شدت آلاف الأسر المصرية الرحال إلى صحراء وادى حميثرة للانضمام لمئات الآلاف من المصريين الذين بدأوا فى الإحتشاد بهذا الوادى الذى يقع على بعد 150 كم من مدينة مرسى علم الواقعة على ساحل البحر الأحمربجنوب مصر، للاحتفال بمولد سيدى ابى الحسن الشاذلى المعروف باسم "قطب الصحراء" وهى الاحتفالات التى تنتهى فى أول أيام عيد الأضحى المبارك من كل عام. ومع تكبيرات صلاة عيد الأضحى المبارك غدا السبت ووسط طقوس شعبية يغلب عليها الطابع الديني والفلكلوري الذي اعتاد عليه المصريون في احتفالاتهم بموالد أوليائهم وقديسيهم يختتم قرابة نصف مليون مصري ومصرية احتفالاتهم السنوية بمولد سيدي أبى الحسن الشاذلي. ففى مطلع شهر ذى الحجة من كل عام ، وما أن يقترب عيد الأضحى المبارك حتى يجتمع مئات الآلاف من المواطنين الفقراء والأغنياء أيضا وخاصة مواطنى محافظات الصعيد المصرى ليشدو الرحال إلى جبل حميثرة على ساحل البحر الأحمر، حيث ضريح الصوفي الورع العابد العالم قطب زمانه سيدي أبو الحسن الشاذلي، ففى كل قرية سيارة نقل وعشرات من الأسر تضم الرجال والنساء والأطفال يفترشون سطحها ومعهم ذبائحهم وطعامهم ويعلو كابينة القيادة مكبر صوت يردد التواشيح والأغاني الدينية في شكل مهرجان ديني كبير وتدق الطبول والمزامير لتخفف من مشقة الطريق الذى يمتد مئات الكيلو مترات حتى يصلوا إلى صحراء عيزاب ووادى حميثرة عن طريق أدفو أو القصير أوقنا فكل الطرق تؤدى إلى حميثرة، حيث يقف أولئك الذين لانساعدهم ظروفهم إلي الحج إلى مكةالمكرمة في نفس أيام الحج الأعظم الحج إلى ضريح الشاذلي ويقفون على جبل حميثرة ويتجهون بقلوبهم إلى عرفات الله ويقضون العيد فى رحاب ساحة الشيخ العابد علها تكون زلفى إلى الحق سيماته تعوضهم عن الحج الذي لا تستطيع إمكانياتهم ادائه. إذ يقول كثيرون من زوار أبى الحسن الشاذلى من الفقراء أنهم يطلون من ربوة واديه العالية على بلاد الحجاز فيرون أنوار الكعبة المشرفة التى يتشوقون لزيارتها، و يبقى الآلاف فى وادى حميثرة حتى صبيحة عيد الأضحى فيصلون العيد ويذبحون ثم يعودون إلى قراهم. وسيدي أبو الحسن الشاذلي من أشهر من وفد إلى مصر من صوفية المغرب العربي فى القرن السابع وقد وفد إليها مع مجموعة من تلا ميذه ومريد ية واستوطنوا مدينة الإسكندرية وكان ذلك عام 642ه 1244م ، وكونوا بالإسكندرية مدرسة صوفية مشهورة ومن تلاميذه سيدي أبو العباس المرسى وسيدي ابن عطاء الله السكندري وقد تعلم سيدي أبو الحسن على يد شيخه عبد السلام بن مشبش (635ه/1228م) في المغرب، وولد أبو الحسن الشاذلي في أواخر القرن السادس الهجري ( 593ه/1196م) في إقليم غماره بالقرب من مدينة سبته بالمغرب، وهو تقى الدين أبو الحسن على بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف وهو حسنى علوي ينتهى نسبه إلى على بن أبى طالب رضى الله عنهم. وتلقى علومه الأولى وحفظ القرآن في غماره بالمغرب ثم أراد أن يستزيد من العلم فرحل إلى تونس وفيها بدأ الدراسة العلمية وسلك طريق التصوف إلى أن اذن له شيخه وأستاذه عبد السلام بن مشبشفى أن يرشد غيره فا تجه إلى شاذ له ، وهى قرية فى تونس ومنها وفد إلى مصر التي أحسنت استقباله واحرز فيها درجة فى المقامات والاحوال واعتبر من أهم اقطاب الصوفية في مصر. واهمية مدرسة الشاذلية الصوفية التى تضم اكثر من مائة طريق فى المغرب واليمن والسودان ومصر ترجع إلى طريقته فحسب –حسب قول الباحث المصري عبد المنعم عبد العظيم - ولا إلى خطها ولا إلى الأوراد والأحزاب التى ألفها إنما ترجع لعدم سطحيتها فهى لا تدعوا إلى التواكل والتكاسل والعزلة وانما تدعوا إلى العمل والسعى واعطاء المثل، حيث كان الشاذلى نفسه يعمل بالزراعة وكان يدعوا إلى التبحر فى العلم وخاصة علوم الشريعة واعتبر الجهل من الكبائر وكان يحض تلاميذه ومر يديه على المحافظة على المظهر العام والمحافظة على الكرامة وكان يرفض فكرة تعذيب النفس. وفى طريقه إلى الحج مع مر يديه توفى الشاذلي ودفن في وادى حميثرة بالبحر الأحمر ومن يومها اصبح ضريحه مزارا و ملجأ للمتصوفة والباحثين عن الهدوء والتأمل ووسيلة يجد فيها المتشوقون للحج ما يعينهم على الصبر حتى يأذن الله لهم بساعة يطوفون فيها حول بيته الحرام ويزورون قبر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.