كتب : محمد محمود ..... ظهرت فى الآونة الأخيرة نوعية من الأغانى أطلقوا عليها اسم «المهرجانات الشعبية» والتى تتسم بالموسيقى الصاخبة والكلمات الهابطة والرقصات الغريبة التى تصاحبها. وفى دراسة حديثة تناولت هذه الأغانى ثبت خطورتها على الأطفال والشباب كونها لا تنمى مواهب الأطفال ولا تساعد على ظهور فنانين ومبدعين من هذا الجيل الذى يستمع إلى المدفعجية والعصابة وديزل وحريقة. ففى المؤتمر التاسع لكلية التربية الموسيقية جامعة حلوان الذى عقد مؤخرا تحت عنوان «مستحدثات الفكر الموسيقى وأثره على المجتمع» تم مناقشة العديد من أوراق العمل والأبحاث منها ورقة عمل بعنوان «ثورة مهرجان الأغنية الشعبية المعاصرة وأثرها على الذوق الفنى للأطفال» تقدمت بها د. منال محمد على أستاذ الصولفيج والإيقاع الحركى والارتجال بالكلية والتى أكدت فى لقائها مع أكتوبر أن الأغنية الشعبية الجميلة التى نعرفها غناها فنانون عظام ذوو موهبة وبصمة منهم محمد رشدى وعبد المطلب وليلى نظمى ومحمد العزبى كان لها هدف ومازلنا نذكرها ونرددها حتى يومنا هذا، أما الأغانى الشعبية التى سمعها الآن والتى انتشرت بصورة كبيرة مؤخرا، فلا تحمل قيما وتحمل ألفاظا دخيلة على لغتنا ومجتمعنا، كما يصاحبها رقصات غريبة وحركات بالأيدى يؤديها الجميع وكأنهم تدربوا عليها، مما يشوه الأغنية الشعبية ويسىء لمجتمعاتنا. وأضافت: هذه الأغانى تلعب دورا سلبيا فى تشكيل الفكر المعرفى والإحساس والوجدان لدى الأطفال، فمن خلال الدراسة التى قامت بها لاحظت أن هذا النوع من الأغانى يجذب انتباه الأطفال فى المراحل العمرية المختلفة بدءا من سن ما قبل المدرسة وحتى المرحلة الثانوية وفى حوار معهم عن سبب حبهم لمثل هذه الأغانى كانت إجاباتهم أنها جميلة تتميز بالضجيج والموسيقى العالية وتساعد على الفرفشة والانبساط والرقص وأنهم لا يهتمون بالكلمات أو الألحان ولكن المهم هو الإيقاع السريع الذى يصاحبه رقص غريب ليس له معنى، وعندما قلت لهم إن هناك أغانى ذات إيقاع سريع وكلمات ولحن جميل لبعض المطربين المشهورين مثل عمرو دياب وإيهاب توفيق كانت الإجابة أنهم يفضلون النوعية الأخرى فهى تهدئ أعصابهم، خاصة أن هناك ضغوطا كبيرة يتعرضون لها نتيجة ما يحدث فى البلد وأن هذه الأغانى تخرجهم من «مود» التوتر. وتتعجب د. منال قائلة هكذا أصبح الضجيج الذى يعتبر تلوثا سمعيا شيئا جميلا يريح الأعصاب بالنسبة للشباب مضيفة: بالرغم من أن الأبحاث أثبتت أن هذا الضجيج وما يصاحبه من انفعالات يؤثر على حاسة السمع وعلى ضربات القلب وقد يؤدى إلى سكتة قلبية، كما أن هذه الأغانى الرديئة الهابطة لن تساعد الطفل على تنمية موهبته أو أن يظهر من هذا الجيل فنان أو مبدع وهو يستمع ويشاهد فرقا غنائية بأسماء العصابة والمدفعجية والدخلوية ومطربين أمثال ديزل وكنكة وأوكا وأورتيجا وبيشا ومحمد حريقة، فلكى يتذوق الأطفال الجمال يجب أن نبعد عنهم كل ما هو قبيح ونحن لا نطالب هؤلاء المغنين بالتوقف عن الغناء ولكن لابد أن يختاروا الكلمات الجميلة الهادفة والألحان الراقية. وتابعت: من الغريب أن بعض القنوات الفضائية تهتم كثيرا بتلك الأغانى الشعبية المعاصرة وتنشرها بشكل سلبى وتستضيف من يغنيها فى البرامج التليفزيونية ليتحدثوا عن أنفسهم. وأشارت منال إلى أن السبب فى انتشار هذه الأغانى هو الغياب الشديد للرقابة التى يجب أن يكون لها دور فى منع هذه الأغانى، كما أن الأسرة عليها دور فى توعية أبنائها وتوجيههم لسماع الأغانى الراقية، وطالبت بوجود نقاد متخصصين على أعلى مستوى يقيمون ما يحدث فى الحياة الموسيقية المصرية ومتابعة الأغانى الكثيرة التى ليس لها هدف ولا موسيقى جيدة. وأضافت: إلى جانب ظهور هذه النوعية من الأغانى فقد حدث أيضا تشويه للأغنية الشعبية الجميلة التى طالما رددناها فى الصغر مثل أغنية «يا حضرة العمدة» و «على رمش عيونها» للمطرب الرائع الجميل وديع الصافى والتى تم عرضها بصورة سيئة فى فيلم القشاش، فقد أصبح الاهتمام والتركيز علىالراقصة التى تصاحب هذه الأغنية وليس مع الكلمات أو اللحن كذلك تم تشويه أغنية الأطلال للسيدة أم كلثوم. وفى نهاية الدراسة دعت د. منال إلى أهمية إلقاء الضوء على الأغانى التى يستمع إليها الأطفال، مؤكدة أن ذلك مسئولية الإعلام إضافة إلى ضرورة الكف عن تشويه الأغنية الشعبية وتراثنا الغنائى الشعبى الذى أبدعه عظماء الفنانين فى مصر الحبيبة والاهتمام بالأغنية الشعبية المصرية المعبرة عن مضمون الكلمات واللحن والمراقبة الشديدة عليها مع تقديم مواد إعلامية محببة للأطفال تحقق حاجاتهم الثقافية وتهتم بالمسرح المدرسى والمسارح الخاصة بالأطفال ونقدم لها الدعم اللازم والاهتمام بتقديم التراث الغنائى المصرى لتنشئة أجيال قادرة على التذوق الجيد للموسيقى والشعور بالانتماء للوطن والارتقاء به.