«انقلاب مفاجئ ومن جانب واحد» هذا هو التعبير الأنسب لوصف تقرير الاتحاد الأوروبى الصادر فى الدورة 27 لمجلس حقوق الإنسان والمعادى لمصر والذى يبدى فيه القلق عن زعمه بعدم توفر الحقوق الأساسية للمصريين خاصة فيما يتعلق بالتعبير عن الرأى وتدهور أوضاع حقوق الإنسان والاعتقال العشوائى للنشطاء السياسيين، بالإضافة إلى التقرير الصادر عن البرلمان الأوروبى والذى أعلن فيه رفضه إرسال بعثات مراقبين للانتخابات البرلمانية فى مصر بزعم أن الانتخابات الرئاسية السابقة لم تستكمل المعايير الدولية، بالإضافة إلى مطالبته بالافراج عمن وصفهم ب «معتقلى الرأى» وأن الحكومة المصرية تمارس العنف ضد كل المصريين خاصة نشطاء السياسة، فضلًًا عن التشكيك فى الخريطة السياسية فى مصر وعن عدم قدرتها للخروج من النفق المظلم الذى تعيش فيه وقد نص تقرير البرلمان على قلقه الشديد من القيود المفروضة على الحقوق الأساسية، لا سيما حرية التعبير وتشكيل الجمعيات والاجتماع والتعددية السياسية وسيادة القانون». وقد أرسلت مصر وفدا من النشطاء لمجلس حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبى برئاسة د. منى ذو الفقار و د. حافظ أبو سعدة فى محاولة لتصحيح الصورة، كما أرسل مكتب الإخوان المسلمين فى أوروبا وفدا إلى الاتحاد الأوروبى يحمل ملفا يدعى فيه ما يتعرضون له من تعذيب داخل السجون المصرية ومن اضطهاد سياسى داخل البلاد. وقد استنكرت الخارجية المصرية التقرير الصادر عن البرلمان الأوروبى وأوضحت أن هذا التقرير تضمن مجموعة من الادعاءات والمغالطات التى تثبت أنها غير مبنية على دراسات واضحة للأوضاع الحقيقية فى مصر، مضيفًا أن تلك السياسة الجديدة التى يتبناها البرلمان لا تخدم العلاقات بين الطرفين. وفى هذا السياق قال الخبير الاستراتيجى حسام سويلم إن التقرير الأوروبى شهد مجموعة من المغالطات الكبيرة فى حق الشعب المصرى والتى تثبت أنه مبنى على أكاذيب وليست حقائق واقعية يمكن الاستناد إليها، مشيرًا إلى أن التقرير يؤكد الشكوك فى رغبة أوروبا فى عودة مصر مرة أخرى لدوامة العنف والإرهاب وكأنه صادر للدفاع عن جماعة الإخوان، خاصة فى هذا الوقت ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية ومن المؤكد أن هذا التقرير استند على إحصائيات الإخوان خاصة مع زيارة وفد منهم الاتحاد الأوروبى قبل صدور هذا التقرير باسبوع واحد. وتابع: كيف لأى كيان أن يطلب من دولة أخرى الإفراج عن معتقليها إذا فأنا أطالب أمريكا الإفراج عن كل المعتقلين الموجودين داخلها هل هذا يصح؟ بالإضافة إلى أن كل السجناء الموجودين داخل السجون المصرية تم إيداعهم وفقًا لأحكام القانون والدستور، لذا فالتقرير يعد تشكيكًا فى نزاهة القضاء، ويتضمن الرغبة فى الافراج عن معتقلى الإخوان المسلمين. وأضاف: كما أن الأمر يعتبر تطاولًا وتدخلًا فى شئون مصر الداخلية، مستنكرا قلق البرلمان الأوروبى على الأوضاع الداخلية المصرية وعدم الحديث عن الاوضاع فى سوريا وفلسطين وغيرها من الأوضاع العالم بأكمله ولم يصدر تقرير يدين أيًا منها. ومن جانبه أشار أيمن عبد الوهاب الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية إلى أنه من الواضح عدم حيادية هذا التقرير، حيث يخفى نوايا واضحة ضد عودة قوة مصر والتى تغضب الكثير الآن، مشيرًا إلى أن الأمور تسير على ما يرام وهو مالا يروق للبعض فلابد من زعزعة الأوضاع خاصة مع تحضيرات