تكن العلاقات بين فنزويلاوالولاياتالمتحدة، طوال فترة حكم الرئيس الفنزويلى الراحل هوجو تشافيز، التى استمرت 14 عامًا، فى أفضل حال، حيث كان تشافيز طوال تلك السنوات فى حالة صدام مباشرة مع الولاياتالمتحدة، وكثيرا ما اتهمها بالسعى للانقلاب على نظام حكمه. وفى عهد الرئيس الحالى «نيكولاس مادورو»، لم تختلف الأوضاع كثيرا، حيث بدأ التوتر بين الدولتين، فور انتخاب «مادورو» رئيسا لفنزويلا بعد رفض واشنطن الاعتراف بانتخابه، واتهام مادورو الولاياتالمتحدة بدعم معارضيه، والسعى إلى الإطاحة به. ولم تكتف الدولتان بالتصريحات العدائية، إذ تبعها العديد من الإجراءات، وقرر الرئيس الفنزويلى مؤخرا تقليص عدد موظفى السفارة الأمريكية فى كاراكاس، والحد من أنشطة الدبلوماسيين الأمريكيين فى البلاد، وأمهلت السلطات الفنزويلية أمريكا 15 يومًا لتقليص عدد موظفى سفارتها فى كاراكاس، بنسبة 80 فى المائة، ليصبح عددهم 17 موظفا من أصل 100 موظف. وكانت هذه الخطوة ردا على خطوات مماثلة اتخذتها السلطات الأمريكية ضد مسئولين فنزويليين العام الماضى. وتطورت الأزمة بين الدولتين بشكل كبير الأسبوع الماضى، عندما أصدر الرئيس الأمريكى باراك أوباما أمرا تنفيذيا يعلن فيه أن فنزويلا تمثل تهديدا للأمن القومى الأمريكى، كما أعلن فرض عقوبات ضد 7 من المسئولين الحكوميين فى فنزويلا، بزعم انتهاكهم حقوق الإنسان، وفى هذا السياق قال المتحدث باسم البيت الأبيض «جوش إيرنست» فى بيان: إن «المسئولين الفنزويليين سابقا وحاليا الذين ينتهكون حقوق الإنسان الخاصة بمواطنيهم ، ويشتركون فى أعمال فساد عام لن يكونوا محل ترحيب هنا، ونحن نمتلك الآن الأدوات لتجميد أرصدتهم ومنع استخدامهم للأنظمة المالية الأمريكية»، وأضاف: «نشعر بقلق عميق من جهود الحكومة الفنزويلية لتصعيد الترهيب لمعارضيها السياسيين..لا يمكن حل المشكلات فى فنزويلا من خلال تجريم المعارضة». وحيال الإجراءات التى اتخذها أوباما، لم يقف مادورو صامتا، وأعلن أن بلاده ستجرى مناورات عسكرية واسعة لمدة عشرة أيام، وقال مسئولون عسكريون إن نحو 80 ألف جندى، مع إمكانية انضمام 20 ألف مدنى، سيشاركون فى المناورات العسكرية، والتى ستعرض كاراكاس خلالها أسلحة ومعدات عسكرية جديدة، كما قرر المجلس التشريعى منح الرئيس مادورو صلاحيات استثنائية لمدة 9 أشهر، وذلك بهدف التصدى للعدوان الإمبريالى الأمريكى، وفى نفس الوقت اتخذ اتحاد دول أمريكا الجنوبية «يوناسور» موقفا تضامنيا مع فنزويلا، حيث رفض العقوبات التى فرضتها الولاياتالمتحدة على فنزويلا، معتبرا أن هذه الإجراءات تشكل تهديدا بالتدخل فى الشئون الداخلية لكاراكاس، كما دعا الاتحاد واشنطن إلى اللجوء لحلول بديلة تتمثل فى الحوار مع كراكاس، معتبرين أن مشكلات فنزويلا يجب تسويتها بوسائل ديموقراطية مطابقة للدستور. هذه الإجراءات الاستثنائية التى اتخذتها الدولتان، تؤكد أنه لن يكون هناك حل سريع للأزمة، وأن الأمور قد تتفاقم بشكل أسوأ، وهذا ما أكدته العديد من الصحف العالمية التى تابعت الأزمة، وفى هذا السياق، قالت صحيفة «ألموندو» الإسبانية إن فنزويلا قد تصبح كوبا الجديدة لدى الولاياتالمتحدة، مضيفة أنه بعد قيام الولاياتالمتحدة بإذابة الجليد مع حكومة راؤول كاسترو، قامت بفرض العقوبات على فنزويلا، وقالت صحيفة «أيه بى سى» الإسبانية، إن روسيا استغلت الأزمة لتوطيد الروابط الاستراتيجية مع فنزويلا، كما لو كانت حلقة جديدة من الحرب الباردة التى تعيشها روسيا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث قرر بوتين المشاركة فى مناورات عسكرية خارج أرضه مع فنزويلا، مستغلا رغبة زعيمها مادورو فى استعراض عضلاته العسكرية أمام واشنطن.