فى رحاب هذه الأيام العطرة التى تعيش فيها شعوب الأمة الإسلامية فى أيام شهر رمضان الفضيل: يترقب الشعب الشقيق فى سلطنة عُمان مناسبة مهمة مع حلول الثالث والعشرين من يوليو يوم النهضة. ففى مثل ذلك اليوم تولى السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان مقاليد الحكم فى مجتمع عريق متمسك بالهوية العربية الإسلامية وبالخصوصية العمانية. وهكذا فإن الاحتفاء فى مصر بعيد ثورة يوليو تواكبه فى نفس التوقيت احتفالات أخرى فى السلطنة بيوم النهضة وذلك فى توافق – قدرته الأقدار - يتسق مع قوة العلاقات التاريخية الوثيقة بين الشعبين التى تعود بداياتها إلى فجر التاريخ، ثم جاء الفتح الإسلامى لمصر ليمثل خلفية مهمة لتنامى صلات الإخوة والمحبة فى الله عز وجل بين الشعبين. ويحفل التاريخ بصفحات عطرة سجل فيها المؤرخون قصة إسلام كل شعب. وفى سلطنة عُمان: يعتز العمانيون على مر العصور أن أجدادهم الأوائل اعتنقوا دين الله الحنيف طواعية إبان حياة رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا. لقد بدأت فصول قصة إسلام أهل عُمان حينما بعث سيدنا محمد رسول الله - صلى الله علية وسلم تسليما كثيرا - موفده عمرو بن العاص إلى جيفر وعبد ابنى الجلندى ملكى عُمان - فى ذلك الحين - ليدعو العمانيين إلى الإسلام وكان ذلك حوالى عام 630 ميلادية، ومما جاء فى رسالة النبى صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم - من محمد رسول الله إلى جيفر وعبد ابنى الجلندى السلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإنى أدعوكما بدعاية الإسلام. فإنى رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين. - لبى جيفر وعبد ابنى الجلندى الدعوة وأسلما طواعية وأخذا يدعوان العشائر والقبائل إلى الإسلام، فاستجاب العمانيون لداع الحق عن قناعة ورضى، ونتيجة لاتصال بعض أهل عمان المباشر بالرسول صلى الله عليه وسلم أفرادا وجماعات انتشر الإسلام فى وطنهم انتشارا واسعا، وقد أثنى الرسول الكريم على أهل عمان لأنهم آمنوا بدعوته مخلصين دون تردد أو خوف أو ضعف.كما دعا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لهم قائلا "رحم الله أهل الغبيراء أمنوا بى ولم يرونى"، كذلك أشاد بهم الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه. من جانبهم ساهم العمانيون خلال السنوات الأولى للدعوة الإسلامية بنصيب كبير فى الحروب التى تصدت لخطر الردة التى ظهرت بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، كما شاركوا فى الفتوحات برا وبحرا والتى امتدت لتشمل مجموعة من البلاد فى المنطقة وخارجها. كما قاموا بدور بارز فى إثراء ونشر الحضارة الإسلامية نتيجة إسهامهم من خلال النشاط التجارى والبحرى، فى التعريف بمبادئ الدين فى كثير من أنحاء الساحل الشرقى لإفريقيا، وحتى بلدان وسط أفريقيا التى وصل إليها العمانيون حيث حملوا نهج الإسلام وسلوكياته القويمة معهم أينما حلوا، ونقلوها معهم إلى الصين والموانىء الآسيوية التى تعاملوا معها، وفى نفس الوقت مثلت الشريعة السمحة رابطا قويا بينهم حافظوا عليه وتمسكوا به والتفوا حوله. لا للتعصب والتطرف ** فى العصر الحديث يتميز المجتمع فى سلطنة عُمان بالترابط والتكافل بين أبنائه فى إطار أسرة كبيرة متماسكة داخل المجتمع من ناحية، ثم انطلاقا منه تمتد جسور الصداقة والتعاون مع مختلف الدول والشعوب من جانب آخر ،ولقد مارس العمانيون التجارة وتفاعلوا مع العديد من البلدان، من الصين شرقا حتى أمريكا غرباً. وأسهموا بنصيب وافر فى الحضارة الإنسانية عبر الحوار الذى تعزز من خلال قيم الدين الإسلامى الحنيف خاصة العدل والمساواة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. التسامح الدينى ترفض سلطنة عُمان كل صور التعصب والتطرف، وتدعو دوماً إلى التفاهم وحرية الفكر والمعتقد والاحتكام إلى العقل، ولذلك فإن التسامح الدينى يشكل سمة مميزة وركيزة أساسية للدولة العصرية، وإلى جانب كفالة الحرية الشخصية، نص النظام الأساسى للدولة على أن حرية القيام بالشعائر الدينية مصونة، على ألا يخل ذلك بالنظام العام. كما يتمتع أتباع الديانات الأخرى من المقيمين فى السلطنة بحرية ممارسة شعائرهم، فى دور عبادتهم، ويكفل لهم قانون الأحوال الشخصية تطبيق الأحكام الخاصة بهم بما لا يتنافى مع التقاليد العمانية. ومما له دلالة عميقة أن السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان يؤكد دائما على أهمية وضرورة مواكبة العصر بفكر إسلامى متجدد متطور قائم على اجتهاد عصرى ملتزم بمبادئ الدين، وقادر على أن يقدم الحل الصحيح المناسب للقضايا العصرية التى تؤرق المجتمعات الإسلامية وأن يظهر للعالم أجمع حقيقة الإسلام وجوهر شريعته الخالدة.