اشتعلت شرارة الخلافات المصرية التركية بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى، المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين ثم تجددت بعد أن تطاول الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على مصر واصفا ثورة 30 يونيو بالانقلاب على الشرعية أثناء كلمته الأخيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مما ترك ردود أفعال سلبية من جانب آخر طالب خبراء الاقتصاد والعديد من الحركات والقوى السياسية بقطع العلاقات التجارية وإلغاء كافة الاتفاقيات المصرية التركية فى مجال التجارة وانتشرت مؤخراً حملات لمقاطعة البضائع التركية فى مصر. وطبقا للأرقام الصادرة عن هيئة الإحصائيات التركية بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين العام الماضى 4.83 مليار دولار، منها 3.201 مليار صادرات تركية لمصر و1.629 مليار صادرات مصرية لتركيا, أى أن الصادرات التركية ضعف الصادرات المصرية تقريبا، والمفاجأة الغريبة أن 15% من الصادرات المصرية هى فى الحقيقة سلع تركية، فبعض الشركات التركية تستغل انخفاض أسعار الطاقة فى مصر عن تركيا بفارق كبير ورخص العمالة وتنشئ مصانع صغيرة هنا لتصدر منتجاتها إلى تركيا بتكاليف منخفضة. يذكر أن معظم السلع التركية المتداولة فى الأسواق المصرية سواء المستوردة أو المنتجة فى المصانع التركية بمصر لها بدائل مصرية ومستوردة كثيرة وبأسعار متقاربة إن لم تكن أقل. يشار إلى أن اتفاق التجارة الحرة بين مصر وتركيا تم توقيعه فى27 ديسمبر 2005، وتم الانتهاء من إجراءات التصديق على الاتفاق من الجهات الحكومية بين البلدين وتم دخول الاتفاق حيز التنفيذ فى 1/3/2007، ومن أخطر بنوده إلغاء كافة الرسوم ذات الأثر المماثل والقيود غير الجمركية الخاصة بتجارة السلع بين الدولتين، كما أنه لا يجوز أن تقوم أى من الدولتين بفرض أى رسوم ذات أثر مماثل أو قيود غير جمركية جديدة. وحول وجهة نظر عدد من رجال الصناعة والاقتصاد فى هذه الأزمة قال يحيى زنانيرى رئيس جمعية أصحاب المصانع الجاهزة إن الفترة الماضية شهدت تراجعا كبيرا فى بيع الملابس والمنتجات التركية وذلك بسبب الموقف التركى من ثورة 30 يونيو. وأكد أنه كان هناك رجال أعمال بارزون بالحكومة المصرية قد طلبوا اتخاذ موقف رسمى من عمليات الإغراق التى قامت بها الحكومة التركية فى السوق المصري، والحد من انتشار السلع بكثافة حتى لا يتعرض اقتصاد مصر لمخاطر كبيرة وأكد على ضرورة أن تتعامل مصر بالمثل فى هذه الحالات. ومن جانبهم طالب مصنعو الحديد بغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، بمقاطعة استيراد الحديد التركى، ضمن حملة «مقاطعة المنتجات التركية»، التى نادى بها العديد من الأحزاب السياسية. وقال رفيق الضو، العضو المنتدت لشركة السويس للصلب إن فتح السوق المصرى أمام واردات الحديد التركى أدى إلى فقدان الصناعة المحلية أكثر من 15% من طاقتها الإنتاجية. مقاطعة عربية وطالب عصام الشريف رئيس الجبهة الحرة للتغيير السلمى بضرورة تعميم المقاطعة ليس فى مصر فقط بل يجب أن تكون على المستوى العربى مما يتسبب ذلك فى حدوث أضرار اقتصادية كبيرة على سوق تركيا، وبالتالى ستكون هناك ضغوط رهيبة من الشركات التركية ورجال الأعمال الأتراك على حكومتهم ورئسيهم لوقف أى تطاول على مصر مؤكدا على أن سعى مصر نحو خطوة المقاطعة سيقود