مصر للمؤتمر الاقتصادى. وقال: إن مصر تعرضت لمؤامرة غير محكمة بدأت بتولى الإخوان المسلمين ولكنها لم تستمر كثيرا لوعى الشعب المصرى الذى أقام ثورته الثانية وأطاح بهم ثم تجلت تلك المؤامرة بحرب الشوارع التى تدار الآن ضد مصر من خلال التفجيرات التى تقام هنا وهناك والتى تهدف الى فقد قوات الأمن قدرتها على التركيز وذلك مع تعدد المواقع المستهدفة والتى استطاعت القوات إلى حد ما الحفاظ عليها فأصبح الأمر أكبر مما كان فصدر هذا التقرير بهدف تشويه صورة مصر خارجيا خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية والتشكيك فيها مسبقا قبل إقامتها وبذلك فهى تعطى المجال للإخوان المسلمين لاستغلال هذا التقرير والتشكيك فى الانتخابات والاستعطاف للإفراج عن سجنائهم الذين يتعرضون للعنف والتعذيب حسب تعبيرهم، مضيفًا أن تلك التقارير تعتبر دعم واضح وصريح للإخوان المسلمين وانقلاب مفاجئ ضد مصر. واستنكر محمود جاد الله ناشط حقوقى ما جاء فى هذا التقرير، مشيرًا إلى وجود تدخل سافر من جانب البرلمان فى الشئون المصرية وأن ما جاء فى هذا التقرير مليء بالأخطاء وأن المجلس القومى لحقوق الإنسان يقوم بدوره فى هذا الشأن. وأكد أن الفترة القادمة ستشهد مجموعة من التحركات من جانب نشطاء حقوق الإنسان من أجل التأكد من صحة هذا التقرير من عدمه وإعلان نتائجه بكل شفافية، مؤكدًا على ضرورة ان يكون لنشطاء حقوق الإنسان دور فى هذا الشأن مع ضرورة التأكد من الجمعيات الأهلية الموجودة على الأراضى المصرية ومن أغراضها الحقيقة فمن الممكن أن ترسل تلك الجمعيات معلومات مغلوطة بنت عليها لجان الاتحاد الأوروبى تقريرها. الخارجية ترد ولم تكتف الخارجية المصرية بالرد على التقرير فقط، وإنما هناك وفد دبلوماسى تحرك للرد على مغالطات البرلمان الاوروبى بالإضافة الى مجموعة من التحركات على مستوى السفارات الموجودة فى الخارج، حيث شاركت السفيرة ماهى عبد اللطيف فى اجتماعات مؤسسة «ويلتون بارك» الخاصة بتعزيز اللجان التعهدية فى مجال حقوق الإنسان، وعرضت الموقف المصرى والتطورات الإيجابية التى تشهدها مصر فى هذا الشأن. وكانت الخارجية المصرية أعربت عن دهشتها واستهجانها إزاء القرار الصادر عن البرلمان الأوروبى، بشأن الأوضاع الداخلية فى مصر، حيث تضمّن القرار مجموعة من الادعاءات والمغالطات والاستنتاجات الخاطئة التى تعكس عدم إدراك أو دراية بطبيعة وحقيقة الأوضاع فى مصر، وعدم الارتكان إلى إرادة الشعب المصرى، باعتباره المصدر الوحيد للسلطة والقاضى بما يُتخذ من إجراءات، تحقيقاً لمصلحته، وإصراراً على تبنى منهج أحادى لا يخدم مصلحة تدعيم العلاقات الثنائية بين مصر والاتحاد الأوروبى. ومن جهه أخرى نفى سفير الاتحاد الأوروبى فى القاهرة جيمس موران أى علاقة للاتحاد بالبيان الصادر عن البرلمان الأوروبى بشان الانتهاكات فى مصر، ودعوتها للافراج عن سجناء الرأى، بمن فيهم الإخوان، مضيفًا أن «الاتحاد الأوروبى ليست له علاقة بالبيان الصادر عن البرلمان الأوروبى مؤخرًا بشأن الانتهاكات فى مصر، والبرلمان الأوروبى سلطة مستقلة ولها أفكارها الخاصة ولا تتعلق بسياسات الاتحاد الاوروبى الذى يدعم مصر». وأكد «موران» أن الاتحاد الأوروبى سيشارك فى مراقبه الانتخابات البرلمانية المقبلة وأوضح أن المشاركة ستكون ضعيفة بسبب ضيق الوقت، ولن تكون مثل الانتخابات الرئاسية الماضية التى ساهم الاتحاد الأوروبى فيها بشكل كبير.