خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    ارتفاع تاريخي.. خبير يكشف مفاجأة في توقعات أسعار الذهب خلال الساعات المقبلة (تفاصيل)    «البيضاء تسجل مفاجأة».. ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم الإثنين 20 مايو في البورصة والأسواق    بوتين يصدر تعليمات سريعة لوزارة الطوارئ الروسية بشأن مروحية الرئيس الإيراني    البنتاجون: لا نتوقع أن تحل القوات الروسية مكان قواتنا في النيجر    الجزيري: مباراة نهضة بركان كانت صعبة ولكن النهائيات تكسب ولا تلعب    تعليق مثير للجدل من أسطورة الزمالك بعد التتويج بالكونفدرالية    بعد تهنئة للفريق بالكونفدرالية.. ماذا قال نادي الزمالك للرئيس السيسي؟    معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    مصدر أمني يكشف تفاصيل أول محضر شرطة ضد 6 لاعبين من الزمالك بعد واقعة الكونفدرالية (القصة الكاملة)    محمد عادل إمام يروج لفيلم «اللعب مع العيال»    تسنيم: انقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية والراديو في منطقة سقوط المروحية    سوريا تعرب عن تضامنها مع إيران في حادث اختفاء طائرة «رئيسي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: الضغط الأمريكي لا تأثير له على إسرائيل    آخر تطورات قانون الإيجار القديم.. حوار مجتمعي ومقترح برلماني    مصدر أمنى ينفى الشائعة الإخوانية بوجود سرقات بالمطارات.. ويؤكد: كذبة مختلقة    اتحاد الصناعات: وثيقة سياسة الملكية ستحول الدولة من مشغل ومنافس إلى منظم ومراقب للاقتصاد    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    عمر الشناوي: «والدي لا يتابع أعمالي ولا يشعر بنجاحي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    دعاء الحر الشديد كما ورد عن النبي.. اللهم أجرنا من النار    طريقة عمل الشكشوكة بالبيض، أسرع وأوفر عشاء    أول رد رسمي من الزمالك على التهنئة المقدمة من الأهلي    الهلال الأحمر الإيراني: حددنا موقعا آخر للبحث وفرق الإنقاذ بشأن مروحية رئيسي    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق داخل مدرسة في البدرشين    جريمة بشعة تهز المنيا.. العثور على جثة فتاة محروقة في مقابر الشيخ عطا ببني مزار    نشرة منتصف الليل| تحذير من الأرصاد بشأن الموجة الحارة.. وتحرك برلماني جديد بسبب قانون الإيجار القديم    اليوم.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة بقيمة 9 مليار    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    إعلام إيراني: فرق الإنقاذ تقترب من الوصول إلى موقع تحطم طائرة الرئيس الإيراني    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    ملف يلا كورة.. الكونفدرالية زملكاوية    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    تعرف على أهمية تناول الكالسيوم وفوائدة للصحة العامة    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    الصحة: طبيب الأسرة ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    خبيرة ل قصواء الخلالى: نأمل فى أن يكون الاقتصاد المصرى منتجا يقوم على نفسه    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 20-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان يكشف حقيقة هجوم أكثر من 700 شخص على المصريين    اليوم.. محاكمة طبيب وآخرين متهمين بإجراء عمليات إجهاض للسيدات في الجيزة    اليوم.. محاكمة 13 متهما بقتل شقيقين بمنطقة بولاق الدكرور    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    مسؤول بمبادرة ابدأ: تهيئة مناخ الاستثمار من أهم الأدوار وتسهيل الحصول على التراخيص    بعد الموافقة عليه.. ما أهداف قانون المنشآت الصحية الذي أقره مجلس النواب؟    ارتفاع كبير في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 20 مايو 2024    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة أنفاق الإرهاب من غزة إلى رفح
نشر في أكتوبر يوم 09 - 11 - 2014

لم تكن المنطقة تعرف الأنفاق الحدودية حتى فترة قريبة، ولم تكن الأنفاق سبب أزمة بالنسبة للحكومة المصرية خلال السنوات الأولى لاكتشافها، إلا أنها تحولت إلى تهديد للأمن القومى المصرى بعد أن أصبحت بوابة للعناصر التكفيرية والإرهابية للوصول إلى أرض سيناء وفى ظل تزايد أعداد الأنفاق إلى أكثر من 2000 نفق بحسب أحد المسئولين الأمنيين فى منطقة رفح.
