خرج علينا شريف الشوباشى صاحب «دعوة خلع الحجاب» فى حوار تليفزيونى بإحدى الفضائيات أقل ما يوصف به أنه مناف للأخلاق والقيم والأعراف الإعلامية التى لابد أن تلتزم بها الفضائيات أمام الرأى العام.. قال الشوباشى لا فض فوه مستنكرًا ارتداء المرأة للحجاب إن نسبة 99% من العاهرات فى مصر محجبات!! مسترسلا فى حديثه وداعيا لتظاهرة فى ميدان التحرير فى الأسبوع الأول من مايو لنساء مصر ليخلعن الحجاب تحت شعار «نداء عاجل لسيدات مصر».. «اخلعن الحجاب فهذه خير وسيلة للتعبير عن رفضكن للإسلام السياسى»..!! شىء غريب ومثير للدهشة..!!من اوكلك للحديث فى الأمور الدينية والفقهية بهذا الشكل المستفز لمشاعر الناس وثوابتهم الدينية؟! هل قصدت بهذه النسبة نسبة ال 99% أن ننظر إلى كل محجبة على أنها عاهرة؟! ثم من أين حصلت على هذه النسبة بأن 99% من العاهرات محجبات؟. وكيف سمحت لنفسك بأن تكون مراقبا وملاحظا لسلوكيات البشر؟. ومن أعطاك هذا الحق وهذه الوصاية؟ لقد عرفنا من دعواك أن السيدات الرافضات للإسلام السياسى عليهن خلع الحجاب.. والرجل الذى يرفض الإسلام السياسى فماذا يخلع؟! من أنت ليكون لك هذا الرأى فى ارتداء المرأة للحجاب من عدمه؟.. وما هى دراساتك الفقهية حتى تتناول الحديث فى هذا الموضوع وبمنتهى الجرأة السافرة؟! ربما كان عملك كمدير لمكتب الأهرام فى باريس فترة التسعينيات وإقامتك فى عاصمة النور قد «أكسبك» بعضا من الأفكار الغربية أو المتطرفة التى من شأنها إثارة الفتن فى أوقات نعلم تمامًا مدى تأثيرها على الشأن الداخلى فى مصر..! نحن لم ننته بعد من فتنة إسلام البحيرى وآرائه الهجومية على مناهج الأزهر الشريف، إلا وجاءت إلينا أفكار «الشوباشية» المتطرفة لتحيط المشهد السياسى والاجتماعى والفكرى بألغام جديدة وشديدة الانفجار! وإذا كان ما قاله «الشوباشى» يعد أمرًا غريبًا وصادمًا.. إلا أن الأكثر غرابة واستفزازًا ما صرّحت به وقالته هدى بدران رئيس الاتحاد العام لنساء مصر.. حيث رحّبت هى الأخرى بدعوة الشوباشى لسيدات مصر لخلع الحجاب وأكدت أن الدعوة على حد قولها من أجل تصحيح المفاهيم الوافدة من الحركات الوهابية!! والأكثر استفزازًا والذى فاق كل الحدود والأعراف الفكرية ما قالته بدران من أن دعوة الشوباشى «صحوة للمرأة المصرية وصفعة على وجه الإخوان والسلفيين». أولاً: من الذى سمح لك بأن تتحدثى باسم نساء مصر؟. وتفرضين عليهن أنت أيضا وصايتك؟. وهل هذا وقته؟! كونك رئيسا للاتحاد العام لنساء مصر لا يعطيك الحق مطلقا فى فرض هذه الوصاية على نساء مصر. ثانيًا: ألا تعلمين ومن موقعك أن كل هذه الدعاوى ونحن مقبلون على انتخابات برلمانية تصب فى مصلحة الإخوان والسلفيين الذين سوف يطلعون علينا قائلين: انظروا إلى هؤلاء الكفرة والملحدين يريدون أن تخلع المرأة حجابها وتبدو سافرة!! هل هذا هو مفهومك عن تجديد الخطاب الدينى؟ يا سيدتى الحجاب موجود فى مصر من زمن طويل وارجعى بذاكرتك لثورة 1919، النساء خرجن باليشمك وكان هذا هو الرداء الوطنى لسيدات مصر.. أين ذلك من توقيت بزوغ الحركة الوهابية؟. كلامك هذا يلوى عنق الحقيقة!! حقيقة الأمر أن الحجاب الحقيقى للمرأة وليس فقط غطاء الرأس يأتى بعد قناعة داخلية وهداية بغرض التقرب إلى المولى عز وجل واتباع تعاليم الدين الإسلامى.. «رب اجعلنا جميعا من أهل التقوى». إن ما يحدث الآن من خلال هذه الدعوة هو نوع من إثارة من ينتمون إلى تيار التطرف الدينى لإحداث فتنة بين فصائل الشعب المصرى - فهى لعبة خبيثة فى توقيت حرج.. وأعتقد أن الهدف واضح ومفهوم للجميع!! وهنا أثنى على بيان الأزهر الشريف الذى جاء فى توقيت حاسم ليعلن رفضه لدعوة خلع الحجاب وليعلن أن ذلك اعتداء على كرامة المرأة المسلمة، وكما أنه لا يجوز لأى إنسان أن يطلب من المرأة ترك الصلاة أو الصيام أو الحج فإنه لا يجوز أيضا على الإطلاق مطالبتها بترك الحق الذى آمنت به من تلقاء نفسها بكل رضاء وهو ارتداء الحجاب. كما احترمت أيضا إعراب عدد كبير من علماء الأزهر عن استيائهم الشديد من تلك الدعوة المتطرفة رافضين أيضا ربط الحجاب بالتطرف من خلال ما قاله الشوباشى من أن الحجاب ليس فرضا إنما شعار للتطرف!! واعتبروا دعواه دعوة فوضوية لإظهار مصر بملامح الفوضى.. والهدف منها إحراج النظام السياسى، حيث أكدت د. آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الحجاب فريضة لا جدال فيها وأعلنت رفضها بشدة ربط زى المرأة من خلال الحجاب بالإرهاب أو التطرف. كما أكد د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الغرض من هذه الدعوة هو إحراج النظام السياسى والتدليل على أننا انتقلنا من الفاشية الدينية إلى الليبرالية الفاجرة التى من شأنها نشر الإباحية فى المجتمع.. إن الخوض فى هذه الأمور سوف يثير الفتن فى المجتمع المصرى فهو نوع من التطرف الفكرى المقصود وهو أخطر من التطرف الدينى، فلننظر إلى إيران أغلبية النساء فيها يلبسن النقاب واستطاعت إيران أن تتوصل إلى تخصيب اليورانيوم ولديها القدرة على إنتاج القنبلة الذرية فى غضون شهر.. واستطاعت إيران أيضا أن تتقدم وأن تفرض إرادتها على الولاياتالمتحدةالأمريكية.. فمن أين تأتى وجهة نظر أصحاب هذه الدعوة بأن خلع الحجاب سوف يكون عنوانا للتقدم؟! ليس خافيًا على أحد أن المخطط الأمريكى لهدم الدولة المصرية والذى بدأ قبل يناير 2011 من خلال دعمه التمويلى لمنظمات المجتمع المدنى وقد أغلقت مصر هذا الباب تماما، فلم يجد من يريدون عرقلة مصر فى خطواتها الحالية والمستقبلية بابا آخر لتنفيذ مخططاتهم إلا عن طريق أشخاص موالين لهم ومن خلال الإعلام الموجه الذى يفتح لهم أبوابه لينشروا ما أملاه عليهم أسيادهم!! عجب إن حدثت التظاهرة المطالبة بخلع المرأة للحجاب فى ميدان التحرير أن نرى بعدها وقفات فى ميادين رابعة والنهضة والمطرية تطالب بلبس النقاب!! وكل ذلك يصب فى إثارة الفتن وتكسير عظام الوطن. ولن يتحقق لهم ما يريدون... الفتنة نائمة.. لعن الله من أيقظها. [email protected]