سليم الحلو (الموسيقى اللبنانى المعروف) فى مؤلفه (الموسيقى النظرية) الذى تضمن أصول الموسيقى العربية وقواعدها العامة عند حديثه عن (قراءة القرآن) ضمن أشكال (الموسيقى الغنائية أو التأليف الغنائى العربى) ذكر أن قراءة القرآن تتقيد بعاملين، الأول صحة قراءة الألفاظ تبعا للهجات التى كانت موجودة فى القبائل وقد اقتصر فيها على سبع لا يجب أن يتخطاها القارئ للقرآن.. العامل الثانى الذى تتقيد به الموسيقى فى قراءة القرآن طرق الإلقاء من حيث استيفاء المد والغُنة والإدغام.. أما إلباس الألفاظ فى القرآن والألحان فمتروك (فى تقديم سليم الحلو) لبراعة القارئ للقرآن.. ويذكر سليم الحلو هنا أن يلاحظ (أو هى ملاحظة عامة) قلة الابتكار فى مسألة إلباس الألفاظ عند قراءة القرآن ألحانًا والسبب عنده اعتماد هذا الفن فى البقاء على الدراسة التلقينية التى لا تترك مساحة المستحدث. وعن المقامات الموسيقية التى فى قراءة القرآن الكريم.. يذكر مرجع آخر أن الإمام الناجح للمصلين هو من يستطيع فى تلاوته أن يعطى صوتًا موسيقيًا يوحى بنهاية التكبيرات أثناء الصلاة باستخدام القرار والجواب.. ويؤكد المرجع المذكور أنه لا يمكن للمقرئ أن يقرأ القرآن إلا بهذه المقامات.. وإن كان منهم من يتعامل مع (المقام) بإتقان ومنهم من هو غير ذلك، ولكن يتلقى فى التقدير أن (المقام)الذى تأتى منه هو جزء مهم من شخصية مقرئ القرآن تلاوة أو تجويدًا. على سبيل المثال الشيخ الحذيفى قراءته فى مقام الرست فى حين الشيخ عبد الباسط عبد الصمد تأتى قراءته فى عدة مقامات. وقبل الدخول إلى المقامات الموسيقية المميزة لقراءة عدد من مقرئى القرآن العرب نتوقف عند شرح بعض المصطلحات الخاصة بعلم وفن والنغم منها (السلم الموسيقى العربى.. وتكوينه وأسماء درجاته، لكل أمة من الأمم سلم موسيقى تقوم على أساسه موسيقاها ويتكون السلم الموسيقى العربى من (7) أصوات أو درجات متعاقبة يضاف إليها الغطاء (الجواب) وهكذا السلم (8) درجات، ومن هذه الأصوات تتألف الألحان المقامات عبارة عن سلم موسيقى أساسه ديوان كامل (8 أصوات) مضاف إليه ديوان كامل آخر (8 أصوات) أصواته أعلى لتكون أجوبة ل «الديوان الأول» بين أصوات كل مقام أبعاد متنوعة من المسافات الصوتية.. بتغير هذه المسافات تتميز المقامات عن بعضها. ونأتى للكلام عن المقامات الموسيقية فى قراءة القرآن: مقام البياتى: هادى يمتاز بالخشوع به تبدأ القراءة وبه تنتهى. مقام الرست: ويقرأ به الشيخ الحذيفى والسديس وهو مقام يمتاز بالفخامة وفى تقدير المتخصصين هو أنسب لتلاوة الآيات ذات الطابع القصصى. مقام النهاوند. وتأتى فيه تلاوة الشيخ الحصرى والشيخ الطبلاوى والشيخ سعد الغامدى والشيخ العفاسى. ومقام السيكا ويتلو به الشيخ المنشاوى فى ترتيله للقرآن وكذلك الشيخ القحطانى. وفى مقام الصبا (الروحانى الطابع) تأتى تلاوات المشايخ محمد رفعت والمنشاوى والبهتيمى. وتأتى التلاوة فى مقام الحجاز خصوصًا عند قراءة الايات التى بها ذكر مشاهد يوم القيامة. وهناك مقامات أخرى فى الموسيقى العربية تأتى التلاوة فيها منها العجم والكورد والعراق الأول والثانى أنسب للأناشيد الحماسية الدينية والمقام الثالث جاءت فيه أغنية (طلع البدر علينا).. ومن المقامات المركبة التى تأتى تلاوات مقرئ القرآن عليها أحيانا (وخصوصًا غير العرب) مقامات.. السوزنال، البستاقار، البياتى شور. وبالنسبة للفروق المميزة لمقرئى عن أخر والتى لخصها (سليم الحلو) فى كتابه المذكور ب «مهارات الأداء) يذكر المرجع الموسيقى التانى الذى اعتمدنا عليه فى هذه الدراسة (وهو عبارة عن مقالة متخصصة منشورة فى موقع الكترونى) يذكر المرجع المذكور أن الفروق هى ما يسمى برواحل) وهى بحسب تقديره (3) الأولى حجازية وفيها يعتنى المقرئ بنحت الصوت بدرجة نحافة ودقة بحيث لا يميل إلى التفخيم والتطريب، الثانية راحلة التطريب وهى مستويات وتعتمد على تطريب الصوت وتنغيمه وانفتاحه عند التلاوة (والمدرسة المصرية فى تلاوة القرآن تمتاز بهذا اللمح خصوصًا تلاوة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد) الراحلة الثالثة (عراقية) وتعتمد على الخشوع فى التلاوة وإبراز الآهات (وتتميز بها مدارس القراءة فى السعودية).. وتلاوة القرآن بهذه الخاصية تستدعى البكاء! وهناك غير الرواحل الثلاث المذكورة رواحل أخرى يمتاز بها قراء القرآن الأفارقة فيها يشتد الاعتماد على القنوات الهوائية الصدرية والحلق والحجرة فى إخراج الحروف فيكون الصوت الصادر نحيفًا قصيرًا. أما عن النجوم فى سماء هذا الفن - فن تلاوة القرآن الكريم ترتيلًا أو تجويدًا - فمرجعنا فى هذه السطور كتاب (عباقرة التلاوى فى القرن العشرين) والذى يذكر مؤلفه الكاتب الصحفى شكرى القاضى أنه الكتاب رقم 5 فى هذا المجال ب «المكتبة العربية» سبقه كتاب (ألحان السماء) للكاتب محمود السعدنى و(الشيخ مصطفى إسماعيل) للناقد الموسيقى كمال النجمى.. وكتاب (أشهر من قرأ القرآن الكريم فى العصر الحديث) للكاتب الصحفى أحمد البلك والكتاب الرابع كان (أصوات من نور) للكاتب الصحفى محمود الخولى وهذه بعض حكايات النجوم فى هذا الفن الشيخ الشعشاعى ظل يرفض قراءة القرآن فى الإذاعة معتبرًا أن فى ذلك إهانة لكتاب الله حتى حمل له المسئول عن إدارة الإذاعة المصرية فى زمانه فتوى من شيخ الأزهر وقتها الشيخ مصطفى المراغى عمدة قراءة القرآن الشيخ أحمد ندا كان المقابل الذى يحصل عليه بعد ما نال الشهرة (عشرة وخمسة عشرين جنيها من الذهب) فى الليلة ويحصل على ضعف هذا المبلغ لو كانت الليلة فى الأقاليم (خارج القاهرة). أجر الشيخ محمد رفعت وقتها كان جنيهان (الشيخ رفعت من تلاميذ الشيخ ندا). فى زمانهم كانت المنافسة شديدة بين الشيخ ندا والذى كان يتلو القرآن قرآن الفجر فى مسجد السيدة زينب) وعبده الحامولى الذى كان ينشد تسابيح الفجر فى مسجد الحسين. الشيخ محمد رفعت وكان قارئا ومنشدا ذكرنا أن فى بطانته تعلم زكريا أحمد هذا الرجل فقد صوته لمرض وأعلن فى القطر المصرى عن اكتتاب لعلاج الشيخ ووصل حجم التبرع من محبى الشيخ ل 50 ألف جنيه (وهو مبلغ يعادل ملايين بجنيهات اليوم) لكن الشيخ رفعت اعتذر عن قبول التبرعات وامتثل لقضاء الله حتى مات. أجر الشيخ رفعت كان (3) جنيهات فى (الساعة) بالإذاعة المصرية تسجيلات الشيخ رفعت ضاعت من الإذاعة بالكامل والموجودة حاليًا هى تسجيلات كان يحتفظ بها مواطن من أسيوط اسمه زكريا باشا مهران.