جهود كبيرة ومكثفة بذلتها الدبلوماسية المصرية خلال الأيام القليلة الماضية حيال القضايا والأزمات المثارة حاليا على الساحتين العربية والأفريقية، وفى مقدمتها الزيارة التى قام بها وزير الخارجية سامح شكرى إلى العاصمة السودانية الخرطوم الأسبوع الماضي، والتقى خلالها مع الرئيس السودانى عمر حسن البشير حيث نقل إليه تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجدد الوزير شكرى الدعوة الموجهة إلى الرئيس البشير لحضور المؤتمر الاقتصادى خلال الفترة من 13 – 15 مارس، وكذلك حضور القمة العربية 28 – 29 مارس فى مدينة شرم الشيخ. وقال شكرى عقب لقائه الرئيس السودانى عمر البشير بالخرطوم إن استقرار مصر من استقرار السودان، مشيرا إلى أن جهود التنمية المتواصلة والعمل على تفعيل ما تم الاتفاق عليه بين البلدين الشقيقين، هو السبيل لتحقيق الرفاهية والتقدم على كافة المستويات، موضحا أن اللقاء كان فرصة للاستماع للرئيس عمر البشير، فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والتحدى المشترك الذى يواجه مصر والسودان والمنطقة فى الوقت الراهن، مؤكدا تطابق الرؤى المصرية السودانية حول هذه التحديات. وأوضح شكرى، أنه تم خلال لقائه بالرئيس عمر البشير، التطرق لكافة المسائل الإقليمية ومن ضمنها الملف الليبى وتحديات الإرهاب والعلاقات بين دول حوض النيل، والعلاقات العربية الأفريقية وأهمية دعمها والعمل على بناء جسور التواصل بين الدول العربية وأشقائهم الأفارقة.وقال إنه لمس توافقا كاملا وتفاهما مع الرئيس البشير فيما يتعلق بأهمية الحل السياسى للأزمة الليبية، مع أهمية العمل فى نفس الوقت على مقاومة الإرهاب والقضاء عليه فى ليبيا. ومن جانبه، ذكر المتحدث باسم الخارجية أن لقاء البشير وشكري، تناول تطورات العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وتفعيلها على كافة المستويات، فضلاً عن تناول التشاور المستمر بين كل من مصر والسودان وأثيوبيا فى إطار التعاون بين دول الحوض الشرقى والتى تأتى فى إطار سلسلة متواصلة من اللقاءات والاجتماعات، حيث أوضح الوزير شكرى ضرورة العمل المتأنى والدقيق لتحقيق المصلحة المشتركة، فضلاً عن توجيه الشكر للسودان لاستضافة هذا الاجتماع الثلاثى لدول الحوض الشرقى لنهر النيل. وشارك وزير الخارجية سامح شكرى فى اجتماعات وزراء الخارجية والموارد المائية لدول حوض النيل الشرقى الثلاث مصر والسودان وأثيوبيا، التى عقدت الأسبوع الماضى بالخرطوم، حول سد النهضة الأثيوبى، وقال الوزير إن هذه الاجتماعات «تأتى فى إطار سلسلة متواصلة من اللقاءات والاجتماعات باعتبار الموضوعات المتعلقة بالمياه موضوعات معقدة ولها شق فنى وشق سياسى»، لافتا إلى أنه يتم من خلال تلك الاجتماعات العمل على وضع إطار متكامل يتم من خلاله تحقيق مصالح الأطراف الثلاثة فى مصر والسودان وأثيوبيا، وبناء الثقة فيما بينهم. وقال شكرى مخاطبا الوزراء المشاركين فى اجتماعات الخرطوم: «اسمحوا لى ونحن بصدد بدء مناقشاتنا حول سد النهضة وعلاقاتنا المائية المشتركة، أن أؤكد باسم وفد مصر ..ومن ورائه 90 مليوناً من أبناء شعب مصر..أننا نشارك فى هذا الاجتماع محملين بأصدق النوايا، وكلنا أمل فى أن نتمكن فى نهاية اجتماعاتنا من التوصل إلى حلول أكثر استدامةً ورسوخاً، تعكس إدراكا حقيقيا للمصالح، وتفهما للشواغل ودواعى القلق، وأن نتمكن من توفير الدعم السياسى والضمانات اللازمة لنجاح أعمال اللجنة الفنية الثلاثية وأكد، أن نهر النيل على مدار التاريخ، وسيظل إلى أبد الآبدين، شريان الحياة الذى يجرى فى عروق شعوب دولنا.. قدسه أجدادنا، ورعاه آباؤنا، فلنحافظ عليه متدفقاً بالخير لأحفادنا.