للفلسفات الوضعية الآسيوية شبه الروحية ك(اليوجا) وغيرها تأثيرات واضحة على إعلاء الجوانب المادية والممارسات الحياتية للشعوب الآسيوية مما يكسبها صفات إعلائية تضعها فى مصاف الدول الراقية والمتقدمة رغم افتقارها فى كثير من الأحيان للأسباب والصفات المادية التى تتسم بالوفرة فى الجانب الشمالى والغربى من العالم المتقدم مما يثير الدهشة والإعجاب تجاه الشرق ويكسب أرضها غموضاً قدسياً يحير دول الغرب المتجبرة والمالكة لخيارات أكثر ولكن لا تمكنها من التفوق المطلق الذى ترغبه..!! وكان من مكتسبات الحرب العالمية الأولى والثانية وربما المكسب الوحيد هو إلقاء الضوء على طبيعة تلك الشعوب وتأتى اليابان فى مقدمتها وهى تشهد حالياً دعوات إصلاحية اقتصادية واجتماعية عملاقة متمثلة فى خطة (آبينوميكس) نسبة لبرنامج آبى الاقتصادى وقد طرحه (شينزو آبى) الفائز بدورة ثانية لرئاسة الوزراء فى الانتخابات التشريعية التى عقدت عام 2012، ويحاول شينزو من خلال خطته الإصلاحية استعادة النفوذ اليابانى المفقود فى منطقة جنوب شرق آسيا بعد أن تراجع لصالح النفوذ الصينى والروسى وتبع ذلك تضخم حجم استثماراتهما فى الدول المجاورة، وهو ما اعتبره الجانب اليابانى تهديدا لأمنه القومى وهذا يفسر سلسلة الاتفاقات التجارية التى سعى شينزو لتوقيعها خلال زياراته للهند وسيرلانكا وبنجلاديش وحاول فيها أن يستبق الزيارة التى يزمع أن يقوم بها رئيس الوزراء الصينى (شى جين بينج) أواخر الشهر الحالى للبلدان الثلاثة، وقد استغل آبى وصول (ناريندرا مودى) لرئاسة الوزراء فى الهند ورغبته فى إقامة علاقات متوازنة مع الدول المجاورة ووقع سلسلة من الاتفاقات الاستثمارية بلغ حجمها 65 مليار دولار مع الدول الثلاث كما حرص شينزو فى نفس الوقت على إحياء العلاقات التجارية مع الحليف الأسترالى لضمان الحفاظ على خطوط الإمداد بالطاقة القادمة من الشرق ومحاصرة النفوذ الصينى والروسى فى جنوب شرق آسيا. ويقول المحللون الاقتصاديون إن الصراع على النفوذ فى آسيا قد عاد للصعود خاصة بعد وصول شينزو للحكم والملقب بصقر الاقتصاد اليابانى، وعن سيرته الذاتية فقد تم انتخابه 6 مرات لعضوية مجلس النواب وشغل منصب رئاسة الوزراء لفترتين الأولى عام 2006 والثانية عام 2012 ويتوقع مؤيدوه أن ينجح برنامجه الإصلاحى فى تجديد حيوية مجتمع يعانى من نقص فى عدد المواليد وزيادة عدد المعمرين، الأمر الذى أسهم فى هروب الاستثمارات خارج البلاد بسبب تناقص العمالة الشابة وهو ما تسبب أيضاً فى تراجع الاقتصاد اليابانى للمرتبة الثالثة عالميا لحساب الاقتصاد الصينى الذى يحتل حاليا المرتبة الثانية، ويقول شينزو فى حديثه مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية إنه سيسعى لجذب المرأة لسوق العمل لمواجهة النقص فى الأيدى العاملة الوطنية وإن الاعتماد على الأيدى العاملة الأجنبية سيكون قاصراً على المجالات الخدمية فقط وإنه سيسعى لاستكمال قراراته الإصلاحية، منها خفض الضرائب ورفع الأجور وزيادة ضريبة المبيعات لحل معضلة هروب استثمارات الشركات العملاقة متعددة الجنسيات، وقد أسهمت سياسة آبى الجديدة فى زيادة شعبيته بنسبة 60% واختيار اليابان لتنظيم دورة الألعاب الأوليمبية لذوى الاحتياجات الخاصة عام 2020.