عندما صدر العدد الأول من مجلتنا أكتوبر فى 31 أكتوبر 1976 كانت عروس الصحافة المصرية التى كان ينتظرها القراء والصحفيون على أحر من الجمر.. لأنها أول مجلة قومية تصدر بعد نصر أكتوبر العظيم.. وتحمل نفس الاسم الغالى فى قلب كل مصرى. وكنت شاهدا على كل الاستعدادات والخطوات الأولى لإصدارها فى أجمل ثوب، وأفضل صحافة بعد أن أصدر الرئيس السادات قراره بتعيين الأستاذ أنيس منصور رئيساً لمجلس إدارة دار المعارف، ورئيساً لتحرير مجلة أكتوبر فى نهاية إبريل 1976. وأذكر أنه فى يوم صدور قرار السادات لم يسلم الأستاذ أنيس عموده «مواقف» لسكرتارية تحرير الأخبار كعادته كل صباح.. وفى حوالى السادسة مساء عرف الصحفيون خبر صدور القرار وبدأ محررو «آخر ساعة» يتوافدون على مكتب رئيس تحريرهم فى الدور التاسع بالمبنى القديم لأخبار اليوم.. وكانت علامات الحزن والزعل تظهر على وجوههم، وقال له الأستاذ جميل عارف مدير التحرير فى ذلك الوقت قبل انتقاله إلى أكتوبر للعمل معه.. إنه تم تعيين أحمد رشدى صالح رئيسا لتحرير آخر ساعة، فرد عليه: إننى أعرف الخبر. واستدعى الأستاذ أنيس نبيل عتمان مدير مكتبه وقال له ونحن نلتف حوله أن يقوم بجمع الكتب الموجودة فى المكتبة.. وكانت كتبًا متنوعة وأن يرسلها إلى منزله وكانت هذه أحداث الساعة الأخيرة للأستاذ أنيس منصور فى مجلة آخر ساعة. وعلمت أن الأستاذ أنيس كتب عموده مواقف فى الأهرام التى تصدر فى اليوم التالى.. وفعلا ظهر عموده فى الأهرام واختفى من الأخبار فى ذلك اليوم لأول مرة.. واستمر فى كتاباته فى الأهرام منذ ذلك الوقت.. وحتى وفاته فى أكتوبر 2011. و انتقلت معه بعد استقالتى من مجلة «آخر ساعة» لأننى كنت لا أتخيل فى يوم من الأيام أن يكون لى رئيس تحرير غيره.. أو أحرم من هذا الأستاذ الذى كان يحرص على أن يأخذ بأيدينا ونحن شباب.ومازالت نصائحه تتردد فى أذنى حتى الآن.. وأنا أجمع أوراقى للرحيل من بيتى الذى تربيت فيه!