فى الثلاثين من أغسطس الماضى حلت الذكرى الثامنة لوفاة عميد الرواية العربية، وشيخها الأكبر أديب نوبل العالمى عن عمر يناهز الخامسة والتسعين «1911 - 2006». وبعد مرور هذه السنوات التى أبدع فيها محفوظ إنتاجه، وبعد مرور هذه السنوات على وفاته كان وسيظل هذا الإبداع معادلا لروح حكماء مصر القديمة التى عشقها محفوظ وتشرب أصالتها ونضج بجوهر حضارتها أقدم حضارات الأرض. بلزا بلزاك العرب أنعش وجداننا ب 52 رواية ك العرب أنعش وجداننا ب 52 رواية ابن مصر نجيب محفوظ السيرة التى خلدها الإبداع ولد نجيب محفوظ فى 11ديسمبر سنة 1911م فى حى الجمالية بالقاهرة عمل أبوه موظفا وكانت أمة فاطمة مصطفى ابنة أحد علماء الأزهر ، التحق بمدرسة بين القصرين وحصل على البكالوريا من مدرسة فؤاد الأول الثانوية تخرج فى كلية الآداب قسم الفلسفة سنة 1934 إلا أنه بدأ رحلته كمترجم وكاتب سنة 1930 عندما عمل محررا فى مجلة «المجلة الجديدة»التى كان يصدرها الكاتب سلامة موسى وكانت أول مقالاته بعنوان «اختصار معتقدات و تولد معتقدات» ثم أصدر أول أعماله مصر القديمة سنة 1932 ثم مجموعته القصصية همس الجنون سنة 1938. عمل نجيب محفوظ فى عدد من الوظائف الرسمية حيث عمل سكرتيراً برلمانياً بوزارة الأوقاف من 1938 حتى 1945 ، ثم انتقل للعمل بمكتبة الغورى بالأزهر، ثم نقل للعمل مديراً لمؤسسة القرض الحسن بوزارة الأوقاف حتى عام 1954 ومن ثم تدرج فى مناصبه فعمل مديراً لمكتب وزير الإرشاد، ثم مديراً للرقابة على المصنفات الفنية فى عهد وزير الثقافة ثروت عكاشة، وفى عام 1960 عمل مديراً عاماً لمؤسسة دعم السينما، بعدها عمل مستشاراً للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتليفزيون عام 1962، ثم عين رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما فى أكتوبر 1966 إلى أن أحيل نجيب محفوظ إلى التقاعد فى عام 1971 مما جعله ينضم إلى مؤسسة الأهرام وعمل بها كاتباً وقد تزوج نجيب محفوظ فى عام 1954 وأنجب بنتين هما أم كلثوم، وفاطمة. ترك نجيب محفوظ قبل رحيله 52 عملاً روائياً من أشهرها همس الجنون وعبث الأقدار ورادوبيس والقاهرة الجديدة، خان الخليى، زقاق المدق، بداية ونهاية، الثلاثية: بين القصرين وقصر الشوق والسكرية وغيرها. فى العام 1994، تعرض محفوظ لمحاولة اغتيال من قبل المتشددين الإسلاميين أدت إلى اصابتة بطعن فى الرقبة وترك الحادث أثره على يده اليمنى بعدما أصاب السكين عصباً داخلياً، ومكث فى المستشفى سبعة أسابيع، واضطر بعدها للاستجابة لإلحاح أجهزة الأمن المصرية فلازمه أحد الحراس لحمايته. روايات محفوظ التى تحولت إلى أفلام سينمائية بداية ونهاية واللص والكلاب وزقاق المدق و بين القصرين والطريق وخان الخليلى والقاهرة 30 والسكرية والسمان والخريف والفتوة وميرامار والسراب وثرثرة فوق النيل وغيرها وأهل القمة والحرافيش والتوت والنبوت والشيطان يعظ إلا أن محفوظ يقول «إن الثلاثية وأولاد حارتنا والحرافيش هم أحب أعماله إلى نفسه». أشهر شخصيات نجيب محفوظ هى شخصية « سى السيد» و «الست أمينة» وشخصية «فرج» و شخصية «عبد الدايم». حصل محفوظ على عدة جوائز منها جائزة قوت القلوب الدمرداشية سنة 1943 وجائزة وزارة المعارف ومجمع اللغة العربية وغيرها وكان آخرها جائزة نوبل للأداب عام 1988. وصدر مع عدد شهر أغسطس من مجلة الهلال المصرية، رواية مجهولة لمحفوظ عنوانها «الأحدب»، كتبت العام 1927 ويقول منير مطاوع، كاتب مصرى مقيم فى لندن، إن تلك الرواية ألَّفها نجيب محفوظ وهو فى السابعة عشرة من عمره وأحداثها مستمدة من أجواء حياة المصريين القدماء وحضارتهم، مثل روايتيه المبكرتين كفاح طيبة ورادوبيس ثورة أبدية وفى إطار احتفالات وزارة الثقافة بمحفوظ نظم المجلس الأعلى للثقافة ندوة بعنوان «فى ذكرى رحيله حضور متجدد» وحضر الندوة وزير الثقافة د.