أكد باحثون فى الإسلام السياسى أن مراجعات الإخوان تجرى فى السجون منذ فترة طويلة تصل إلى 8 أشهر وعلى أساسها تم الإفراج عن حلمى الجزار القيادى الإخوانى، وأضافوا أن تلك الإقرارات تقدم بها عناصر الصف الثانى والثالث من الجماعة لأنهم غرر بهم من قيادات التنظيم، مؤكدين ضرورة تشديد الرقابة على هؤلاء للتأكد من صدق نواياهم فى إقرارات التوبة التى تقدموا بها. أكد سامح عيد المنسق عن جماعة الإخوان والباحث فى شئون الحركات أن المراجعات الفكرية مع عناصر الإخوان تجرى منذ أكثر من 8 أشهر داخل السجون مبينًا أن مصلحة السجون تلقت بالفعل العديد من طلبات المراجعة والتوبة من قبل الإخوان وقد أحدثت نوعًا من ما أسماها بالتفاهمات بين الداخلية والإخوان مؤكدًا أنه قد خرج على أثرها العديد من العناصر الإخوانية وعلى رأسهم الدكتور حلمى الجزار بعد أن تأكدوا من صدق نيتهم. وأوضح عيد أن الداخلية بدأت تتوسع فى هذه التفاهات لتكون بمثابة رسائل للكتلة الكبيرة من التنظيم خاصة للذين خارج السجون، مضيفًا أن هذه الرسائل التى تسعى الداخلية فى إرسالها إلى التنظيم بأن المعركة ممتدة ومستمرة مع الذين يتورطون فى العنف والدمار أما من يرغب فى الابتعاد عن العنف والعودة إلى حضن الوطن فهذا مرحبًا به خاصة مع الانتصارات التى تحققها القوات الأمنية ضد العناصر المخربة. وأضاف عيد أن هذا الأمر ليس بجديد فقد أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما قال «إن هناك أشخاصا نختلف معهم ولكنهم لا يؤذونا وبالتالى سوف نتجاهلهم» وبالتالى فكان لابد أن تحدث هذه التفاهمات وأن يتم الإعلان عنها مع من لم يتورط فى عنف فى ظل وجود كتلة كبيرة جدًا تمارس الإرهاب وترتبط بجماعة الإخوان مثل «أنصار بيت المقدس» و «أجناد مصر» فهذه المجموعات تتورط فى أعمال إرهابية وترتكب عنفًا عشوائيًا وهو ما دفع أعدادًا كبيرة من عناصر الإخوان أن تتخلص من المجموعات التى تقوم بهذه الأعمال ويتم إلصاق التهم بهم. التاريخ يعيد نفسه واستطرد عيد مؤكدًا أن ما يحدث نطلق عليه تفاهمات وليس نوعا من المصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية، مضيفًا أن التاريخ يعيد نفسه فقد حدث فى عهد عبد الناصر وألقى القبض على أكثر من 18 ألفا منهم وتم الإفراج عنهم وكذلك فى عهد السادات وما حدث فى حادثة المنصة وحادث أسيوط وتم إلقاء القبض على أكثر من 30 ألفا ولم يتبق فى النهاية إلا 20 شخصًا وتم الحكم بالإعدام على 5 فقط والباقى حكم عليه بالمؤبد وكذلك حدث فى عهد مبارك وبالتالى فلابد من وضع حلول للموقف. وحول كون هذه المبادرات نوعًا من أنواع المناورات الإخوانية شدد عيد على ضرورة قبول الدولة بهذه الحلول أو المراجعات، مشيرًا إلى صعوبة القبض على كل هذه الأعداد خاصة أن الدولة انتصرت سياسيًا ونخوض المعركة أمنيًا وستنتصر مشيرًا إلى أن هذه المراجعات حققت فى التسعينيات غرضها والغالبية العظمى من الذين تم مراجعتهم فكريًا عادوا إلى رشدهم وأصبحوا من عقلاء المجتمع وهناك أمثلة حية مثل كرم زهدى وناجح إبراهيم وهذا بخلاف عاصم عبد الماجد وطارق