منوها إلى أن مواردنا المشتركة هائلة وكافية لتحقيق آمال وطموحات شعوبنا إذا أحسنا الاستفادة منها على قاعدة المنفعة للجميع وعدم الضرر، وقدراتنا البشرية والاقتصادية والتجارية كبيرة وتدعونا جميعا للفخر والاعتزاز، ولا ينقصها سوى وضع الأطر المثلى للتعاون والتكامل وبناء القواعد اللازمة لاستدامة هذا التعاون والنجاح. وأوضح شكرى فى كلمته خلال الاجتماع، أن هناك اتجاها لاستئناف تلك اللقاءات بشكل دورى، حيث انعقدت فى أديس أبابا فى فبراير الماضى، على هامش لقاءات القمة الأفريقية، وسيظل الاهتمام المتبادل قائما لتحقيق مصالح الدول الثلاث، فيما يتعلق بمشروع سد النهضة.مؤكدا على أن حرص مصر وإثيوبيا والسودان على استمرار تلك اللقاءات الدورية يعكس إدراكا مشتركا بوحدة الهدف. وفى تعليقه على موقف مصر من بعض القضايا العربية المثارة حاليا، أدلى وزير الخارجية سامح شكرى بتصريحات صحفية، نفى من خلالها ما راج مؤخرًا من تكهنات من أن مصر سترسل قواتها مرة أخرى إلى اليمن، مجددًا تأكيد ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسى، إن مهمة الجيش المصرى الأولى هى حماية الأراضى المصرية والشعب المصري.وأكد الوزير فى تصريحاته: «إنه ليس من مهمات جيش مصر أى نوع من الانتشار خارج حدوده». وفى الشأن الليبى قال "شكرى": إن مصر ستضرب التنظيمات الإرهابية كلما رأت ضرورة لذلك وقدرت أن وجودها فى التراب الليبى يشكل خطرًا عليها.ودعا إلى ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولى وتعاونه مع الحكومة الشرعية الليبية، للتصدى لما يقترفه تنظيم الدولة الإسلامية فى ليبيا من أعمال وحشية، ملمحا إلى أن مجلس الأمن الدولى عليه أن يفهم أنه لا حوار مع الإرهابيين فى ليبيا. وحول مدى تأثر العلاقات السعودية المصرية بعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، قال شكرى إن العاهل السعودى الراحل الملك عبدالله كان له إسهام بالغ فى العلاقات المصرية السعودية غير أن رسوخ العلاقة بين البلدين «ممتد ومتواصل منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز».مؤكدا أن «العلاقات المصرية السعودية لم تتغير بعد رحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأن «المملكة دولة ذات مؤسسات والعلاقات معها استراتيجية، وهى علاقات وثيقة. وأضاف أن العلاقات فى عهد الملك عبدالله كانت وثيقة، كما هى فى عهد الملك سلمان، نافيا وجود أى اختلاف، لأن المملكة العربية السعودية دولة ذات مؤسسات، وتسير بخطى ثابتة، وعلاقتنا بالمملكة استراتيجية وعلاقات يستفيد الجانبان منها وتتعدى فكرة المصالح لفكرة الحاضر والمستقبل المشترك. وشدد الوزير على أن كل من يحاول أن يسيء للعلاقة بين مصر والسعودية أو أى من الأطراف الخليجية بالترويج للشائعات وإطلاق دعاوى، فهو يسعى للحد من فرص تنمية العلاقات وترسيخها. وقال شكرى: «إن المخاطر المرتبطة بالأمن القومى العربى واستقرار الأوضاع فى منطقة الخليج، والتحديات التى تواجهها المنطقة جراء الإرهاب المنتشر حاليا فى العراق وسوريا ومخاطر انتشاره بالإضافة إلى الأوضاع السياسية المضطربة فى اليمن، والتطورات، والأطماع الإقليمية المرتبطة بالمنطقة تحتم أن يكون هناك تضامن وتكاتف بين الخليج ومصر». وفيما يخص العلاقات بين مصر وقطر فى المرحلة المقبلة، قال وزير الخارجية إنه يأمل أن تكون علاقات «طبيعية ووثيقة» مثلما هى مع «كل الاشقاء العرب».