«الأخوة فى الله» هى إشراقة ربانية تعد من دعائم المجتمع القوى المترابط المتماسك، هذا ما يؤكده علماء الأزهر منكرين لما نشاهده هذه الأيام بعد أن أصبحت الأخوة مجرد شعارات تتردد ورفع الجميع شعار الدنيا مصالح حتى أن من له مصلحة عند أحد يتظاهر بحبه له وإذا انتهى تنكر لصاحب الفضل وظهر على حقيقته. وعن فضائل الأخوة فى الله يقول الدكتور حمدى طه الأستاذ بجامعة الأزهر، إن الأخوة فى الله نوع من الصحبة فى الدنيا الغرض منها والغاية هى التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، حتى يصل الإخلاص فيها للصاحب والصديق ليقول الواحد لصاحبه "يا أنا"، فيحسن به فيما يؤلمه ويقف معه فى أزماته وعثراته ويحفظه إذا غاب فى سره وماله وعرضه. وأضاف أن هذه الأخوة فى الله رفع الله قدرها وقد روى رسول الله ? أنه قال "إن من السبع الذين يظلهم الله بظله يوم القيامة" رجلان تحابا فى الله اجتمعا على الحب فى الله وافترقا أى ماتا - عليه.. موضحًا أن أول شىء فعله النبى ? عندما هاجر إلى المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار. وتابع د. حمدى طه هذه الأخوة التى يكون أساسها العقيدة السليمة والإخلاص مدحها الله سبحانه وتعالى فى قوله " إنما المؤمنين أخوة" مشددًا على أنها أشد عُصبة من أخوة النسب.. وهذا يبدو جليا عندما آخى النبى بين عبد الرحمن بن عوف، وهو من المهاجرين، ورجل من الأنصار، حيث روى أن آخاه من الأنصار قال له: هذا مالى شاطرنى إياه خذ نصفه وكان عنده زوجتان فقاله له: اختر أيهما شئت أطلقها لك.. فقال له بن عوف: بارك الله لك فى أهلك ومالك.. دلنى على سوق المدينة. ولم يكن معه مال فأقرضه الأنصارى.. كما كانت هناك أخوة بين سيدنا طلحة وسيدنا عبد الله أخوة دامت فى الحياة وبعد الممات. تلك الأخوة نحن فى حاجة أيهما هذه الأيام.. أخوة لا تقوم على المصالح فى الدينا، وإنما تقوم على الإخلاص لله سبحانه وتعالى ولذلك قال رسول الله ? " إن المتآخين المتاحبين فى الله عن يمين الرحمن على منابر من نور تحيطهم الملائكة أى تستغفر لهم. وقال إننا أحوج ما تكون فى هذه الأيام وهذا الزمان إلى الإخلاص لله سبحانه وتعالى، والإخلاص للوطن الذى نعيش عليه يحب بعضنا بعضا والتى تنطلق من أخوة الجيرة التى أوصى بها رب العزة سبحانه وتعالى فى قوله "والجار الجنب والصاحب بالجنب" وقال رسول الله أيضا " والله لا يؤمن والله لا يؤمن.. قالوا من يا رسول الله قال: من بات شبعان وجاره جوعان".. وفى رواية" من لا يؤمن جاره بوائقه". وشدد على أننا فى أمس الحاجة إلى تلك الأخوة التى جعلت هؤلاء الثلاثة الذين أصيبوا فى إحدى المعارك وكانوا جميعهم فى احتياج للماء.. فقال الأول ادفع الماء لمن هو فى جوارى فهو أشد حاجة منى فلما ذهب إلى الثانى قال اذهب إلى الثالث فإنه أشد حاجه منى.. فلما ذهب إلى الثالث قال اذهب إلى الأول.. فلما عاد وجد مات وماتوا جميعا.. وفى هذا مثال لن يتكرر فى الحب والإخلاص فى أشد المواقف. واختتم د. طه كلامه مؤكدًا أن النبى ? لخص هذا الدين فى كلمتين من ظهرتا عليه فهو ينتمى لأمة النبى محمد عليه الصلاة والسلام وهو قوله "الدين المعاملة" فالمسلم الذى يسلم الناس من لسانه ويده فالذى يدعى الإسلام لا يأمن الناس شره وبوائق ينظر فى إيمانه. أما الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر فيقول إن النبى أكد على الأخوة فى الله فأقسم "والله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". وبين أيضًا "أن مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وأوضح أن النبى ? بين أن أفضل الأخوة تلك المصاحبة فى الله فى قوله " أن من زار أخا له فى الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت مقعدك من الجنة".. كما روى أن خرج شخص لزيارة أخيه المسلم فى الله فأرسل الله إليه ملك على مدركته، أى على طريقة، فيسأله أين ذاهب.. فيقول لزيارة أخى فلان.. فيقول: ألك مصلحة.. فيقول: لا .. أزوره فى الله.. فيقول له الملك تبوأت مقعدك فى الجنة. وتابع الأطرش أن الأخوة فى الله ليس هناك أفضل ولا أعظم منها، لأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، لذلك إذا أحب المؤمن أخاه فليبلغه بذلك، لأن الحب والكره فى يد الله سبحانه وتعالى لأن الله إذا أحب إنسانا أرسل ملك ينادى فى السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه.. فيحبه أهل السماء ويلقى له القبول فى الأرض.. فيرسل ملكا يقول فى أهل الأرض إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل الأرض لافتا إلى أن النبى ? بين أن حب الناس للإنسان لهو أصدق دليل على حب الله لهذا الإنسان. وأضاف أن الأخوة فى الله من دعائم المجتمع القوى المترابط المتماسك، لكن للأسف الشديد، والكلام على لسان الشيخ الأطرش، أن روح المحبة والأخوة فى الله أصبحت هذه الأيام شعارات تتردد وإصبح الناس يقولون "الدنيا مصالح" حتى إن من كانت له مصلحة عندك يتظاهر بحبه لك وإذا انتهت بأن معدنه.. فهذا شأن الإنسان الماكر الذى إذا تحقق غرضه تذكر لصاحبه الفضل عليه.. مختتما كلامه بقوله تعالى "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعُنا إلى ضر منه".