى أواخر القرن السادس الهجرى عام 1169م / 593ه فى إقليم غماره بالقرب من مدينة سبتة بالمغرب وينتهى نسبه إلى الإمام الحسن بن على رضى الله عنه واكتسب لقبه من قرية شاذلية التى بدأ فيها بالوعظ والتعليم وفى طريقه للحج مع مرافقيه. توفى الشاذلى ودفن فى وادى «حميثرة» بالبحر الأحمر حسبما أوصى تلاميذه وأصبح ضريحه مزارًا لمحبى الصوفية والباحثين عن الهدوء والتأمل ويتوافد الآلاف من المنتمين للطرق الصوفية من كل بقاع الأرض على وادى «حميثرة» فى الجنوب الشرقى لمحافظة البحر الأحمر حيث يصل زائرو الشاذلى إلى المقام بعد المعاناة من مشقة السفر ولكن أشواق مريديه وحاجتهم له تهون تلك المشقة فعقب وصول الزائر يستمع لمكبرات الصوت قبل وصوله للضريح، حيث تردد الأذكار والمد والإنشاد الدينى وأشعار مشايخ الطريقة الشاذلية فى المدح كما يأتى المداحون مثل ياسين التهامى وأمين الدشناوى بجانب أصوات الدراويش ومحبى الشيخ الشاذلى من الأطفال والرجال. حجة صغرى وأشار الباحث إلى أن البعض لا تساعدهم ظروفهم المادية على حج بيت الله الحرام، فيقوفون على جبل حميثرة ويتوجهون بقلوبهم إلى جبل عرفات. ويحرص مريدو ذلك القطب على زيارته من مختلف البلدان العربية وخاصة المغرب وتونس والجزائر. وينحرون الذبائح ويقدمون النذور يوم المولد و التى تصل إلى 120 ألف رأس من الخراف والماعز والإبل ويتم توزيع الأطعمة فى أوقات الظهيرة أو ليلاً فى حلقات الذكر. ويذكر الباحث عبد المنعم عبد العظيم أنه يوجد حول ضريح الشيخ الشاذلى العديد من الساحات ومن أشهر تلك الساحات ساحة الحاجة زكية والساحة الأحمدية وساحة الأشراف وساحة السادة الرفاعية والمرغنية وأولاد الشيخ عبد السلام والسلمانية والبرهامية الشاذلية ويرجع الفضل فى وجود تلك الساحات إلى الشيخة زكية عبد المطلب وهى من زائرات الشاذلى حيث تجد أشخاصًا يقدمون خدمات للموجودين دون طلب وما يثير الدهشة أن تجد بين زوار مولد الشاذلى جميع فئات المجتمع وذلك حبًا وتقربًا. طقوس الاحتفال ويكشف عبد العظيم طقوس الاحتفال لزوار الشاذلى، مشيرًا إلى أن زوار الإمام الشاذلى يبدأون بالطواف حول المقام ثم الابتهال بالأدعية وقراءة القرآن الكريم ويبدأ جماعة من الدراويش بالطواف حول قبر الشيخ مرددين نشيدا واحدا بقولهم «شاذلى يا أبو الحسن» وهو البديل لتهليل الحجاج «لبيك اللهم لبيك» ثم الطواف مرة أخرى ثم تقام حلقة ذكر بجوار المقام وبجميع الساحات. وفى هذا الطقس تشارك النساء أيضًا فى الاحتفال بوضع حناء فى طبق فوق رأس واحدة منهن و تذهب به نحو المقام و معها إحدى العرائس و التى تشبه زفة ليلة الدخلة وتغنى النساء طارقات الدف والطبول مرددين «شاذلى يا أبو الحسن» ويلتف حولهن بعض الأطفال لمتابعة الزفة بالفرحة والبهجة ويتعالى التصفيق والرقص والغناء وتخرج الزفة من الساحة للطواف حول المقام وتنحر الذبائح على الأعتاب حيث تستمر الاحتفالات بالموسم عشرة أيام متتالية وهى العشر الأوائل من ذى الحجة وتنتهى الاحتفالات مع تكبيرة صلاة عيد الأضحى المبارك مع طقوس شعبية يغلب عليها الطابع الدينى والذى أعتاد عليه المصريون بموالد أوليائهم فى كل عام. حب مبالغ فيه من جانبه رفض الدكتور أحمد على عثمان أستاذ سيكولوجية الأديان بجامعة الأزهر ما وصفه بالحب المبالغ فيه الذى يصل لدرجة التقديس لمن يحب، مشيرًا إلى أن التصوف مذهب جميل وراق ولكن هناك من أراد التصوف خطأ أو بجهل مؤكدا أن الشيخ أبو الحسن الشاذلى أحد أولياء الله الصالحين وعالم جليل وأن ما يحدث من مريديه ومحبيه يعد جهلا بعلم الرجل ومكانته عند خالقه ولو كان على قيد الحياة سيرفض ما يحدث فى ساحة مقامه. وأكد الدكتور أحمد أنه من الجهل أن يظن البعض أو يعتقد بوجود حج أكبر أو حج أصغر واستشهد بالحديث الذى رواه البخارى ومسلم وغيرهما عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى ? قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد «الحرام والمسجد الأقصى ومسجدى هذا»، وأكد عثمان أن كل ما يحدث فى ساحة مقام الشيخ أبو الحسن الشاذلى يعد حبا مبالغا وصل لدرجة تقديس الشيخ وهذا ليس من الإسلام فى شىء.