حسب آخر إحصائيات أعلنتها وزارة الاستثمار عن حجم خسائر الشركات التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج فإنها بلغت 1.8 مليار جنيه، فى العام المالى 2012/2013، مقارنة ب 700 مليون جنيه خسائرها فى 2011/2012، ووصل إجمالى مجمع الخسائر لشركات الغزل والنسيج الحكومية إلى ما يقرب من 27 مليار جنيه ، لذلك قررت الوزارة طرح مناقصة علنية عن طريق كراسة شروط فى أكتوبر 2014 - لتطوير 25 شركة من شركات الغزل والنسيج الحكومية، وحصل 13 مكتبا استشاريا محليا وأجنبيا على كراسة الشروط، وانحصرت المنافسة بين 5 مكاتب، وانتهى الأمر لصالح العرض المالى والفنى لمكتب «وارنر إنترناشيونال» - إحدى الشركات الأمريكية الكبرى - هذا العرض اختلف عليه الخبراء فأصحاب الرأى المعارض يرى أن هذا المكتب الأمريكى سيأتى لتحديث الآلات والمعدات فقط، فى الوقت الذى تحتاج فيه الصناعة لتطوير كل جزء فيها بداية من العامل، والخبرات، والأدوات والمعدات، والتسويق وفى النهاية يتسائل أصحاب الرأى من سيحاسب تلك الشركة إذا فشلت وأهدرت المليارات الخمسة. أما أصحاب الرأى المؤيد لتولى المكتب الأمريكى مهمة تطوير مصانع الملابس الجاهزة بقيمة 5 مليارات جنيه فيروا أن هذا المكتب فاز على 13 مكتبا محليا وأجنبيا، ما يعنى أن لديه خبرة كبيرة فى هذا القطاع، كبيت خبرة عالمى سينقل التكنولوجية المتقدمة، وسيدرب العمالة وسيسهل التصدير لأكبر سوق فى العالم «السوق الأمريكى». يحيى زنانيرى رئيس جمعية منتجى الملابس الجاهزة بغرفة التجارة ورئيس لجنة الجمارك بالاتحاد العام للغرف التجارية يرى أن فوز مكتب استشارى أمريكى بمناقصة قيمتها 5 مليارات جنيه «خراب جديد» للاقتصاد لأن هذا المكتب ليس لديه القدرة على تطوير الآلات والمعدات بمصانع القطاع العام، وهذا الأمر ليس له ضرورة على الإطلاق فى هذا التوقيت ، فالصناعة لا تحتاج لتحديث وتطوير الآلات والمعدات فقط، وإنما تحتاج لتطوير المنظومة بالكامل، والتى تشمل تدريب وتأهيل العمالة، ووضع خطط استراتيجية ودراسة كاملة لتحقيق إنجازات للصناعة سواء فى عمليات الإنتاج والتوزيع المحلى والأجنبى ، لافتاً إلى أننا لم نسمع عن هذا المكتب من قبل وأن هذه الصناعة لها خبرات معروفة تأتى من دول الهند وألمانيا والصين وماليزيا وبنجلاديش التى تصدر سنوياً أكثر من 170 مليار دولار ملابس جاهزة فقط ويؤكد زنانيرى أن هذه الصفقة بمثابة ضياع للأموال. فيما يختلف مع الرأى السابق الخبير الاقتصادى د. مختار الشريف الخبير الاقتصادى الذى قال إن فوز المكتب الاستشارى الأمريكى لتطوير مصانع الملابس الجاهزة بقيمة 5 مليارات جنيه جاء نتيجة تفوقه من خلال مناقصة على 13 مكتبًا محليًا وأجنبيًا، فبالتأكيد لديه خبرة كبيرة فى هذا القطاع، كبيت خبرة عالمى، ويشير الشريف إلى أن هذه صفقة إيجابية بكل معانيها، وتأتى فى إطار قيام الحكومة بتطوير قطاع الملابس الجاهزة بالكامل بداية من القطن والغزل والنسيج، لافتًا هذا المبلغ ال 5 مليارات مبلغ ضئيل جدًا على قيام الشركة بتطوير قطاع بالكامل يتضمن تدريب وتأهيل العمالة، وتحديث الآلات والمعدات، ودراسات للأسواق الداخلية والتصدير للخارج، موضحًا أن قطاع الملابس الجاهزة يحتاج لمبالغ ضخمة حتى يتم تطويره ويصبح مثل الشركات والمصانع العالمية الكبرى، علاوة على أنه يحتاج إلى خبرات عالمية فى مجال الموضة، وخبرات التفصيل، والأقمشة المختلفة ذات الأسعار المرتفعة كما طبقتها الدول فى جنوب شرق أسيا «باكستان، وبنجلاديش، وماليزيا، الهند والصين»، ويوضح الشريف ليس لدينا خيار آخر حتى تأتى الشركات العالمية لتطوير مصانعنا المتوقفة، بل هى بداية جادة وحقيقية حتى ننهض من كبوتنا، ولا ننسى أن من يرفض هذا التطوير لمصانع القطاع العام هم مصانع القطاع الخاص لأنها ستصبح فى المؤخرة لذلك فهى تخشى التضرر. ويتفق مستشار وخبير صندوق النقد السابق د. فخرى الفقى مع الرأى المؤيد لفوز الشركة الأمريكية، مشيرًا إلى أنه ما الضرر علينا إذا فازت شركة أجنبية بمناقصة تتعهد بأنها ستصلح من شركات القطاع العام فى قطاع مهم للغزل والنسيج تكبد ما يقرب من 27 مليار جنيه خسائر طوال السنوات الماضية، لافتًا لا ننسى أن هذه الشركة بالتأكيد لديها من الكفاءة والخبرة لنقل أحدث التكنولوجيات المتقدمة من الماكينات والآلات والمعدات علاوة على أنها ستقوم بتدريب وتأهيل العمالة الموجودة بمصانع الغزل والنسيج والتى ذهبت معظمها للبيوت وتقاعدت عن العمل بسبب غلق المصانع التى كانت تعمل بها. ويضيف خبير صندوق النقد السابق أن هذه الشركة لديها المواصفات العالمية التى تطلبها الشركات العالمية ومنها الأمريكية التى تطلب مواصفات معينة للاستيراد من الشركات المنتجة للملابس فى دول العالم، خاصة أن مصر موقعة مع أمريكا على إتفاقية للتصدير «الكويز» والتى تضاءلت كميات صادرات مصر خلال السنوات الماضية بسبب عدم تنفيذ المواصفات المطلوبة للشركات الأمريكية المستوردة، ويتساءل د. الفقى كيف نرفض شركة ستقوم بوضع صناعة ضرورية على الطريق الصحيح؟ مشيرًا إلى أنه إذا فشلت هذه الشركة فى هدفها فإننا سنحاسبها وفقاً لكراسة الشروط التى وافقت عليها، منوهاً بالنسبة لتدبير المليارات الخمسة فمن الممكن أن يتم سدادها عقب عمليات التطوير والتحديث للشركات، وإنتاجها للملابس ثم تصديرها للأسواق الخارجية ومنها السوق الأمريكية – حسب الحصص المصدرة للملابس الجاهزة للسوق الأمريكية – وفقًا لاتفاقية الكويز.