ليبيا تحترق ..ربما يكون هذا هو التعبير الأقرب للواقع الذى تعيشه ليبيا فى الفترة الأخيرة حيث استعادت مليشيات فجر ليبيا قوتها وغيرت من استراتيجيتها فاتخذت عددًا من المحاور التى من شأنها تقوية جبهتها ولتصبح طرفًا فاعلًا ومؤثرًا وتمثل ذلك فى حرق النفط الذى يعد أهم موارد ليبيا وكذلك ضرب مجمع الحديد والصلب كما اتخذت من السيطرة على بعض المواقع المؤمنة مخازن لتخزين السلاح والاستعانة بقوات خارجية لمساندتها بالإضافة إلى توجهها إلى قتل الرعايا المصريين فى ليبيا للضغط على مصر لايقاف دعمها للحكومة الشرعية. عملية «الشروق لتحرير الحقول النفطية» هو الاسم الذى أطلقته مليشيات فجر ليبيا على محاولة السيطرة على مرافئ النفط الليبى والتى بدأت الأسبوع الماضى عندما أطلقت صاروخا على صهاريج لتخزين النفط فى ميناء «سدرة» شرق ليبيا مما تسبب فى اشتعال النار بها وامتداد لهيبها إلى خزانات النفط تباعا والتى يبلغ عددها 19 خزانا وتسببت الهجمات فى انخفاض إنتاج ليبيا من النفط بمقدار 200 ألف برميل مقابل 800 ألف برميل قبل الأزمة وهى كمية لا تلبى حتى متطلباتها من الاستهلاك المحلى وقد هددت مليشيات فجر ليبيا المرفأ من البحر والصحراء، مما دعا السلطات الليبية أن تطلب من إيطاليا التدخل والتى اشترطت وقف القتال بين الطرفين مما اضطر الحكومة اخماد الحرائق بالمجهودات المحلية وبالفعل نجحت فى إطفاء سبعة خزانات للنفط إلا أنها أعلنت بعد أيام قبول عرض إحدى الشركات الأمريكية المتخصصة فى إطفاء الحرائق مقابل ستة ملايين دولار. وقال وزير الخارجية اللليبى أن الهجوم على الهلال النفطى يعد تصعيدا يهدد الأمن القومى الليبى والعربى وأن تلك التهديدات تشير إلى أن الجماعات الإرهابية ترغب فى الوصول إلى منابع النفط . ويرى المراقبون أن وصول فجر ليبيا إلى منابع النفط قد يؤدى إلى اختلال فى ميزان القوى ومن الممكن أن تسعى أوروبا إلى تخفيف الضغط على فجر ليبيا حرصا على مصالحها. وفى المقابل هدد الجيش الليبى بقصف المنشآت النفطية بمدينة مصراتة ردا على استهداف الخزانات النفطية فى السدرة خاصة بعدما أكدت تقارير استخباراتية وجود قوات سودانية فى صفوف مليشيات فجر ليبيا وربما تكون هى التى خططت لاستهداف الخزانات النفطية فى سدرة. ومما زاد الأمر سوءًا العملية الإرهابية التى استهدفت البرلمان الليبى فى طبرق حيث وقع انفجار نفذه انتحارى مما أسفر عن إصابة ثلاثة نواب واتخذت القبائل الليبية موقفًا مساندًا للسلطات الليبية حيث اجتمعت قبائل فى برقة واتخذت قرارًا بالتصدى لفجر ليبيا ومساندة الحكومة فى حراسة المنشآت النفطية. من جانبه ناشد محمد احفاف العضو فى لجنة طوارئ التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط فى ليبيا القوات الحكومية وميليشيات فجر ليبيا تحييد منطقة الهلال النفطى أثناء الصراع الدائر بين الطرفين كما اعلنت المؤسسة الوطنية للنفط حالة القوة القاهرة فى مرفأ السدرة ورأس لانوف اللذان كانا يصدران نحو 300 ألف برميل يوميا مما تسبب فى تراجع الإنتاج الإجمالى لليبيا إلى نحو 350 ألف برميل يوميا مقابل 800 ألف قبل اندلاع الأزمة. وجاء رد فعل الأممالمتحدة مخيبا للآمال حيث اقتصر على المطالبة بايقاف إطلاق النار بين الطرفين مما دعا ممثل ليبيا فى الأممالمتحدة إبراهيم الدباشى لاتهام ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فى ليبيا برنارد دينيو ليو بأنه «تجاوز الشرعية». ويبدو أن فجر ليبيا تحاول ضرب الاقتصاد الليبى من جميع الجهات حيث أكدت الشركة الليبية للحديد و الصلب بمصراتة تعرض مقرها لقصف جوى ورغم أنه لم يسفر عن أيه أضرار إلا أنه يكشف عن نوايا فجر ليبيا و ينذر بامكانية تعرضه للهجوم مرة أخرى مما دعا الجهات العسكرية إلى اتخاذ تدابير لحماية المجمع. أما عن حال الرعايا المصريين فى ليبيا فالأمر يأخذ منحى طائفيًا فبعد قتل أسرة مصرية مسيحية على يد مليشيات فجر ليبيا تتوارد أنباء عن خطف سبعة مصريين أقباط لازالت الخارجية المصرية تتأكد من حقيقة الأمر خاصة وأن العمالة المصرية تتركز فى سرت مركز فجر ليبيا مما يثير قلق الخارجية المصرية وعلى ما يبدو أن تلك الحوادث هدفها الضغط على الحكومة المصرية لوقف دعمها للحكومة الشرعية فى ليبيا خاصة وانه فى حالة عودة العمالة المصرية من ليبيا سيتسبب ذلك فى تفاقم مشكلة البطالة فى مصر. وازاء هذه الأحداث وارتفاع وتيرة الاشتباكات تضاعف عدد العائلات الليبية اللاجئة إلى تونس عبر معبر رأس جدير الحدودى بين البلدين مما ينذر بحدوث مأساة إنسانية جديدة تضاف إلى الكوارث التى تحيط بليبيا.