استهدفت قوات التحالف والغارات الجوية التى تشنها الولاياتالمتحدةالأمريكية مواقع عسكرية واستراتيجية مهمة لتنظيم داعش فى سوريا، كما حددت المعلومات الاستخباراتية نقاط تمركز بعض القادة العسكريين للتنظيم ومن بينهم أبو أنس الكردى مسئول الجناح العسكرى لداعش وغيره ممن انخرط مؤخرا فى التنظيم، وقد سهلت عملية الرصد لهذه الشخصيات استيلاءهم على مناطق تقع تحت سيطرة الجيش السورى الحر، خاصة فى مناطق الرقة (عاصمة الدولة الإسلامية) للتنظيم والحسكة ودير الزور وأجزاء من ريف حلب وقد رصدت «أكتوبر» تطورات المعارك بين قوات التحالف ودقة الأهداف فى اصطياد عناصر التنظيم من خلال عنصر المفاجأة وتجنب أخطاء التجارب السابقة فى الحرب على الإرهاب، لكن تبقى المخاوف بين شعرة الحرب على داعش وتدمير مقدرات الشعوب والأضرار التى قد تطال المدنيين. وقال الرئيس الأمريكى باراك أوباما إن القتال ضد الجهاديين والمتطرفين يجب أن يكون من شقين، الأول محاصرتهم عسكريا والثانى تخفيف التوترات ضد أكبر طائفتين فى الإسلام فى العالم، السنة والشيعة. جاء حديث أوباما فى برنامج «60 دقيقة» على شبكة «سى بى إس» حيث أوضح أن المنظمات الجهادية تزدهر فى الدول التى تمر بحرب أهلية. وقال إنه من المهم خفض تلك الاحتمالات أمامهم ومنع تمويلهم، والعمل على وقف تدفق المقاتلين الأجانب، فى الوقت نفسه هناك حاجة لإيجاد حلول سياسية فى الشرق الأوسط تشمل كلا من السنة والشيعة. وتعد رؤية الرئيس الأمريكى فى هذه المرة صائبة الى حد كبير فقد نشط تنظيم القاعدة فى العراق بعد عام 2003 وهو دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى بغداد ومن ثم كانت القوات الأمريكية أهدافا مستباحة لهذه المجموعات والتى تحولت اليوم إلى مسمى جديد وهو داعش ومعروف أن قواها خرجت من السجون العراقية والسورية لاستخدامها فى الحروب الدائرة بين المجموعات السياسية حينذاك. واليوم تحاول هذه التنظيمات الجهادية أن تعمل لحسابها بدلا من الانخراط فى الحرب مع الأنظمة الحالية فى العراقوسوريا، ومؤخرًا كشفت معلومات المعارضة السورية أن داعش تستولى على كل المناطق والقرى التى يسيطر عليها الجيش الحر وبالتالى تحاول القيادة العسكرية لهذا الجيش رصد كل تحركات تنظيم داعش التى تستهدفه وتسليمها لقوات التحالف وربما للمخابرات الأمريكية التى استطاعت تحديد أهدافها منذ اليوم الأول للغارات التى استهدفت مواقع حيوية لداعش فى سوريا والتى بدأت يوم 23 سبتمبر فى تمام الساعة الرابعة وثمانى دقائق واستغرقت أيضًا حوالى ثمانى دقائق وفق معلومات من داخل سوريا حيث استهدفت حاجزا لتمركز قوات داعش فى الرقة أدى الى مقتل 80 مقاتلًا من التنظيم، إضافة لدقة المعلومات الاستخباراتية استخدمت واشنطن عنصر المفاجأة حيث أعلن التحالف أن غاراته سوف تبدأ بشن هجومها على داعش العراق لكن ما حدث أنه تم استهداف قواعد للتنظيم فى العراقوسوريا معا ثم استهدفت قوات التحالف معبر القائم الحدودى بين سورياوالعراق، إلا أن هذه الغارة استهدفت فصائل جهادية أخرى من جبهة النصرة وأحرار الشام اضافة إلى الوصول إلى أهداف لا تتجاوز 10% من قوات تنظيم داعش والذى يتخذ منطقة الرقة عاصمة لدولته الإسلامية. وتحاول واشنطن توجيه الغارات إلى كل التنظيمات ذات الصبغة الإسلامية خشية من تحالفهم مع تنظيم داعش وأملًا فى تفكيك ما يسمى بمكونات الدولة الاسلامية فى العراق والشام ومعروف أن تعداد الدواعش المقاتلة وصل حتى الآن الى 25 ألف مقاتل متمركزين فى مناطق شمال سوريا. ويبدو أن مخاوف التحالف