دولا عربية وخليجية للسير على نفس النهج مما يكبد تركيا خسائر تجارية واقتصادية كبيرة لن تستطيع تحملها وقطعًا سيؤثر على المستوى السياسى. وقال الدكتور محمود عليان الخبير الاقتصادى فتح الأسواق المصرية بهذا الحجم أمام المنتجات التركية، يصب فى مصلحة «أنقرة»، موضحًا أنه من الخطأ فى الأساس الاتفاق مع تركيا لعدة أسباب، منها أن المنتجات المصرية لا يمكن لها منافسة نظيرتها التركية، لا فى الأسعار ولا جودة المنتج وهذا معناه أن تركيا المستفيد الأكبر حيث يصل حجم التبادل التجارى إلى نحو 5 مليارات دولار، نصدر فقط بمليار دولار والباقى نستورده منها. وأكد محمد بطاح عضو الغرفة التجارية بالقاهرة أن وقف التعامل التجارى مع أنقرة يصب فى مصلحتنا لأن تركيا الخاسر الأكبر، فالميزان يميل نحوها كثيرًا بأربعة أضعاف مصر، وللأسف السوق المصرية مكتظة بالسلع والسيارات والمنتجات التركية، مقترحًا التنسيق العربى فى هذا الشأن حتى تتراجع السياسة التركية وتغير موقفها من مصر. وقال بهاء أبو الليل عضو اتحاد النقابات المهنية إن مصر تعد من كبرى الدول فى الشرق الأوسط التى تستهلك المنتجات التركية، والمقاطعة ستكون بمثابة رد شعبى على ما يمارسه أردوغان ودعا معتز السيد، نقيب المرشدين السياحيين إلى ضرورة مقاطعة السياحة التركية مؤكدا أن نجاح المقاطعة لا ينجح إلا بدعوات شعبية توصيل رسالة واضحة بأن هناك غضبا شعبيا فى الشارع المصرى بسبب ممارسات رئيسهم رجب طيب أردوغان حتى يؤلم الدولة التركية ويرد لها الصاع صاعين ويثبت للجميع أن الأغلبية الساحقة للشعب المصرى تتمسك بالنظام الذى اختارته بإرادتها دون تدخل من أحد. علاقات قوية ومن جانبه أكد زكى أكنجى رئيس جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين أن مصر وتركيا دولتان صديقتان ويشتركان فى التاريخ والثقافة والاستثمار والتعاون الاقتصادى يزداد بينهم يوما بعد يوم. وقال إنه بالرغم من الركود الاقتصادى الذى حدث بعد ثورة 25 يناير نجحت مصر وتركيا فى الوصول إلى الرقم القياسى التاريخى فى التجارة الخارجية وهو 5 مليارات دولار. وقال إن الاستثمارات التركية فى مصر بلغت 1.5 مليار فى قطاعات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة وقطع غيار السيارات ويعمل بها 50 ألف مصرى». وأضاف أنه كان فى تركيا 5 آلاف و600 شركة برأس مال أجنبى، عام 2002، فى حين يبلغ عدد هذه الشركات حاليا 32 ألف شركة. خطأ استراتيجى وأشار الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادى إلى أنه سيكون خطأ استرايتجى للدبلوماسية المصرى قطع العلاقات مع تركيا بل يجب أن نفصل بين العلاقات السياسية والعلاقات التجارية بين الدول لأن الاقتصاد حلقة وصل وهناك روابط بين كافة الأطراف موضحا أن السياسة تقوم على المناورات التى لا يجب أن تختلط بالعلاقات الاقتصادية التى تقوم على المنفعة والمصلحة المتبادلة المحققة من تلك العلاقات واستفادة المستثمر المصرى من الخبرات التركية من خلال الدخول فى شراكات مع رجال أعمال أتراك ما سيحقق طفرة نوعية فى كافة الاتجاهات. وقال الدكتور محمود عليان الخبير الاقتصادى إن قطع العلاقات مع تركيا أو أى دولة أمر مستبعد، لأن هناك مصالح مشتركة بين الدولتين وقطع العلاقات قد يؤثر على تلك المصالح والتى من الممكن أن تؤثر على بعض المواطنين الذين ليس لهم أى ذنب فى تطاول الرئيس التركى.