وقد أثارت صورة الأمين العام للأمم المتحدة داخل أحد الأنفاق فى غزة، العديد من التساؤلات حول تطور هذه الصناعة بما يهدد الأمن القومى المصرى.
فى ظل تطور صناعة الأنفاق الحدودية بين مصر وقطاع غزة وتحولها إلى صناعة رائجة تدر ملايين الدولارات على حكومة حماس المقالة فى القطاع وبعض الشخصيات، نحاول خلال السطور القادمة فى تحقيق استقصائى ضمن سلسلة التحقيقات التى تقدمها «أكتوبر» لكشف حقيقة تهديد الأنفاق للأمن القومى المصرى وكيف استطاعت الجماعات الإرهابية استغلالها لتهريب الأسلحة لعناصرها فى سيناء.
البداية كانت فى مدينة العريش، عندما قادنا القدر الأسبوع قبل الماضى إلى التعرف على أحد الأشخاص خلال زيارتنا للمدينة للتعرف على تفاصيل ما حدث فى كرم القواديس، رجل فى نهاية الأربعينيات رفض ذكر اسمه حتى أقنعناه بأننا سنذكر الاسم الأول فقط «محمود»، لا يتحدث إلا إذا طلب منه،يحمل الجنسية الفلسطينية ويعمل فى أحد الفنادق ليقودنا إلى تفاصيل صناعة الأنفاق وما يحدث تحت الأرض فى هذه المنطقة الحدودية المهمة البوابة الشرقية لمصر.
اتفق معى فى البداية على أن رسوم العبور من أحد الأنفاق سوف يكلفنى 1000 دولار حاليًا بعد أن كان قد وصل إلى 70 دولارًا فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى.
تحدثت معه على أننى لا أريد العبور ولكن أريد فقط التعرف على أحد الأنفاق ولقاء أحد أصحابها أو العاملين بها، وسوف أدفع له 1000 جنيه، وافق على العرض وقال نستطيع أن ندخل أحد الأنفاق.
التقينا فى باحة الفندق صباح اليوم التالى وأقلتنا سيارة أجرة من العريش باتجاه رفح عبر أحد المدقات بعد أن تركنا الطريق الدولى العريش رفح مرورًا بالشيخ زويد.
خرجنا من الطريق المرصوف بعد 4كم من العريش وسلكنا أحد المدقات الصحراوية وفى الطريق، تعرفت منه على تفاصيل ما يحدث وكيف تحولت هذه المنطقة إلى شبكة من الانفاق لتهريب العناصر الإرهابية والأسلحة.
كانت السيارة تسير وسط الزراعات مسرعة ومع انطلاقنا من العريش قال: أنفاق غزة لم تكن مشكلة من قبل، فالحكومة المصرية كانت تعلم بها، وعندما اشتكت إسرائيل للرئيس الأسبق مبارك من الأنفاق قال لهم «النفق له فتحتين واحدة عندنا والثانية عندكم أقفلوا الفتحة الموجودة عنكم» وقد استلهم الفلسطينيون صناعة الأنفاق من أنفاق «الفيت كونج» التى حفرها مقاتلو الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام خلال حرب فيتنام مع أمريكا، والتى عرفت باسم أنفاق كوشى.
أول نفق
وكان أول نفق على الحدود المصرية الفلسطينية تم اكتشافه من قبل جيش الاحتلال عام 1983 أى بعد أقل من عام من تطبيق اتفاقية «كامب ديفيد» بين مصر وإسرائيل، وكانت الأنفاق فى تلك الفترة محدودة.
حاولت إسرائيل السيطرة عليها ومنعها وهدمها خوفا من دخول السلاح لفصائل المقاومة، خاصة مع بداية الانتفاضة الأولى عام 1987، وقبل عام 2000 كانت الأنفاق تعمل على تهريب المخدرات والذهب التى تدر أرباحا طائلة.