الذى تتزعمه واشنطن تلامس الحقيقة فى رؤيتها حيث يدور الحديث عن تحالف بين قوات داعش فى سوريا وجبهة النصرة التابعة لتنظيم لقاعدة، ورغم أشهر من الاشتباكات بين قواتها وداعش، إلا أنه يبدو أن المجموعتين شكلتا ائتلافا فى أنحاء البلاد لمحاربة الهجمات المتزايدة من قبل الولاياتالمتحدة وحلفائها.. فيما هدد المتحدث باسم جبهة النصرة أبو فراس السورى دول التحالف بالانتقام. ومن جانبها، ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن قادة النصرة وداعش يعقدان اجتماعات حرب معا، دون الإعلان عن تشكيل تحالف رسمى. وعلى الرغم من تجنب واشنطن الاعلان عن كل أهدافها وتتحدث فقط عن تنظيم داعش إلا أن طائراتها استهدفت مؤخرا قوات النصرة، والتى قتل فيها خالد العنزى الذى انضم جبهة النصرة فى بداية اندلاع الأزمة السورية عام 2011، ثم انضم فى وقت لاحق إلى تنظيم داعش. وفى اتصال مع مصدر مطلع فى بغداد أوضح أن الأمور تتحسن بعد تدخل التحالف لمواجهة داعش وأكد أن المعلومات الاستخباراتية سوف تلعب دورًا مهمًا لاختيار المواقع التى يتواجد بها التنظيم والذى يستولى على بعض القرى والمدن ومن ثم يجنب الجميع أن يكون هناك ضحايا مدنيون خلال فترة المواجهة وكذلك لن يكون هناك تواجد لقوات برية، هذه الرؤية تتسق مع ما تقوم به واشنطن من تدريب للمعارضة السورية فى الأردن وقطر والسعودية للقيام بدور القوات البرية المطلوبة فى مناطق تواجد تنظيم داعش إلا أن المبالغ التى ترصدها الولاياتالمتحدةالأمريكية لتدريب وتسليح المعارضة السورية غير كافية وفق مصادر المعارضة السورية التى ترى أن مبلغ خمسمائة مليون دولار غير كافية وضئيلة جدا ولا تتناسب مع مواجهة تنظيم يمتلك قدرات وإمكانيات عالية ويهدد الأمن الإقليمى وحتى الدولى، كما أن تدريب مقاتلين من المعارضة السورية يتسق مع ما أعلنه نائب مستشار الأمن القومى الامريكى بالبيت الأبيض «تونى بينكمين» بأن العمليات التى يقوم بها التحالف الدولى ستكون مغايرة تمامًا عن ردود فعلنا السابقة تجاه أخطار مشابهة، نحن لم نرسل مئات الآلاف من الجنود الأمريكيين ولا ننفق التريليونات من الدولارات وما نقوم به هو تقوية اللاعبين المحليين بدعم منا كالدعم الجوى والمعلومات الاستخباراتية ومهام التدريب والاستشارة. هذه الرؤية الأمريكية دفعت زعيم جبهة النصرة بسوريا أبو محمد الجولانى للتهديد فى شريط صوتى مسجل تم بثه بنقل المعركة إلى الدول الغربية التى باشرت قصف مواقع جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية فى سورياوالعراق. وأضاف الجولانى: مهما حاول الغرب أن يقاتلنا من بعيد، فى إشارة إلى عمليات القصف الجوى من دون إرسال قوات عسكرية على الأرض، فإن «هذا ما سينقل المعركة لقلب داركم». ويبدو أننا لن نعيش أجواء الشتاء البارد هذا العام وأظن أن المنطقة سوف تلتهب بعض الشىء وربما ستتحول الى كرة من اللهب التى يحاول الفريقان قذفها الى اكثر من منطقة لتشتيت قوى التحالف وأيضًا استحداث أساليب ربما تشعل غضب الشعوب من ضربات التحالف بسبب استهدافهم لمدنيين عبر ما يسمى بالنيران الصديقة لكن قوات التحالف تعمل وفق آلية رصد ثبت حتى الآن دقتها فى استهداف التنظيم بقى العودة الى الرؤية المصرية التى تؤكد دوما أن الحرب على الإرهاب يجب أن تكون شاملة بحيث تستند إلى عمل فكرى ودينى واقتصادى وسياسى ومعلوماتى. وأضاف إلى ذلك أن غياب الحل السياسى والقدرة على التنفيذ فى أى منطقة يعد مكانا خصبا لانتشار العنف والتطرف والاقتتال وهو ما يحدث فى عدد من العواصم العربية.