جابر عصفور وأدار الندوة الكاتب الكبير يوسف القعيد كما حضر لفيف من الأدباء والنقاد وقال عصفور إن نجيب محفوظ سيظل بأدبه باقيا لأجيال قادمة، لأنه فى أعمق الأعماق فى أعماله توجد الثورة الأبدية و استطاع ان يكتب عن الماضى بكل عصوره ويقف على الحاضر ليستشرف المستقبل، فحمل الحارة المصرية الضيقة إلى العالم مثل رواية «أولاد حارتنا» التى يمكن تطبيقها على تاريخ الإنسانية كلها وأضاف أن بعض كلمات محفوظ تغنى عن الكثير من الصفحات وسطر واحد يجعلك تبحر معه إلى سماوات الإبداع ودون أن تشعر بالوقت فأعمال نجيب محفوظ من نتاج مثقف بثقافة مذهلة. من جانبه قال الكاتب الكبير يوسف القعيد إن نجيب محفوظ كاتب قدير لم يغب عنا فهو حالة استثنائية فرغم كل التطورات السياسية والاجتماعية التى شهدتها مصر، حيث إنه فى 25 يناير، متسائلا، ماذا كان سيفعل نجيب محفوظ إذا عاصر هذه المرحلة، وأيضًا خلال ثورة 30 يونيو، وأيضًا ماذا كان سيكتب خلال سنة حكم الإخوان البغيضة، خصوصًا أنه كان لديه موقف تقدمى من الإسلاميين والإرهابيين والجماعات المتطرفة وأكد على إن الهجوم الذى تتعرض له أعمال محفوظ حتى اليوم يؤكد أنه مبدع من نوع خاص، وليس كاتبا عاديا، فمهاجمته تعنى أنه مؤثر بدرجة كبيرة فى وعى الشعب المصرى وثقافته وقال دكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب إن الاحتفاء بنجيب محفوظ مستمر لمدة شهرين، يتخللها فى 12 أكتوبر المقبل احتفالية بحصوله على جائزة نوبل، وصولاً لعيد ميلاده الموافق 11 ديسمبر. وأضاف مجاهد نحتفى بأديب نوبل طوال العام، لا ننتظر مناسبة خاصة، فلدينا سلسلة خاصة باسم «نجيب محفوظ» يرأس تحريرها يوسف القعيد، وأيضا «مكتبة الأسرة» أنشأت إصدارات جديدة منها كتاب عن «العالم الروائى لنجيب محفوظ» للدكتورة لطيفة الزيات، وأيضا كتاب «نجيب محفوظ فى سينما أمريكا اللاتينية» للدكتور حسن عطية. وأكد على القيمة الكبيرة لنجيب محفوظ فى تاريخ الأدب العربى والعالمى، فإبداعه لا ينتهى ولا يرحل، الهجوم على أعماله بدأ مبكرا جدا، وقد دفع ثمن إبداعه ومدافعته عن حرية الفكر والتعبير، التى آمن بها، وأصبحت جزءا من معتقداته. ويقول الكاتب و الروائى الشاب محمد مستجاب التقيت بنجيب محفوظ ثلاث مرات الأولى سنة 1988 وكنت وقتها قد التحقت بكورس المانى و كان مكانه بجوار قهوة على بابا التى كان نجيب محفوظ دائما ما يحب الجلوس بها وكنت فى المرحلة الإعدادية ثم التقيت به مرتين فى التسعينيات إلا أنه كان قارئًا جيدًا فقد علق على أول رواية كتبها والدى محمد مستجاب و كانت بعنوان «التاريخ السرى لنعمان عبد الحافظ» سنة 1983وقال إنها أدب ساخر لم نقراه منذ خمسون عاما فقد كان قارئًا جيدًا ومتابعًا جيدًا واعتقد ان كتابات احمد مراد هى عودة لأدب نجيب محفوظ لانه يعود بنا إلى التاريخ المصرى كما رسخه فينا نجيب محفوظ.