ومع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 بدأت الأنفاق تأخذ منحى آخر وهو تهريب السلاح لفصائل المقاومة، وازداد عددها وتوسع نشاطها، واتخذت بعض العائلات فى قطاع غزة عملية الحفر كمهنة تقوم بها لحساب أشخاص يتولون توفير المكان مقابل مبالغ مالية تصل إلى 100 ألف دولار فى البداية ووصلت الآن إلى 500ألف دولار. وأصبحت الأنفاق مصدرًا لتهريب الأسلحة بجانب العناصر الإرهابية قادمة من الشرق.
ويبلغ طول الشريط الحدودى من البحر غربًا حتى حدود عام 1967م شرقًا تقريبًا 13.8 كيلومترا، امتدت الأنفاق لتغطى 8 كيلومترات فقط من هذا الشريط، وتمتد من تل زعرب غربا حتى نهاية منطقة الجرادات شرقا، أى شرق معبر رفح، وهذه المسافة تربتها طينية وهى التى تصلح لحفر الأنفاق.
مع بداية الحصار المفروض على قطاع غزة عام 2006م، بدأت تنمو وتتوسع ظاهرة الأنفاق برفح وأصبح يهرب بها المواد والسلع بأنواعها المختلفة، لكن لم يتم إدخال المواد الأساسية «كالدقيق والأرز والزيت والبقوليات» لأن حجمها كبير وسعرها رخيص نسبيا ولا تدر الأرباح، لكن المحروقات بأنواعها المختلفة تدخل عبر الأنفاق.
زاد إنشاء الأنفاق بين عامى 2006 - 2007، بعد الغلق المتكرر للمعابر السبعة بين قطاع غزة والحصار المشدد الذى فرضته إسرائيل، بدأت فكرة حفر الأنفاق بين قطاع غزة وإسرائيل كوسيلة للمقاومة، ثم تطور الأمر مع حصار غزة وغلق المعابر إلى حفر أنفاق التهريب بين قطاع غزة ومصر، حيث تستخدم كوسيلة لحصول أهل القطاع على مستلزمات المعيشة فى وقت غلق المعابر بعد سيطرة حماس على القطاع.
بدأت حماس مشروعا لبناء متاهة من المخابئ الخرسانية تحت الأرض متعددة المداخل والمخارج مرتبطة بأنفاق تحت المناطق السكنية فى غزة، بجودة تشطيب عالية وجدران وأسقف خرسانية ومزودة بالكهرباء وغيرها من المرافق (المياه والاتصالات) اللازمة للمكوث مددًا طويلة وبالفعل نجحت حماس فى تشييد مئات الأنفاق فى قطاع غزة.
ويبلغ عدد العمال الذين يعملون بالأنفاق من 20 إلى 25 ألف عامل فلسطينى، يستثنى من ذلك من يعملون بالتجارة والنقل والتوزيع، حيث يمثلون جميع مدن ومخيمات قطاع غزة، لكن النسبة الأكبر منهم من محافظتى رفح وخان يونس، وبينهم نسبة كبيرة من الأطفال وصغار السن.
عناصر إرهابية
كما أن حركة حماس تستثمر نحو 140 مليون دولار سنويا لحفر الأنفاق، ومما سبب الازمة هو تحول هذه الأنفاق إلى تهريب السلاح إلى سيناء مصحوبة بالمواد المستخدمة فى صناعة العبوات الناسفة، ونقل كوادر إرهابية للتدريب والتأهيل فى معسكرات خان يونس ودير البلح تحت رعاية حماس المباشرة.
وتم وضع الإشراف على حفر الأنفاق ضمن اختصاصات «بلدية رفح الفلسطينية» التى تديرها حكومة حماس، وتراقب بمعرفة الأمن الوطنى المنتشر على الشريط الحدودى التابع لحكومة حماس أيضا.
وقد خصصت حماس منذ ثورة يناير 2011 وهو التاريخ الذى شهد توسعا كبيرا فى إنشاء الأنفاق وتشغيلها وحدة خاصة لحفر الأنفاق تابعة مباشرة لكتائب القسام، وتزود الوحدة الهندسية التابعة لكتائب القسام كل نفق بأطنان من الأسمنت حتى لا ينهار ويكون عريضا إلى حد يسمح بتحرك الأفراد بسهولة، وبعضها مجهز بسكك حديدية خفيفة وعربات نقل سريعة وفتحات جانبية.
