انعقد المؤتمر السنوى الثانى للجمعية المصرية لأورام الدم لمناقشة كل ما هو جديد فى تشخيص أمراض وأورام الدم وعلاجها. وتناول المؤتمر بوجه خاص أحدث التطورات فى علاج سرطان الدم الميلودى (CML)،خاصة بعد ظهور الجيل الثانى من العلاجات الموجهة، وذلك بحضور نخبة كبيرة من أطباء وأساتذة أمراض الدم، ومن بينهم أ.د. حسام كامل، أستاذ أمراض الدم بالمعهد القومى للأورام والذى حصل مؤخراً على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم التكنولوجية المتقدمة فى مجال الطب، تتويجًا لما قدمه للجامعة بصفة عامة خلال توليه رئاستها، ولأبحاثه العلمية فى مجال زراعة نخاع العظام والخلايا الجذعية بوجه خاص. قال أ.د. أشرف الغندور، أستاذ أمراض الدم ووكيل كلية الطب بجامعة الإسكندرية: «يعد سرطان الدم الميلودى مرضًا خبيثًا يصيب الخلايا المكونة للدم التى تتواجد فى النخاع العظمى، ومن ثم ينتقل المرض إلى الدم، وقد يصل إلى أجزاء الجسم الأخرى. وتصل معدلات الإصابة بالمرض 1.5% بين كل 100 ألف شخص سنويًا، بمتوسط عمر 40 عامًا للمريض. وتجدر الإشارة إلى النجاح الهائل فى علاج هذا المرض، إذ يعتبر انطلاقة طبية فى علاج الأورام بصفة عامة، وأورام الدم بصفة خاصة، فمنذ عشر سنوات، نجحت العلاجات الموجهة فى تحويل هذا السرطان من مرض قاتل إلى مرض يمكن علاجه والتحكم فيه لمنع تقدمه». ونوه الغندور أن العلاجات الموجهة الجديدة عبارة عن جيل أول وثان، ويطلق على الجيل الأول (جلفيك) ومادته الفعالة (إيماتينيب)، وهو الدواء الذى منح المرضى أملاً فى العلاج لأول مرة، أما الجيل الثانى فهو (تاسيجنا) ومادته الفعالة (نيلوتينيب)، ويمثل نقلة نوعية فى تاريخ علاج سرطان الدم حيث استطاعت علاجات الجيل الثانى تحسين معدلات بقاء المرضى على قيد الحياة ، لتصل إلى 45%-85% مقارنة بأدوية الجيل الأول. وفيما يخص الجانب العلاجى أيضا، صرح أ.د. حسام كامل، أستاذ أمراض الدم بالمعهد القومى للأورام: «حدثت طفرة طبية فى علاج سرطان الدم الميلودى (CML) خلال ال 50 عامًا الماضية، فقد تحول هذا السرطان من مرض غير قابل للشفاء إلا بإجراء عمليات لزرع النخاع، إلى مرض قابل للشفاء التام باستخدام العلاجات الموجهة. ومن مواصفات هذا المرض أنه ينشأ عن تغير فى جين واحد وهو جين BCR-ABLالذى ينتج عنه بروتين تيروسين كيناز، مما يجعل وظيفة الأدوية الموجهة سهلة حيث تقوم باستهداف هذا الجين الواحد فقط، وذلك على عكس كثير من الأمراض الأخرى التى تنشأ عن تغير فى أكثر من جين، مما يحد من معدلات الشفاء. وأضاف د. حسام كامل «ظهر الجيل الثانى من العلاجات الموجهة التى زادت من معدلات الشفاء بشكل كبير وغير مسبوق، وانخفض تعداد مرضى سرطان الدم الميلودى (CML) الذين يخضعون لعمليات زرع النخاع من 34 % إلى أقل من 3 % خلال الخمسة أعوام الماضية.ولأول مرة، أصبح بإمكان مريض سرطان الدم الميلودى (CML) التوقف عن العلاج لوصوله إلى الشفاء التام (discontinue the treatment)، وذلك بفضل الفعالية الفائقة لتلك العلاجات ونجاحها غير المسبوق فى خفض نسبة اللوكيميا فى الدم. ويعد ذلك خبرًا سارًا للسيدات اللاتى أصبن بالمرض فى سن مبكرة ويسعين للإنجاب بعد الشفاء، إذ لم يكن بمقدورهن الحمل بسبب هذا المرض. ومن جانبها،أشادت أ.د. منال الصردى، أستاذ ورئيس وحدة أمراض الدم والوراثة بجامعة الإسكندرية، بجهود وزارة الصحة لتوفير تلك العلاجات للمرضى غير القادرين من خلال التأمين الصحى والعلاج على نفقة الدولة، فالحصول على تلك العلاجات كان يمثل عقبة فى الماضى نظرًا لارتفاع أسعارها، فأصبح باستطاعة هؤلاء المرضى أن يتعايشوا مع هذا المرض كبقية الأمراض المزمنة شرط التزامهم بالعلاج. وناشدت د. منال وزارة الصحة من أجل الاستمرار فى توفير تلك العلاجات التى تساعد على تحقيق معدلات شفاء عالية، وفى كثير من الأحيان يصل المرضى إلى مرحلة الشفاء التام، علمًا بأن معدلات الوفاة جراء هذا المرض فى الماضي، قبل ظهور تلك العلاجات، كانت مرتفعة جدا وكانت معدلات الشفاء لا تتعدى 20 %.