لا يمكن لمصرى أن ينكر التضحيات الجسيمة التى يبذلها أبناؤنا فى كل من القوات المسلحة والشرطة، ولا يمكن لأحد أن ينكر أنه لولا هذه التضحيات والجهود الكبيرة التى بذلت فى العام والنصف المنصرم لما كانت مصر فى وضعها الحالى الأكثر أمانا عن ذى قبل، ولكنه ما زال أقل من الطموح المشروع. طموحنا فى الأمن هو طموح مشروع، فبدون الأمن لا توجد حياة ولا يوجد أمل. وفى الأيام الأخيرة ارتفعت معدلات العمليات الإرهابية إن فى سيناء أو فى بعض المحافظات، وآخرها محافظة كفر الشيخ التى شهدت عملا إرهابيا خسيسا راح ضحيته عدد من طلاب الكلية الحربية نتيجة انفجار قنبلة زرعها قتلة ومخربون تصوروا أن مثل هذه الأعمال الإجرامية سوف توقف مسيرة الحياة المصرية وتدفع المصريين إلى طلب التوبة من جماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها المخربين. وندرك جميعا أن مرحلة الإرهاب الأسود العشوائى كالتى نعيشها الآن هى مرحلة مؤقتة تعبر عن يأس هذه الجماعات وعدم قدرتها على تمييز الحق من الباطل، ورغبتها فى الانتحار الذاتى وإشاعة اليأس ومواجهة المجتمع كله بلا تمييز بين أحد. وهى مرحلة عابرة ولن تسفر عن تغيير يذكر لصالح هذه الجماعات، ولكنها تؤكد لكل مصرى أنها جماعات للشر والخراب والدمار ولا يجوز أبدا التعايش معها أو التسامح مع ما تروجه من تخاريف وأكاذيب. ولاشك هنا أن المواجهة الأمنية هى السبيل الوحيد لمواجهة القتلة والإرهابيين والمخربين. هنا لا مساومة ولا تراجع. ورغم إدراكنا ان كثيرا من العمليات الإرهابية العشوائية قد يصعب تفاديها، غير أننا نتساءل وفى ضوء كثرة العمليات الإرهابية مؤخرا، ونجاح بعضها المنظم فى الوصول إلى أهدافها بسهولة نسبية، لماذا يسبق الإرهابيون أحيانا الاستعدادات الأمنية؟ ولماذا تقع كل هذه الخسائر فى صفوف الجيش والشرطة خاصة فى المواقع والمرتكزات الثابتة؟ وكما ظهر من الهجوم المتكرر على قسم الشرطة الثالث فى العريش فى ثلاثة أيام متتالية، بعد الانفجار الكبير لشاحنة يقودها انتحارى كانت مفخخة بمئات الكيلوجرامات من المواد شديدة الانفجار، أن الإرهابيين يبدعون فى الشر وفى إلحاق أكبر كم من الخسائر البشرية والمادية فى المواقع التى يستهدفونها. وقد يقول قائل إن الإرهاب عادة ما يسبق بخطوة، وهنا نرفع أيدينا اعتراضا، ونقول إن أداء واستعداد مؤسسات الأمن يجب أن يكون أسبق بعشر أو عشرين خطوة على الأقل. ندرك جيدا أن الجيش والشرطة قاموا بضربات استباقية عديدة، وأجهضوا الكثير والكثير من العمليات الإرهابية وأنقذوا بذلك مئات الأرواح، وأنقذوا ممتلكات عامة وخاصة كثيرة جدا. لكننا ندرك أيضا أن المعركة طويلة، وأن الذين وقعوا فى قبضة الأمن كثيرون، وما زال هناك كثيرون آخرون ينتظرون إشارة الهجوم على موقع شرطى أو عسكرى أو مؤسسة مدنية أو سيادية. وهنا لا يجوز إطلاقا الانتظار، لابد من الحزم والضربات القاصمة. لابد من تحريات سريعة وشاملة ولابد من قرارات صارمة، والأهم التدريب المتتالى على مواجهة تكتيكات الإرهاب، وهى معروفة للمتخصصين، وسبق أن شهدناها فى أفغانستان والعراق وسوريا، وفى مصر أيضا، وتكتيكات مواجهتها وإجهاضها باتت معروفة ولم تعد سرا. ولذلك فليس هناك عذر فى أى إهمال أو تقصير. التدريب على سبل المواجهة وخدع الإرهاب وسيلة نشعر أن هناك تقصيرا شديدا فيها. نأمل أن يجد خبراؤنا وهم مؤهلون لذلك الطرق المناسبة لإعداد أبنائنا خير إعداد، وليذهب الإرهابيون إلى الجحيم ويعيش أبناؤنا حماة للوطن ودرعا واقيا لأمنه واستقراره.