شهدت الأجواء السياسية الفلسطينية الأسبوع الماضى خطوة فريدة من نوعها من قبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، الذى تقدم باستقالته من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومعه تسعة أعضاء منها، موضحاً أنها خطوة إيجابية قرر القيام بها من أجل الاعتراف باللجنة التنفيذية رسمياً على أنها حكومة دولة فلسطين وتمثل كل الشعب الفلسطينى فى الداخل والخارج . وفى مقال تحت عنوان «استقالة أبو مازن من أجل البقاء» نشرت صحيفة معاريف وجهة النظر الإسرائيلية فى استقالة أبو مازن من اللجنة التنفيذية التى وجدتها أنها رغبة فى البقاء والانتقام والقراءة الصحيحة للواقع، ظاهرها هو من أجل زعزعة النظام الإقليمى بما فيه إسرائيل، وباطنها هو حرب من أجل البقاء على قيد الحياة، وإعطاء فرصة لنفسه حتى يستطيع فى صفاء دراسة جميع التغييرات الإقليمية التى تجرى حوله، والانتباه إلى ضربات منافسيه فى ظهره سواء كان من قبل محمد دحلان منافسه فى السلطة أو حماس التى تسعى دائمًا إلى فرض سلطتها على السياسة الفلسطينية، وبذلك يكون قد أزال العقبات والتحديات التى تقف أمامه. وزعمت معاريف أن أبو مازن أقدم على هذه الاستقالة انتقامًا لشخصه، كما فعل من قبل بإطاحة ياسرعبد ربه أمين عام مجلس منظمة التحرير عندما أعرب عن انتقاده للمسار السياسى لأبو مازن، ولم يتوقف عباس عند هذا الحد على حد قول الصحيفة بل أكمله بإصدار مرسوم رئاسى لتجميد أموال مخصصة لبعض المؤسسات الفلسطينية بغرض القضاء على المعارضين السياسيين والحفاظ على كرسيه. أما على الصعيد الفلسطينى، أوضح أمين سر المجلس الثورى لحركة فتح، أمين مقبول، أن ما دفع الرئيس محمود عباس وعددًا من أعضاء اللجنة التنفيذية لتقديم هذه الاستقالة هو لتشريع انعقاد المجلس الوطنى الاستثنائى وتشريع وضع بند الانتخابات على جدول الأعمال للوقوف أمام عراقيل حماس التى ترفض تشكيل حكومة الوحدة الوطنية من الأساس وتنفيذ اتفاق الشاطئ وعرقلة عمل حكومة الوفاق الوطنى الذى يرفض أجنداتها، ومنع منظمة التحرير من أن تصبح الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى . من جانبه، أكد الدكتور جهاد حرازين، قيادى بحركة فتح، على أن الاستقالة التى تقدم بها الرئيس أبو مازن ومجموعة من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تأتى فى سياق مواجهة الأزمات والمخاطر المحيطة والمحدقة بالقضية الفلسطينية، خاصة أن هذه الاستقالة تأتى لإعادة انتخاب لجنة تنفيذية جديدة من أجل تفعيل وتطوير أدائها فى ظل هذه التطورات، حيث إن هناك بعض الشواغر فى اللجنة التى هى بحاجة إلى ملئها وخاصة بعد استقالة نصف عدد أعضائها. وأضاف حرازين أنه يتوجب على الرئيس عقد جلسة طارئة للمجلس الوطنى الفلسطينى لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية علما بأن اللجنة التنفيذية تمثل حكومة فلسطين لأنها تمثل الفلسطينيين بالمنفى والشتات والأرض الفلسطينية لذا تتحمل المسئولية الكاملة عن أبناء الشعب الفلسطينى باعتبار منظمة التحرير هى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى ويأتى هذا الأمر فى السياق القانونى لأن المادة 14 فقرة ج منحت رئاسة المجلس الوطنى صلاحية الدعوة لجلسة طارئة للمجلس الوطنى لانتخاب لجنة تنفيذية. وأشار حرازين إلى أن الاستقالة التى تقدم بها أبو مازن وأعضاء اللجنة التنفيذية وضعت لدى رئاسة المجلس الوطنى الفلسطينى حيث أقرت اللجنة التنفيذية بتكليف رئيس المجلس الوطنى لاتخاذ الإجراءات اللازمة لدعوة المجلس الوطنى للانعقاد خلال شهر من تاريخ التكليف وهذا يأتى فى سياق وضع استراتيجية وطنية قادرة على مواجهة التحديات والمشاريع المشبوهة التى تواجه القضية الفلسطينية وخاصة مشروع الهدنة المؤسس لفصل قطاع غزة عن بقية الأراضى الفلسطينية وإدارة المعركة السياسية مع الاحتلال فى الأروقة الدولية للحصول على الحق الفلسطينى المتمثل بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.