بعد أن وقعت ضحية لعمليات تجسس حلفائها الأمريكيين، تواجه المستشارة الألمانية «انجيلا ميركل» تهمة التجسس على شركائها الأوروبيين، وذلك بعد فضيحة فجرتها وسائل الإعلام الألمانية الأيام الماضية، والتى كشفت أن أجهزة الاستخبارات الألمانية تجسست على قادة الاتحاد الأوروبى وشركات أوروبية لحساب واشنطن. وكشفت صحيفة «دير شبيجل» أن جهاز الاستخبارات الألمانى تجسس على مسئولين فى الرئاسة الفرنسية ووزارة الخارجية الفرنسية والمفوضية الأوروبية من مقره فى بلدة بادايبلينج بولاية بافاريا. وأوضحت الصحيفة أن وكالة المخابرات الأمريكية مارست لسنوات أنشطة تجسس فى ألمانيا وبعض الدول الأوروبية مضيفة أن الوكالة الأمريكية أرسلت لأكثر من 10 سنوات بعض معلومات الاتصال مثل أرقام هواتف محمولة وعناوين «آى بى» إلى الاستخبارات الألمانية لأجل الكشف التقنى، ومن خلال تلك المعلومات راقبت مناطق مختلفة فى العالم عبر أنظمة الاستخبارات الألمانية. وأشارت إلى أن موظفى الاستخبارات الألمانية اكتشفوا عام 2008 أن بعض معلومات الاتصال التى أعطيت لهم تعارض المهمة المكلفين بها وأنها لا تتطابق مع الاتفاق بين جهازى استخبارات البلدين بالنسبة لمكافحة الإرهاب فى العالم حيث تبين أن وكالة الاستخبارات الأمريكية كانت تهدف إلى التجسس على شركة ايرباص للصناعات الجوية والعسكرية وشركة هيليوكوبتر المنتجة للطائرات والمروحيات فى أوروبا والمؤسسات الرسمية الفرنسية. وذكرت الصحيفة - نقلا عن وثائق للاستخبارات الألمانية - أن ميركل، كانت على علم منذ عام 2008 بالتجسس الاقتصادى الذى تمارسه الوكالة الأمريكية على مجموعة ايرباص ولكنها لم تتحرك، وهو ما وضع المستشارة الألمانية فى مأزق وهى التى طالما قدمت نفسها على أنها ضحية لعمليات التجسس الأمريكية، حيث اتهم سياسيون ألمان معارضون ميركل بأنها تنافق عندما تتظاهر بعدم معرفتها بأن الأمريكيين يتجسسون على هاتفها وعلى غيرها من الأشخاص فى أوروبا. وتعددت الضغوط على المستشارة الألمانية حتى من داخل الائتلاف الحاكم نفسه الذى طالب بعض أعضائه باستقالة وزير الداخلية توماس دى ميريز، لقيامه بالتغطية على عمليات التجسس التى نفذتها المخابرات الأجنبية عندما كان يشغل منصب رئيس ديوان المستشارية. وبحسب إذاعة دويتشه فيله، طالب وزير الخارجية الألمانى فرانك فالتر شتاينماير بتوضيح عاجل لملابسات فضيحة التجسس مشيرا إلى ضرورة أن يقوم البرلمان الألمانى بالتحقيق فى هذه الحادثة بأسرع وقت ممكن. من جانبه، قال رئيس البرلمان الأوروبى مارتن شولتز، إنه يشعر بالفزع من المزاعم عن وكالة الاستخبارات الألمانية، مضيفا أنه إذا تبينت صحة هذه الشكوك فإن هذا يعد تصرفا خطيرا وغير مقبول. كما تقدم رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بطلب للحكومة الألمانية لتوضيح ملابسات القضية، مشيراً إلى أنه يعرف من تجربته الشخصية كرئيس لحكومة لوكسمبورج أنه من الصعب للغاية السيطرة على أجهزة المخابرات. ومن جانبها، طالبت المستشارة الألمانية ميركل بإجراء تحقيق شامل حول الإدعاءات المتعلقة باستغلال وكالة الاستخبارات الأمريكية تعاونها مع جهاز الاستخبارات الألمانى للقيام بأنشطة تجسس على بعض الدول والشركات، وأوضحت المتحدثة باسم الحكومة الألمانية أن ميركل على استعداد للمثول أمام لجنة تقصى الحقائق، وأن مكتبها سيتعاون بشكل كامل مع تحقيق برلمانى فى هذا الشأن. لكن ميركل دافعت فى الوقت نفسه عن المخابرات الألمانية، وقالت إنها لا تزال تعتقد أنه من غير المقبول أن تتجسس الدول الصديقة على بعضها البعض، إلا أنه من ناحية أخرى تعمل أجهزة المخابرات لضمان السلامة العامة، وستبذل الحكومة الألمانية كل ما فى وسعها لضمان القيام بهذه المهمة، ومواجهة تهديدات الإرهاب الدولى التى تتم بالتعاون مع أجهزة مخابرات أخرى، وهذا يشمل قبل كل شىء وكالة الأمن القومى الأمريكية. ودافع هانز جيورج ماسن رئيس المخابرات الألمانية وحماية الدستور الألمانى، عن حاجة المجتمع الدولى للترابط وحاجة السلطات الألمانية لمعرفة ما يحدث فى سوريا والعراق، ومن يصل من ألمانيا ومن يعود من هناك مرة أخرى، مشيرا إلى تشعب الإرهاب والتطرف من سوريا والعراق حتى ألمانيا وهو ما يتطلب ترابطا بين أجهزة الأمن. كما دافع ماسن، عن اتهامات التجسس الاقتصادى على ايرباص الأوروبية للصناعات الجوية والعسكرية قائلا إنه لم يتضح حتى الآن ما إذا كان الأمر يدور حول تجسس اقتصادى أو بمكافحة انتشار التسلح، خاصة فيما يتعلق بنقل بضائع محظورة إلى دول تعانى من أزمات أو دول إرهابية.