بدأت فصول قصة إسلام أهل عمان حينما بعث سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم تسليما كثيرا موفده عمرو بن العاص الي جيفر وعبد ابني الجلندي ملكي عمان ليدعو العمانيين الي الإسلام وكان ذلك نحو عام630 ميلادية, ومما جاء في رسالة النبي صلي الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله الي جيفر وعبد ابني الجلندي السلام علي من اتبع الهدي أما بعد فإنني ادعوكما بدعاية الإسلام اسلما تسلما فاني رسول الله الي كل الناس لأنذر من كان حيا ويحق القول علي الكافرين وأنكما أن أقررتما بالإسلام وليتكما وان أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملكما زائل عنكما وخيلي تطأ ساحتكما وتظهر نبوتي علي ملككما. وقد أجاب الأخوان الدعوة واسلما طواعية وأخذا يدعوان العشائر والقبائل الي الإسلام فاستجاب أهلها لدعوة الحق عن قناعة ورضي, ونتيجة لاتصال بعض أهل عمان المباشر بالرسول صلي الله عليه وسلم أفرادا وجماعات انتشر الإسلام في عمان انتشارا واسعا, وقد أثني الرسول الكريم علي أهل عمان لأنهم آمنوا بدعوته مخلصين دون تردد أو خوف أو ضعف وقد دعا الرسول الكريم( صلي الله عليه وسلم) لهم بالخير والبركة قائلا رحم الله أهل الغبيراء امنوا بي ولم يروني وكذلك أشاد بهم الخليفة أبوبكر الصديق رضي الله عنه وخلال السنوات الأولي للدعوة الإسلامية ساهمت عمان بدور بارز في حروب الردة التي ظهرت بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام, كما شاركت في الفتوحات الإسلامية العظيمة برا وبحرا خاصة في العراق وفارس وبلاد السند, بالإضافة الي المشاركة في الفتوحات الإسلامية لعدد من البلاد الأخري في المنطقة وخارجها. علي إن الدور الأبرز للعمانيين في تاريخ الحضارة الإسلامية يتمثل في اسهامهم عبر النشاط التجاري والبحري الكبير, خاصة خلال القرن الماضي, في التعريف بالإسلام ونشره في كثير من مناطق الساحل الشرقي لإفريقيا والي مناطق وسط إفريقيا التي وصل إليها العمانيون. كما حمل العمانيون الإسلام معهم الي الصين والموانيء الآسيوية التي تعاملوا معها وفي نفس الوقت مثل الإسلام والقيم الإسلامية رابطا قويا بين العمانيين حافظوا عليه وتمسكوا به والتفوا حوله. وفي العصر الحديث يتميز المجتمع في سلطنة عمان بالتماسك والترابط والتكافل بين أبنائه في إطار أسرة واحدة تربطها علاقات الصداقة والود مع مختلف الدول والشعوب منذ قرون عديدة حيث مارس العمانيون التجارة وتفاعلوا مع العديد من شعوب العالم, من الصين شرقا حتي أمريكا غربا وأسهموا بنصيب وافر في الحضارة الإنسانية عبر الاحتكاك والحوار الذي تعزز من خلال قيم الدين الإسلامي الحنيف خاصة العدل والمساواة وحرية المعتقد ودعوته الي الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة وترفض سلطنة عمان كل صور التعصب والتطرف, وتدعو دوما الي التفاهم وحرية الفكر والمعتقد والاحتكام الي العقل, فإن التسامح الديني شكل سمة مميزة للمسيرة العمانية وركيزة أساسية من ركائز الدولة العصرية. فإلي جانب كفالة الحرية الشخصية, نص النظام الأساسي للدولة علي أن حرية القيام بالشعائر الدينية طبقا للعادات المرعية مصونة علي الا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب. كما يتمتع المقيمون علي أرض سلطنة عمان من أصحاب الديانات الأخري بحرية ممارسة شعائرهم الدينية في دور عبادتهم الخاصة بهم, ويكفل لهم قانون الأحوال الشخصية العماني تطبيق الأحكام الخاصة بهم بما لا يتنافي مع التقاليد العمانية, وما له دلالة عميقة أن السلطان قابوس أكد أهمية وضرورة مواكبة العصر بفكر إسلامي متجدد متطور قائم علي اجتهاد عصري ملتزم بمباديء الدين, قادر علي أن يقدم الحل الصحيح المناسب لمشاكل العصر التي تؤرق المجتمعات الإسلامية وان يظهر للعالم أجمع حقيقة الإسلام وجوهر شريعته الخالدة. وفي رحاب هذه الأيام العطرة التي تحتفل فيها شعوب الأمة الإسلامية بشهر رمضان الفضيل يتابع الشعب الشقيق في سلطنة عمان مناسبة مهمة منذ حلول الثالث والعشرين من يوليو يوم النهضة ففي مثل ذلك اليوم تولي السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان مقاليد الحكم في مجتمع إسلامي وهكذا فإن احتفالات مصر بأعياد ثورة يوليو تواكبها في نفس التوقيت احتفالات أخري في السلطنة بيوم النهضة وذلك في توافق يتسق مع قوة العلاقات التاريخية الوثيقة بين الشعبين والتي تعود بداياتها الي فجر التاريخ ثم جاء الفتح الإسلامي لمصر ليمثل خلفية مهمة لتنامي صلات الأخوة والمحبة في الله عز وجل بين الشعبين وتمثل قيم الدين الإسلامي والعدل والمساواة وحرية المعتقد مرجعيات ومرتكزات أساسية في المجتمع العماني, وينبع النظام القضائي العماني من الشريعة الإسلامية الغراء وتوجه سلطنة عمان دائما دعوة متجددة الي الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة ورفض كل صور التعصب والتطرف, ويعد التسامح الديني سمة مميزة وركيزة أساسية.