صراخك يصل إلى عنان السماء.. بكاؤك يوقظ النائمين.. منذ ولادتك يا صغيرتى وأنت تتعذبين وتعذبيننى معك.. ولكن عذابى يصل إلى ذروته عندما تنسين آلامك لثوان معدودة وتبتسمين.. وتضىء وجهك الجميل الابتسامة.. ابتسامتك تقتلنى.. تقول لى أنا هنا أحبك.. أحتاج إلى لمساتك الحانية.. أحتاج إلى قلبك.. أحتاج إلى أن تتذكرينى أكثر.. أن تبذل ما فى وسعك لتخفف آلامى.. ولكن هل تعلمين يا صغيرتى أننى بعت ما أملك لكى أخفف عنك آلامك.. حتى شبكة أمك باعتها.. ولكننا لم نستطع تخفيف آلامك.. نتمنى أن نكون مكانك.. أن تنتقل الآلام من جسدك الصغير إلينا.. ولا أسمع منك صرخة واحدة.. فأنت يا صغيرتى لم تبلغى عامك الأول بعد.. ومع ذلك تحملت آلاما وأحزانا لا يتحملها أقوى الرجال.. عندما أبلغونى بوصولك إلى دنيانا كم كانت فرحتى وسعادتى.. فكم تمنيت أن يرزقنى الله بابنة جميلة.. رقيقة.. وبالفعل كُنت لم أبخل عليك بأى شىء.. وكنت وستكونين قطعة من قلبى.. ولكننى لم أكن أعلم ان قلبى سينفطر حزنا عليك.. طالما تمنيت أن أراك تجرين هنا وهناك وتلعبين معى.. تداعبيننى.. يوما بعد يوم ظهر ما لم يكن فى حسبانى.. الطفلة الصغيرة تبكى وتصرخ وتتألم والأم لا تدرى ما أصاب ابنتها تحاول أن تلاعبها تهدهدها، ولكنها لا تستجيب.. آهات الطفلة تتحول إلى صرخات تحاول الأم أن تخفف عنها وتعيش هى وزوجها والطفلة ليلة صعبة حتى تظهر الخيوط الأولى للفجر ودموعها تنساب على خديها.. والخوف يأكل قلبها وما أن ظهر نور النهار حتى أخذت طفلتها إلى المستشفى العام بالمركز التابعة له القرية التى تعيش فيها الأسرة قام الأطباء بفحصها وكان تشخيصهم أنه ربما أصاب الطفلة برد ووصف الطبيب الدواء وعادت الأم إلى قريتها.. ولكن مر يوم والثانى والطفلة حالتها فى تدهور مازالت تتأوه وتصرخ وتبكى ولا تستجيب لأى محاولة لإسكاتها.. بل زاد على ذلك عدم استطاعتها النوم على ظهرها وعدم قدرتها على الوقوف على قدميها وإصفرار لون وجهها.. بل أصيب بارتفاع بدرجة الحرارة.. لم تنتظر الأم عادت مرة أخرى إلى الأطباء الذين طلبوا إجراء تحاليل وأشعة وعندما ظهرت النتائج طلب منها إجراء أشعة بالرنين المغناطيسى على الظهر والساقين وكان النهاية عندما حول الأطباء الطفلة إلى مستشفى سرطان الأطفال 57357.. وعندما تساءل الأب أكدوا له أنها مجرد شكوك وأن الأطباء هناك سيكونون الفيصل والحكم.. حملها الأب هذه المرة إلى المستشفى وتم حجزها أياما أجرى لها أكثر من تحليل وأشعة وفى نهاية الأمر أخبر الأطباء الأم والأب بأنها مصابة بورم سرطانى بالنخاع الشوكى وهى فى حاجة إلى علاج كيماوى وإشعاعى.. ظلت الطفلة وأمها معها بالمستشفى تتلقى العلاج.. فقد تركت الأم البيت وطفلتها الثانية وجاءت لترافق الابنة الحبيبة.. كانت رحلة علاج شاقة، ولكنها أسفرت فى النهاية إلى لا شىء.. فقد أكد الأطباء على إجراء استئصال للورم الذى ظهر فى الجانب الشمال فى الظهر، وذلك حتى يتم تحديد نوع الورم والعلاج الذى يحتاج للقضاء عليه ومنع انتشاره وحتى لا ينهش غول السرطان عظامها وجسدها الصغير الهزيل.. رحلة قاسية.. رحلة مدمرة.. لمرض جاء على الأخضر واليابس الأب يعمل عاملا زراعيا دخله الشهرى لا يتعدى 400 جنيه وهذا المبلغ لا يكفى مصاريف العلاج والانتقال حتى إيجار الشقة التى يعيشون بها لا يجدون إيجارها.. أرسلت الأم تبكى من الحالة التى وصلت إليها الأسرة وتبكى حال طفلتها التى تحتاج لمن يقف بجوارهم.. فمن يرغب فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.