الإسكندرية ربطت بين عاشق افريقيا محمد الفيتورى وبلبل أفريقيا الرئيس السنغالى ليوبود سنجور.. محمد الفيتورى «شاعر الزنوجة» ومنشد أحزان أفريقيا وجد نفسه إبداعيًا على أرض الإسكندرية.. بينما الرئيس السنغالى سنجور وهو الرمز الفرانكفونى وجد نفسه عمليًا على أرض الإسكندرية من خلال جامعة أفريقية أطلق عليها جامعة سنجور فى ميدان القناصل أمام الجندى المجهول فيما يسمى قصر القطن. أحد الذين عايشوا وتابعوا مسيرة الشاعر السودانى العظيم محمد الفيتورى هو عواض أحمد عثمان أحد قيادات العمل النوبى فى الإسكندرية وهو والد المبدع الدكتور أحمد عواض أحد قيادات وزارة الثقافة يقول إن محمد الفيتورى كان صديقًا شخصيًا لابن النوبة الشاعر محمد عبد الرحيم إدريس وعدد من شعراء الإسكندرية منهم عبد القادر العوا ومحمود العتريس وعبد المعتصم الأنصارى ود. زكى العشماوى وكان لقاؤهم كل يوم خميس بالنادى النوبى بشارع النبى دانيال أو نادى الكنوز العام.. وكان شهر الذروة لهم شهر رمضان حيث كانوا يجذبون بإبداعاتهم المفكرين وأساتذة الجامعات والمثقفين وفى مقدمتهم العالم الكبير د. حسن ظاظا أستاذ اللغة العبرية الذى لم يلق حظه من الحياة العلمية فقد كان أحد المفكرين من الشرق الأوسط وكان يقدم برنامجًا فى الإذاعة المصرية هو «اعرف عدوك» ومن «قلب إسرائيل».. وقد لا يعرف الكثيرون أن جيلًا كاملًا من الساسة الإسرائيليين يدينون بعلمهم لما سطره د. حسن ظاظا من إبداع ومنهم وزير الخارجية الشهير أبا إيبان.. هذا المناخ هو الذى احتضن موهبة الفيتورى.. ويقول عواض عثمان أن يتذكر ما كان يقوم به الفيتورى حينما يذكر بكل الفخر أن عيونهم تفتحت على الإسكندرية حيث إن والده جاء به من السودان فور مولده بأشهر معدودة.. حيث كانوا يعيشون فى أقاصى السودان وفى منطقة علوية متاخمة لدولة تشاد غرب السودان.. وكان كثيرًا ما كان يردد أن الإسكندرية بداية حياته وكان يعيش فى منطقة كوم الدكة حى الفنان سيد درويش.. ويقول إن هذه المدينة ساهمت فى تنمية إدراكى للأشياء وكانت الحرب العالمية الثانية قد بدأت ظلالها ولم يكن وقتها الفيتورى يفهم ما يدور لكنه عرف من والده أنهم هاجروا بعد الحرب مع أبناء الإسكندرية إلى مدينة كفر الدوار حيث التقى بالوجه الأخضر من نسيج المجتمع المصرى ويقول إن الفيتورى تعرف على حلاق فى منطقة العطارين اسمه أحمد عرفه كانت له موهبة شعرية ولكن لم يسمع بها أحد وكان عندما يقوم الفيتورى يذهب إليه ليقص شعره.. كان الحلاق يقص عليه شعره.. وكان فى ذلك الوقت فى الصف الثانى من التعليم الثانوى.. ويؤكد اللواء عاصم السيد الخبير البحرى أن محمد الفيتورى كان يقوم بزيارة شقيقه الصحفى الكبير محمد رشاد مدير تحرير جريدة الزمان وهو صاحب الفضل فى اكتشاف مواهب صحفية مرموقة فى مقدمتهم الكاتب الصحفى الكبير محسن محمد وبنفس الروح قدم محمد رشاد الفيتورى إلى صاحب جريدة الزمان إدجاردجلاد باشا بعد أن فاز فى المركز الثالث فى مسابقة شعرية أشرفت عليها جريدة الزمان.. وكان الأول فى المسابقة رابح لطفى جمعة والثانى إبراهيم عيسى الشاعر القديم والثالث محمد الفيتورى.. الذى انتقل للقاهرة حيث لقى رحابه فى التشجيع فى مسيرته من الشعراء الكبار محمود حسن إسماعيل وأحمد رامى.. كما تعرف على المثقفين من أهل اليسار عبد الرحمن الشرقاوى وكمال عبد الحليم ومحمود أمين العالم وغيرهم.. وصدر أول ديوان له «أغنى أفريقيا» ثم هاجر إلى باريس.. الفيتورى قصة إبداع إنسانى لم يجتمع حلمه بالوحدة الأفريقية وحلمه بالوحدة العربية وحلمه بالمساواة الإنسانية وحق الجميع فى الثقافة.. أليست هذه رسالة مكتبة الإسكندرية لماذا لا تعقد ندوة عالمية فى الإسكندرية أو فى مقر المكتبة حول فكر وشعر الفيتورى أليس هذا دورها ودورنا.. مسيرة الفيتورى من حلاق الإسكندرية إلى رامى!!