وأثناء الحرب الأخيرة مع إسرائيل، حفرت أعدادًا كبيرة من الأنفاق وسلمت خرائطها للقيادة العسكرية بكتائب القسام، حيث تتم عملية الحفر بشكل سرى لإخفاء العمل عن المخابرات الإسرائيلية، ويتم حفر مداخل الأنفاق فى الطوابق السفلية من المنازل والمساجد والمدارس وغيرها من المبانى العامة.
توقف «محمود» قليلًا عن الحديث ثم أشار لقائد السيارة أن يتوقف بنا عند «تله» على جانب الطريق ولم أعلم لماذا طلب من قائد السيارة التوقف ثم استكمال السير بعد ذلك بربع ساعة قائلًا: لا تستخدم المعدات فى الحفر، لأنها تسبب ضوضاء قد تنبه جواسيس إسرائيل داخل القطاع، أو تلفت نظر المخابرات المصرية، ويتم استخدام حيل مختلفة لإزالة مخلفات الحفر من موقع النفق، ويتم تبطين النفق بجدران وأسقف خرسانية حتى لا ينهار نظرا لطبيعة التربة.
وواصل «محمود» كلامه قائلًا:إن «الحفارين» المتخصصين بحفر الأنفاق يعتادون النزول إلى باطن الأرض بعد فترة طويلة من عدم شربهم للماء، ويتم الحفر بشكل عام بواسطة جهاز ميكانيكى وليس كهربائى حتى لا يصدر الضجيج.
ويرتكز جهاز الحفر على سلسلة تشبه تلك الموجودة فى الدراجات الهوائية حيث تقوم بتحريك قطع حديدية تحفر الرمل، وأثناء تشغيل الماكينة ينام الرجل على ظهره، ويقوم بتحريك الدعامات، وحفر نفق واحد يتم فى عدة أشهر.
ومنذ أواخر 2009، طرأ تكبير وتوسيع للأنفاق تحت الأرض، لتلائم عبور السيارات، حيث توجد أنفاق تصنع من «الباطون» (بحسب لهجة سكان فلسطين وتعنى الأسمنت)، وتعبر فيها سيارات نصف نقل ممتلئة بالبضائع والمحروقات، بصورة متاحة بدون أى إزعاج من أحد.
ويبلغ حجم البضائع وتكلفة المنتجات التى يتم تهريبها من مصر إلى غزة مليار دولار سنوياً ويمكن الإشارة هنا إلى أن مواد البناء تعرف طريقها جيداً من تحت الأرض، وبصورة غزيرة إلى قطاع غزة، للدرجة التى جعلت أسعارها تنخفض بعد امتلاء القطاع منها، ففى الوقت الذى وصل فيه ثمن طن الحديد عام 2008 الواصل من الأنفاق إلى 4 آلاف شيكل، فقد انخفض ثمنه إلى النصف، ألفى شيكل.
كما أن ثمن طن الاسمنت الذى وصل 4 آلاف شيكل، انخفض لما يزيد على 75%، ووصل 900 شيكل.
مزارع الأنفاق
وصلنا إلى الشيخ زويد بعد ما يقارب 35 دقيقة فطلب منا أن ننزل من السيارة وسوف نترجل لمسافة 200 متر حيث وصلنا إلى مزرعة كبيرة بها منطقة تشوين بضائع مختلفة الأنواع، حيث يتم تعبئة السيارات التى تنقلها عبر الأنفاق إلى القطاع.
وانتظرنا لمدة ساعة بعدها أقلتنا سيارة أخرى وسط الزراعات حتى وصلنا أحد مزارع الزيتون وهى محاطة بسور من جانب الطريق وبداخلها عدد من الصوبات الزراعية التى تحوى ثلاثة أنفاقا بداخلها.
لم يتحدث «محمود» معى خلال هذا الوقت حتى لا يعلم من معنا أننى صحفى.
