فى الوقت الذى كانت الولاياتالمتحدة تغازل فيه القارة السمراء مع انعقاد أول قمة إفريقية أمريكية بناء على دعوة من الرئيس الأمريكى باراك أوباما، والتى حضرها فى واشنطن خلال الأسبوع الماضى نحو 50 زعيما من قادة الدول الأفريقية تحت عنوان «الاستثمار فى الجيل القادم»، كان الغرب الأفريقى يئن تحت وطأة مرض «إيبولا» الخطير والذى أخذ يفتك بمواطنى كل من سيراليون وليبيرياوغينيا، ووصل عدد ضحاياه إلى 800 حالة وفاة حتى الآن وأكثر من 1300 إصابة بالمرض. وبدت عوائد انعقاد القمة الإفريقية الأمريكية سريعا مع ذلك التجاوب الذى أبداه البنك الدولى، وإعلانه خلال اليوم الأول من القمة عن تخصيص 200 مليون دولار كمساعدات طارئة لكل من غينياوليبيريا وسيراليون على مواجهة وباء «الإيبولا»، وبخاصة أن هذه الدول الثلاث تعيش على اقتصاديات هشة وتحتاج للمساعدة العاجلة فى ظل تحذير منظمة الصحة العالمية من كوارث اقتصادية واجتماعية إذا انتشر وباء إيبولا بصورة خارجة عن السيطرة. وبينما قررت الدول الثلاث، غينيا وسيراليون وليبيريا، فى قمة إقليمية عقدت فى كوناكرى فرض طوق صحى حول بؤرة الوباء الواقعة على حدودها المشتركة، بدأت منظمة الصحة العالمية خطة عمل بتكلفة مائة مليون دولار لمكافحة انتشار الوباء فى غرب القارة الأفريقية، وأوضحت المنظمة فى بيان من جنيف أن هذا المبلغ سيوظف لتدبير الأطباء والهيئات المساعدة اللازمة لمكافحة المرض. ولم تتوقف حدود هذا المرض المرعب عند هذه الدول الثلاث، إذ أعلنت وزارة الصحة التونسية إجراءات وقائية للتصدى لفيروس إيبولا بعد تسجيلها لأول حالة إصابة، وفى نفس الوقت أعلنت وزارة الصحة السعودية عن إصابة مواطن بفيروس إيبولا فى مدينة جدة حيث ظهرت عليه أعراض الإصابة بفيروسات الحمى النزفية بعد رجوعه من رحلة عمل فى سيراليون. واتخذت السعودية خطوة استباقية بالتوقف عن إصدار تأشيرات العمرة والحج للمسافرين من سيراليون وليبيرياوغينيا بسبب تفشى فيروس إيبولا بتلك الدول، وقامت السعودية بنشر فرق خاصة فى جميع نقاط الدخول إلى البلاد لاكتشاف الحجاج القادمين من الدول الأخرى الذين تظهر عليهم أعراض المرض. يذكر أن إيبولا هو داء معدٍ ظهر فى الثانى والعشرين من مارس الماضى فى غينيا قبل انتقاله إلى سيراليون، التى أصبحت أكبر بلد متضرر من هذا الفيروس، ثم ليبيريا، ويخشى أن يكون الفيروس قد وجد منفذا إلى نيجيريا حيث سجلت فيها أول حالة وفاة بهذا الداء أواخر شهر يوليو الماضى، وينتقل فيروس إيبولا للإنسان من الحيوانات وبخاصة لحوم الخفافيش التى يستهلكها مواطنو إفريقيا الغربية بكثرة، ثم ينتقل بين البشر عبر السوائل كاللعاب والبول والدموع. وتقول «منظمة الصحة العالمية» إن العوارض الأولى للإصابة بفيروس «إيبولا» تشمل الحمى ووجعًا فى الرأس وفى العضلات وصعوبة فى البلع، ويصعب التمييز بين عوارض ال «إيبولا» و«الملاريا» أو «التيفويد» أو «الكوليرا». ويبدأ المصابون فى المراحل الأخيرة فقط بالنزف داخليا وخارجيا، وغالبا من الأنف والأذنين لينتهى المصاب إلى الوفاة. وتتراوح نسبة الوفاة بسبب هذه الحمى بين 25 و90%. ويبقى السؤال الأهم: هل تكفى هذه المساعدات المالية التى يقدمها العالم حاليا لمواجهة فيروس إيبولا القاتل فى غرب أفريقيا..أم سيخرج المرض عن سيطرة الجميع ليصل إلى عقر دار الاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدة..وعندها قد يأتى التحرك بعد فوات الأوان!