"من غشنا فليس منا" هذا واحد من البنود الأساسية فى بناء الأمة الإسلامية التى رفع دعائمها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم حين وفد الإسلام على الأرض من قبل رب السماوات والأرض. والغش غطاء يخفى أمورًا تقف على النقيض من ديننا فهناك النفاق وهناك الكذب وهناك التدليس ناهيك عن السرقة والنميمة والخداع والغدر.. وكلها تبدأ بالغش.. وتنتهى بالغش أيضًا. ولكن أن يصل الغش إلى كتاب الله.. فهذا مردود عليه إن جاء من أهل الكفر ممن يحرِّفون الكلم عن مواضعه.. ففى هذا غش يجافى حقيقة الكتاب حسمها الحق تبارك وتعالى.."إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" أما أنه يأتى من منعدمى الضمير من بعض المسلمين.. وهنا أخص بعض طلبة المعاهد الأزهرية ممن يغشون فى امتحان القرآن الكريم.. فهنا الطامة الكبرى! والسؤال كيف بطالب يعده الأزهر ليتخرج داعية لله ورسوله صلى الله عليه وسلم يسعى للغش وفى القرآن الكريم وهو عاموده الفقرى الذى يساعد لسانه على الخطابة والتأثير فى الناس وعلى الصلاة بهم إمامًا يقرأ القرآن كيف وهو لم يحفظه؟ وقد كانت لى تجربة ذاتية مع القرآن الكريم حين التحقت بجامعة الأزهر قادمًا من مكتب تنسيق الثانوية العامة.. وقتها كنت والحمد لله أمتلك القدرة على سرعة الحفظ.. وكنا نحفظ جزءين كل عام. وفى مسجد الحسين كانت المراجعة النهائية قبل الامتحان. دخلت اللجنة وإذا بغشاوة على عقلى مسحت كل ما حفظته. وظللت على هذه الحال مدة الامتحان ثلاث ساعات.. حتى وصلت إلى ربع الساعة الأخيرة والمراقب يترصدنى. هل سألجأ إلى فتح مصحف مثلا..رغم أنه ممنوع اصطحاب المصحف داخل اللجنة؟. هل سألجأ إلى ما يطلقوا عليه "البرشام"؟ والله لا هذا ولا ذاك.. ففطن الرجل أننى أحفظ. ولكن هناك ما عقد لسانى وعقلى! فطلب من زميل لى إلى جوارى أن يساعدنى. وشرع الزميل فى ذلك. ولكننى شكرته طالبًا منه أول كلمة فى كل سورة من الأسئلة الثلاثة.. وتذكرت قول الحق تبارك وتعالى " رب اشلاح لى صدرى ويسر لى أمرى واحلل العقدة من لسانى يفقه قولى" وانفكت عقدة عقلى. وخرجت بدرس أن الاعتماد على الله ثم الاجتهاد والمثابرة.. خير من الغش وما فيه.