وصلنا إلى المزرعة وداخل الصوبة الزراعية وجدت فتحة ضخمة تسع سيارة ربع نقل دخلت فيها السيارة، وعلى بوابة النفق وقفنا حيث ذهب «محمود» إلى أحد الأشخاص على جانب النفق وتحدث معه حديثا لم استطيع سماعة أو فهمه ولكن، عندما عاد أبلغنى أنه كان يتفق معه على أن ادخل لرؤية النفق معه ولمسافة 600 متر داخل النفق الذى يشبه أنفاق المترو حيث الإضاءة والتجهيزات للتربة لتحمل اهتزازات السيارات وصلنا إلى مسافة 550 مترا فأبلغنى أننا قد تخطينا خط الحدود الدولية بين مصر وفلسطين ثم عدنا مرة أخرى حتى وصلنا إلى فتحة النفق متجهين إلى العريش فى رحلة العودة.
وقبل أن نتوجه إلى الشيخ زويد ثم العريش اتجه بنا «محمود» جنوبا بمحازاة خط الحدود حتى بلغلنا أحد الأنفاق الخاصة بتهريب المواد الغذائية حيث أحد أنفاق نقل المواد الغذائية، ليستقبلنا الشاب المسئول عن النفق مع 10 شباب آخرين يعملون فى ترتيب البضائع ونقلها إلى النفق الذى لا يزيد قطره على 150 سم، مسئول النفق دعانا للنزول إلى النفق، بعد أن رفض طلبا سابقا بالنزول إليه، وعند مدخل النفق كشف لنا عن المواد الغذائية التى تتم تعبئتها فى أكياس بلاستيكية مع إحكام إغلاقها، قبل أن يتم إنزالها إلى فتحة النفق التى تبدأ فى الانحدار بدرجة ميل 45 درجة تقريبا للأسفل، وبمجرد وضع الحمولة فى باطن النفق تنزلق للأسفل على قطعة جلد ممتدة بطول 100 متر تقريبا يطلق عليها اسم (الشياطة)، ويقف فى نهاية الشياطة عدد من أبناء قطاع غزة يتولون صف البضائع المغلفة على (شياطة) أخرى خاصة بهم، وموصلة بحبل يبلغ طوله 500 متر، وموصول بموتور كهربائى، تتم إدارته لسحب الشياطة بما عليه من بضائع، وتنظم المسألة بالكامل عن طريق أجهزة اتصال مثبتة على جانبى النفق.
متعددة الطوابق
وتعتبر أنفاق التهريب عموما أكبر وأفضل تجهيزا لتساعد على الاستخدام المستمر ونقل معدات ضخمة وسيارات،كما أن أنفاق عبور الأفراد تختلف فى التجهيز عن أنفاق السيارات.
واستكمل «محمود» كلامه لى قائلا: أشهر نفق فى هذه المنطقة هو نفق أبو شنار ويبلغ صافى ما يحققه يوميا حتى الآن 100 ألف دولار وهو نفق متعدد الطوابق ويحقق صافى ربح شهريًا بعد أجور العمال والضرائب التى تحصل عليها حماس 22.5مليون جنيه هو من أكبر الأنفاق وأشهرها فى قطاع غزة وهناك أكثر من 4 أنفاق رئيسية مازالت تعمل حتى الآن فى تلك المنطقة، ولكن من المتوقع أن تؤدى المنطقة العازلة على الشريط الحدودى إلى إنهاء مشكلة الأنفاق بين مصر وفلسطين بنسبة 80%.
شاهدنا من بعيد مدرعات الجيش متجهه إلى رفح عندما اقتربنا من الطريق الأسفلتى.. صمت «محمود» قليلًا وهو يدقق النظر إليها ويرقب اتجاهها خوفًا من أن تلاحظ سيارتنا العابرة لأحد المدقات وسط الزراعة وبمجرد اختفاء المدرعة عن الأنظار تنفس بقوة وعاد ليواصل كلامه عن الأنفاق قائلا: مع بداية شهر ديسمبر2008م أوقفت البلدية والأمن الوطنى لحركة حماس حفر الأنفاق الجديدة ربما لكثرة عددها، ثم عادت لبناء المزيد أثناء ثورة يناير.
ويصل حجم العمالة فى النفق الواحد من 20 إلى 25 عاملًا كل وردية من 6 إلى 8 عمال يعملون على إخراج البضائع والمواد والسلع من الأنفاق.
يبلغ طول النفق 1500 متر وعمق من 8 مترات إلى 30 مترا تحت الأرض.