الزمر اللذين عادا للعنف وذلك بسبب إغراءات الإخوان أثناء توليهم الحكم. وأشار سامح عيد إلى أن التنظيم الدولى للإخوان يمارس تحركاته فى أضيق الحدود وأصبح يبتعد عن التورط فى العنف لافتًا إلى أن الرسالة الأصلية للتنظيم الآن هى التسكين والتهدئة أما العمل الثورى فهو متروك للكتل الشبابية ولها مطلق الحرية. مؤكدًا أن التنظيم أصبح لا يعلن مسئوليته عن العنف وإنما بدأ يدين تلك الأعمال الإرهابية. هيكلة التنظيم من جهته أكد صبرا القاسمى المحامى والقيادى السابق فى تنظيم الجهاد على إجراء تلك المراجعات منذ أكثر من 8 أشهر موضحًا أن هذه المراجعات شقان، مبينًا أن الشق الأول هو أن هناك مراجعات عكسية تعد خطوة للأمام وليست للعكس وهى التى ظهرت من خلال الرسالة التى صدرها المرشد العام لجماعة الإخوان بإعادة هيكلة التنظيم داخل مصر بموافقة التنظيم الدولى موضحًا أن الهيكلة تشمل وجود قيادات شبابية تتولى إدارة الجماعة وإدارة الصراع مع الدولة. فى ظل تراجع عدد كبير من قيادات وشباب الجماعة وعودتهم إلى حضن الوطن بعد إجراءات مراجعات سابقة مع أنفسهم عندما اكتشفوا أن هذا الصراع الذى تخوضه هذه الدولة هو من أجل مصالح الجماعة ومن أجل مصالح مادية ومن أجل وهم العمل السياسى ووهم عودة مرسى. وقد ساعد على هذا التراجع وقوف الشعب المصرى ضد هذه المحاولات، مشيرًا إلى أن هذا التراجع يختلف عن التراجع الذى حدث فى الثمانينيات والتسعينيات وذلك لتلوث أيدى الجماعة بالدماء بحق الشعب المصرى وليس الجيش والشرطة فقط. وأضاف أن الأعداد التى انضمت للجماعة انضمت لمجرد الاقتناع بالفكرة وليس لتتلطخ أيديهم بدماء المصريين وعندما وصلوا إلى هذه المرحلة وتم إلقاء القبض عليهم راجعوا أنفسهم وأعلنوا توبتهم وهم ينتظرون الرأى القانونى للإفراج عنهم. وحول علاقة الأمر بقرارات الإعفاء عن بعض المسجونين فى ذكرى 25 يناير أكد القاسمى على عدم وجود علاقة بين الذكرى والقرار، مضيفًا أن الدولة المصرية قوية ولا يفرق معها 25 يناير أو غيره موضحًا أن يوم 25 سيكون احتفالًا وبهجة للمصريين وسيمر مرورًا عاديًا إلا أنه قد يشمل بعض المنغصات. مناورة إخوانية وحول كون المراجعات مجرد مناورة أكد القيادى السابق بتنظيم الجهاد أن نفس المساحة الزمنية تم اتخاذها مع الجماعة الإسلامية والجهاديين عندما رفضت الدولة فى البداية وعندما تأكدت من حقيقة نواياهم تم دراستها واتخاذ قرار فيها وقد أفرزت أمثلة عديدة للاعتدال والوسطية مشيرًا إلى أن هذا الأمر يعود إلى الدولة فإذا اكتشفت أنها مناورة سترفضها وإذا ثبت حسن نواياهم فعليها أن تتفاعل مع هذه المبادرات، مضيفًا أن نجاح الدولة سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا ساعد فى تقويم هؤلاء الاشخاص فضلًا عن مرور أكثر من سنة ونصف والشعب يرفض كل هذه المحاولات للعودة ويقف بجوار حكومته والجيش والشرطة، فى حربهم ضد الإرهاب وأصبح هؤلاء الأشخاص ملفوظين من قبل أسرهم وأهاليهم وهذا ما يدفع الواحد منهم للتفكير فى الطريق الذى يسير فيه وأن يشعر بمدى الجرم الذى يرتكبه بحق وطنه وأسرته