بعد أن كانت تسريبات أصبحت تأكيدات.. الحديث عن المفاوضات بين إسرائيل وحركة «حماس»، المفاوضات جاءت صادمة لكثير من الأطراف، وطرحت المزيد من التساؤلات عن تنازل حماس عن ثوابتها باعتبار إسرائيل كيان محتل، وأن سلاح المقاومة هو السبيل الوحيد للتعامل مع الاحتلال وهو ما تنازلت عنه حماس خلال المفاوضات مع إسرائيل مقابل هدنة طويلة لا تقل عن 7 أعوام. وقد عقد مجلس شورى حماس اجتماعًا فى غزة لبحث ما طرحه تونى بلير فى قطر ولقائه برئيس المكتب السياسى خالد مشعل ونائبه موسى أبو مرزوق. وأهم ما طرحه بلير هو موافقة إسرائيل على ممر مائى تحت مراقبتها ورفع الحصار عن غزة بشكل كامل، والسماح لآلاف العمال من غزة بالدخول لإسرائيل مقابل أن توقف حماس حفرياتها على الحدود وتمنع إطلاق الصواريخ، وأن تقبل بتهدئة لا تقل عن 8 أعوام. وقد وافق غالبية أعضاء مجلس الشورى على هذه المطالب، لأنها فرصة جيدة للخروج من الواقع الحالى. وقد كثفت وسائل الإعلام الحمساوية الحديث عن الممر المائى معتبرة أن التوصل إلى اتفاق يمنح القطاع ممرًا مائيًا بمثابة إنجاز كبير، تمهيدًا للرأى العام الغزاوى لقبول التفاهمات مع إسرائيل. وبالطبع لم تبادر حماس بالإعلان عن هذه المفاوضات منذ بدايتها ما ترك الباب مفتوحًا للتكهنات، ومالم تعلنه حماس للرأى العام الفلسطينى أعلنه مكتب نائب رئيس الوزراء التركى عن قرب التوصل إلى تسوية بين إسرائيل وحماس باتفاق هدنة لا تقل عن عشر سنوات، وتحديث الأنباء عن أن الاتفاق يشمل رفع الحصار عن غزة وفتح المعابر وإقامة ميناء عائم. وبالطبع هذه أمور أكثر من حيوية لأبناء غزة، إلا أن الاتفاق له آثار سلبية على القضية الفلسطينية ككل، فسيتم تكريس حالة الانقسام إلى حالة انفصال. وأكدت مصادر السلطة الفلسطينية أن حماس باتفاقها مع إسرائيل تكون أطلقت رصاصة الرحمة على أى إمكانية للمصالحة، وأن مستقبل سكان القطاع أصبح متعلقًا بقرارات منفردة لحماس، فهذا الاتفاق يؤكد رفض حماس لحكومة التوافق الوطنى، وأنه محاولة جديدة من حماس لفصل القطاع عن الضفة الغربية، فما يهم حماس فقط هو سلطتها على الأرض. وكانت «فتح» قد أصدرت بيانًا الأسبوع الماضى جاء فيه «إن الوثيقة التى حملها بلير من مشعل للترويج لحماس فى الغرب تحت عنوان - رفع الحصار مقابل التهدئة - يعنى عمليًا تأجيل قضايا الحل النهائى، وفى مقدمتها قضية القدس الأمر الذى سيؤدى إلى تهويدها وتصفية الوجود الفلسطينى فيها. ولو كانت حماس جادة فى تحقيق الوحدة الوطنية ورفع المعاناة عن أهل غزة، لنفذت اتفاق المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والتفرغ لمواجهة الاحتلال الإسرائيلى بموقف فلسطينى موحد يدافع عن حقوق الشعب الفلسطينى وثوابته الوطنية. وأكدت «فتح» أن وجود ميناء فى قطاع غزة هو حق طبيعى لشعبنا نصت عليه معاهدة أوسلو، وعليه فإننا لن نقبل بدفع ثمن سياسى من شأنه تدمير القضية الفلسطينية مقابل الحصول على خط بحرى تسيطر عليه سلطات الاحتلال وليس فيه من السيادة الوطنية شىء. وقد نشبت خلافات بين قيادات حركة حماس، بين الجناح الداخلى فى غزة، والخارجى فى قطر وتركيا، وتتركز الخلافات حول الهدف من الهدنة، حيث ينظر الجناح الخارجى لاتفاق الهدنة على أنه سيغير من نظرة العالم لحركة حماس على أنها حركة إرهابية وإبرامها اتفاق هدنة طويل الأمد مع إسرائيل يساعد فى نفى تهمة الإرهاب عن حماس. هذا وتمارس قطر وتركيا ضغوطًا على قيادات حماس للموافقة على هذا الاتفاق الذى رعته الدوحة واستضافت جلساته. ويتهم الجناح الداخلى قيادات الخارج بأن الاتفاق يتناقض مع ثوابت حماس القائمة على اعتبار أن إسرائيل كيان محتل، وأن سلاح المقاومة هو السبيل الوحيد للتعامل مع الاحتلال، وأن الاتفاق خيانة لدماء الشهداء.