وبعض الأنفاق نظام ( طوابق)، أى تجد نفقا على عمق 8 مترات، وتحته نفق على عمق 15 مترا، وثالثا على عمق 20 مترا، وهى أنفاق عبور الأفراد ونقل مواد البناء والأدوية.
أسهم الانفاق
وتدار الأنفاق بنظام الأسهم، فهى تجارة مربحة تدر الأموال والأرباح الطائلة وفى أقصى سرعة،ويوجد بالنفق أكثر من شريك، ويجرى توقيع العقود لدى محامين ومن خلالهم يحدد سعر كل سهم وعدد الشركاء ونظام توزيع الأرباح على المساهمين.
«أمين عين» وهى وظيفة يتولاها مصرى حيث يشرف على أعمال التهريب فى الجانب المصرى من خلال الفتحة الموجودة فى سيناء تسمى «عين النفق»، وفى الغالب يكون من سكان رفح، ويحصل على نصف أرباح النفق، ويتولى الأمين مسئولية هذه العين، وإنزال البضائع فيها والمحافظة عليها.
عملت بلدية رفح مع نهاية عام 2008، بجباية رسوم من أصحاب الأنفاق تحت مسمى (نشاط تجارى عبر الحدود)، ويدفع كل صاحب نفق مبلغ 10000 آلاف شيكل، ومن لم يدفع يمنع من استكمال حفر نفقه، أو يغلق نفقه إن كان يعمل، وتقول البلدية إن هذه المبالغ يتم جبايتها من أجل تأمين مرتبات الموظفين والعاملين بالبلدية، وسد النفقات التشغيلية للبلدية. وفى نفس الإطار تقوم شركة الكهرباء بفرض رسوم اشتراك كهرباء على كل نفق، حيث يحتاج كل نفق إلى خط كهرباء، ورسوم اشتراك الكهرباء تبدأ من 1000 شيكل ويصل المبلغ إلى 3000 شيكل، وقد تحولت غالبية الأنفاق من عمل سرى إلى عمل علنى، لكن هناك عشرات الأنفاق ذات طابع سرى، وأصبحت شبكة الأنفاق صناعة يعمل بها متخصصون، بداية من قطع الصخور، ومن يحدد وجهة النفق، والعامل، والمشرف على إخراج البضاعة، مرورا بمن يعمل على صيانة هذه الأنفاق بشكل مستمر. وتحصل عشرات المشاكل بين أصحاب الأنفاق لتداخل الخطوط بين بعضها، ويجرى حلها عبر أشخاص متخصصين بحل مشاكل الأنفاق.
ويتم نقل مواد البناء عن طريق (الشياطة)، بطول 20 مترا ومربوطة بحبل فى الجانب الآخر ويتم سحبها وكذلك حديد التسليح.
منظومة الأنفاق خاصة أنفاق تهريب الأفراد والتى تتركز من بوابة صلاح الدين وجنوب وشمال معبر رفح ما زال عدد كبير منها يعمل وقد يصل إلى أكثر من 200 نفق من المتوقع تدميرها بالكامل عقب إخلاء المنطقة الحدودية.
وتقوم القوات المسلحة بتدمير تلك الانفاق بعد أن اصبحت مصدر لتصدير العناصر الإرهابية والأسلحة إلى سيناء وتهديدها للأمن القومى المصرى لذا كان قرار إنشاء منطقة عازلة بطول 14 كم وعمق 500 متر على الحدود المصرية الفلسطينية حيث قام سكان الشريط الحدودى باستلام التعويضات وإخلاء منازلهم طواعية وتقوم القوات المسلحة بإخلاء المنطقة من المبانى، وتبلغ قيمة التعويضات أكثر من مليار جنيه حسبما ذكره الرئيس السيسى. وتستخدم القوات المسلحة ثلاث طرق لتدمير الأنفاق، أولها الغمر بالماء، أما الطريقة الثانية فهى التفجير، أما الطريقة الثالثة فهى هدم مداخل العيون بالكراكات ووضع مكعبات إسمنتية على مداخلها.
وقد تمكنت عناصر حرس حدود بالجيش الثانى الميدانى بالتنسيق مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة من اكتشاف وتدمير نفقين جديدين على الشريط الحدودى برفح ليصبح إجمالى ما تم تدميره 1825 نفقًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.