وحكومته مشددًا على أن رفض الشعب للإخوان أقوى من المراجعات الفكرية نفسها فى تقويمهم وعودتهم إلى حضن الوطن. وأشار القاسمى إلى أن هذا الأمر يعد بداية سلسلة من الأعمال الإيجابية وخطوة فى الاتجاه الصحيح. موضحًا أن التاريخ يعيد نفسه إلى ما قبل 54 سنة عندما تراجع الإخوان عن العنف وأصدر الهضيبى كتاب «دعاة لاقضاة» ولم تنفه الإخوان وتفاعلت معه مطالبًا الدولة بأن تدفع فى هذا الاتجاه خاصة أنهم فئة من المجتمع المصرى قد تختلف مع الدولة بعيدًا عن العنف والدماء. المراجعات ضرورة من جانبه شدد القيادى السابق فى جماعة الإخوان الدكتور كمال الهلباوى على ضرورة هذه المراجعات الفكرية خاصة مع القيادات والعناصر الإخوانية التى لم تتلوث بشىء من العنف بعيدًا عن الذين اجتمعوا مع عاصم عبد الماجد فى رابعة العدوية واستمعوا إلى المتشددين والتكفيريين وتلوثت أفكارهم وابتعدوا عن السلمية . وشدد الهلباوى على ضرورة أن تتم هذه المراجعات من خلال حوار ممتد بين هؤلاء وعدد من علماء الدين والفكر والقيادات الأمنية، مؤكدًا أن هذه المراجعات تستغرق وقتًا طويلًا وليس بهذه السهولة خاصة مع القيادات والصفين الأول والثانى فى التنظيم. فض الاشتباك أما المنشق عن جماعة الإخوان الإرهاربية إسلام الكتاتنى فقد طالب بضرورة التفريق بين التسلسل القيادى فى الإخوان والرجوع إلى المتهم الرئيسى الذى يعطى الأوامر وبين الأدوات التى تقوم بتنفيذ هذه التوجهات. وأشار الكتاتنى إلى أن خيرت الشاطر هو الرئيس المباشر الذى يدير التنظيم من خلال الصف الأول الذى يقوم بتوجيه الصف الثانى ثم الثالث وبالتالى فالصف الثانى فى الإخوان هو من يتحمل فاتورة الأهداف التى يسعى إليها التنظيم وهو الذى يتم القبض عليه فى المظاهرات على الرغم من أن صلته بالإخوان قد لا تكون قوية ولا تمر عليها عام أو متعاطف وبالتالى فهذه العناصر هى من أصبحت فى المواجهة المباشرة مع الدولة أما الصف الثانى والثالث من الإخوان فهم بعيدون عن هذه المواجهات وبالتالى وجدوا أنفسهم فى مأزق مما مادفعهم إلى تقديم طلبات المراجعة بعد الإحساس بخطأ ما يرتكبونه من أعمال عنف وأوضح الكتاتنى أن السلطات الأمنية رأت ضرورة فض الاشتباك ودراسة مدى جدية هذه الطلبات ومدى صدق نواياهم على أن يتم ذلك تحت المراقبة والملاحظة، خاصة أن هؤلاء ارتكبوا جرمًا صغيرًا مقارنة بالمتهم الرئيسى، وهم قيادات الصف الأول والثانى الذين يغررون بهؤلاء الشباب» مشددا على ضرورة أن يتم محاسبة هذه القيادات كل على حسب الجرم أو الخطأ الذى ارتكبه. كما شدد على ضرورة أن يتم التعامل مع هذه المراجعات بما يتناسب مع درجة قربه وصلته بالإخوان فالجماعة درجات مختلفة منها الإخوانى والمتعاطف والمحب والملتزم والمنتسب والأخ العامل والقيادى والإدارى ومكتب الإرشاد والمحافظات. ثورة داخل التنظيم وكشف الكتاتنى عن وجود ثورة داخل التنظيم ضد القيادة الحالية بالتوازى مع تجربة الإخوان فى تونس والتى كانت أكثر اعتدالا من التجربة المصرية، موضحا أن راشد الغنوشى يدعم هذا التوجه.. مشيرا إلى أن الغنوشى فى تونس له كلمته فى التنظيم على مستوى العالم. مضيفا أن كتلا كبيرة فى التنظيم تدعو إلى ثورة ضد القيادة الحالية وتطالب بقيادة جديدة معتدلة أمثال د. حلمى الجزار وعمرو دراج ومحمد على بشر. وأوضح الكتاتنى أن قرارات الإفراج التى أعلن عنها الرئيس السيسى بمناسبة 25 يناير سوف تشمل عددا من الإخوان الذين قاموا بعمل مراجعات فكرية والذين تم الحكم عليهم وقضوا نصف المدة وثلاث أربع المدة. تشديد الرقابة من جانبه شدد الشيخ صبرى عبادة وكيل وزارة الأوقاف علىضرورة ألا تنفك الرقابة عليهم حتى يثبتوا فعلا أنهم صادقون فى مراجعاتهم وينخرطون فى العمل العام.. خاصة، أن هذه الجماعات اتخذت من المكر والخديعة منهجا فى حياتهم وفى مخادعة المصريين. كما أكد أنهم شربوا من مشارب قذرة عن مفهوم الوطن والمواطنة.. موضحا أن هذه الجماعة كانت تعتبر الوطن مأوى فقط. وأكد على عدم رفضه للنظر ودراسة هذه المراجعات خاصة مع الشباب المغرر به. مطالبا بضرورة أن تعتمد هذه المراجعات على المكاشفة والمصارحة من خلال لقاءات مفتوحة مع هؤلاء وعلماء الدين فى الأزهر الشريف وبالتنسيق مع وزارة الأوقاف حتى لا تتم بدون هذه الإجراءات ويعود هؤلاء للإضرار بالوطن مرة أخرى. ومن جانبه أوضح الشيخ عيد الكيلانى وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد والدعوة أنه من حيث المبدأ فلا مانع من هذه المراجعات الفكرية وفقا لقول الله تعالى چ? ? ? ? ? ? چ فإذا كان هذا حال الرسول مع المشركين فما حال المسلمين ببعضهم البعض؟! مضيفا أنه إذا كانت النية صادقة والعزيمة قوية والضمانات كافية فلا بأس لها حتى نجنب المجتمع ويلات العنف والتخريب ونحمى الاقتصاد من الانهيار. وأكد الكيلانى على وجود تنسيق بين هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف وبين القيادة الأمنية فى دراسة هذه المراجعات خاصة أنها تعتمد على المناقشة فى الفكر مضيفا أن هذه الجماعة حدث لديها خلل فى فهم النص الدينى فهناك العديد من يفهم النص بظاهره على عكس أهل العلم الذى يفهم النص بعد الاستدلال والمراجعة. ورفض وكيل وزارة الأوقاف أن يطلق على هذه المراجعات فى وسائل الإعلام اسم التوبة.. مضيفا أن هذا الكلمة اسم رنان قد تكون قاسية ولها تأثير عكسى فى الإحساس بالذنب داعيا إلى تسميتها بالمراجعة الفكرية أو تصويب الفكر فى العقل من خلال المتخصص والدارس لكى يشرح له مدلول النص فيعود إلى الإسلام الصحيح من خلال الفكر الصحيح. أفلح إن صدق من جهته رفض الدكتور عفت السادات رئيس حزب السادات الديمقراطى أن يتم الإفراج عن هؤلاء أشخاص الذين تقدموا بطلبات مراجعة فكرية وتوبة قبل المحاسبة. مؤكدا أن مسألة التوبة والمراجعات تحتاج إلى وقت طويل للاطمئنان وليس مجرد إجراء شكلى مشددا على ضرورة الملاحظة بعد المحاسبة حتى تطمئن قلوبنا لهذه المراجعات. واستطرد السادات قائلا «أفلح إن صدق الإخوان إخوان سواء كان له سنة فى الإخوان أو من القيادات كلهم ارتكبوا أعمال عنف وبالتالى لابد أن يحاسبوا ثم يتم الإفراج عنهم ويتحطوا تحت الملاحظة حتى يصححوا أنفسهم مش مجرد لكسب التعاطف علشان نطمئن».