سيد النقشنبدى.. أحمد التونى.. نصر الدين طوبار.. طه الفشنى.. فى دقائق ما بعد الإفطار ودقائق ما قبل آذان الفجر تأخذنا أصواتهم إلى حالة من الشفافية والروحانية فيها من طعم الشهر الكريم وذوقه. * الشيخ أحمد التونى.. له ألقاب عديدة أطلقها عليه محبوه وعشاق صوته منها (ساقى الأرواح) و(سلطان المنشدين)، الشيخ التونى رحل عنا قبل 5 شهور، يتميز غناؤه بالقدرة العفوية على الارتجال التى يتمتع بها حسه الموسيقى، وكان معروفًا عنه فى بداياته أنه ينشد ويبتهل دون مصاحبة من أية آلات موسيقية.. فقط كان ينقر بمسبحته على كأس زجاجية لضبط الإيقاع.. ولما أدخل الآلات إلى تخته اكتفى ب (الرق) و(الناى) و(الكمان)، التونى صعيدى المولد والمنشأ وغنائياته التى ينشد بها فى الغالب كلمات نظمها أئمة الصوفية أمثال: الحلاج وابن الفارض والجنيدى والرفاعى والدسوقى، وكان الشيخ التونى قادرًا على أن يبقى منشدًا لساعات طويلة تجاوزت فى مرات الست ساعات. * الشيخ نصر الدين طوبار من مواليد المنزلة فى محافظة الدقهلية، يزيد عدد ابتهالاته الدينية التى سجلها للإذاعة على ال (200) ابتهال، أشهرها (يا مالك الملك) و(يا مجيب السائلين)، ومن القصص الطريفة التى تروى فى سيرة الشيخ نصر الدين طوبار الذى رحل عنا فى عام 76 أنه دخل امتحان الإذاعة خمس أو ست مرات كانت النتيجة فيها كلها هى رفض اعتماده.. ولم يتم اعتماده منشدًا وقارئًا للقرآن إلا فى المرة السادسة أو السابعة. * أما الشيخ عبد العظيم العطوانى واسمه بالكامل عبد العظيم أحمد سليم فقد التقت شهرته الغنائية فى تاريخ المنشدين والمبتهلين بغنائه للبوردة (بوردة الإمام البوصيرى فى مدح الرسول (صلى الله عليه و سلم). * الشيخ طه الفشنى، واسمه بالكامل طه حسن مرسى الفشنى من مواليد مركز الفشن فى محافظة بنى سويف، فى بداياته عمل فى بطانة المنبهل والمنشد ذائع الشهرة والصيت الشيخ على محمود.. على محمود واحد من أشهر المبتهلين فى مصر فى بدايات القرن العشرين.. الشيخ طه الفشنى بحسب المعلومات المتوافرة عنه فى موسوعة ويكبيديا الإلكترونية من مواليد عام 1900. * الشيخ سيد النقشبندى أو سيد محمد النقشبندى.. يلقبه جمهوره ومحبوه ب (الأستاذ) من مواليد قرية دميره فى طنطا، مكتشفه هو الإعلامى المعروف أحمد فراج (الذى قدم الشيخ الشعراوى للجمهور المصرى لأول مرة فى السبعينيات فى برنامجه التليفزيونى الشهير وقتها نور على نور). الإعلامى أحمد فراج قدم الشيخ سيد النقشبندى فى برنامج (فى رحاب الله) وسجل النقشبندى بصوته أدعية فى برنامج (دعاء) الذى كانت الإذاعة تذيعه يوميا بعد صلاة المغرب. ... وعن الغناء الدينى فى الموروث الغنائى الشعبى فى مصر سجل الباحث فى الفن الشعبى الدكتور أحمد مرسى فى كتابه الأغانى الشعبية المصرية الذى أفرز فيه فصلا عن الغناء الدينى.. سجل الدكتور مرسى ملحوظتين أساسيتين يرى أن الغناء الدينى فى الموروث يتميز بهما عن ألوان الغناء الأخرى.. الملحوظة الأولى أن الأغانى لها مؤلف أصلى معروف (معظم هؤلاء المؤلفين من رجالات وأئمة الصوفية وبعضهم من أولياء الله الصالحين الدارجة مقولاتهم نثرا وشعرا على ألسنة البسطاء. وفى أحيان كثيرة يكون للأغانى الدينية فى الموروث المصرى ملحن معروف للأغنية، عكسن الغناء الموروث فى ألوان الغناء الأخرى (أغانى العمل أو العرس أو الحصاد مثلا) حيث يكون كاتب الكلمات وصاحب اللحن فى هذه الأغانى مجهولا وتكون الأغانى لحنا وكلمات منسوبة إلى (الجماعة الشعبية).. فى أحيان يظهر للجماعة الشعبية دور فى الأغانى الدينية فى الموروث لكنه دور منحصر فى منح الأغنية الدينية الشعبية مذاق البيئة التى تتغنى فيها،.. الملحوظة الثانية للدكتور مرسى على الغناء الدينى فى الموروث الشعبى المصرى، هى (أداء هذه الأغانى بالفصحى).. وفى الأحيان التى يضطر المنشد أو المغنى اللى بيغنى الغناء بغير الصفحى فإننا نلحظ أن كلمات الأغنية المكتوبة باللهجة العامية فى صياغتها وفى المفردات المختارة لها ما هو أقرب إلى الفصحى. ... فى الغالب تستمد الأغنية الدينية موضوعها من الحكايات الدينية عن سير الأنبياء والصالحين وعن المعجزات والدنيا والجنة والنار، وفى الغالب الأعم هناك ارتباط وثيق بين الغناء الدينى فى مجتمعاتنا والمناسبات الدينية التى أشهرها مولد النبى وموالد الأولياء وشهر رمضان والحِج. بعض من هذه الغنائيات يأخذ شكل الموال (ذلك اللون الغنائى المحبب إلى نفوس أهلنا البسطاء فى مختلف بلدان العرب). .. فى فصل فى كتاب الدكتور أحمد مرسى عن الأغانى الدينية قدم لنا أمثلة من الغناء الشائع.. إليكم مقاطع منها. .. خير الورى، صوت أغنى حتى شجانى غرامك، يا هذا اليوم، إنى أنظر يا زين لمقامك جُد علىّ بوصلك، كى أزور مقامك... ظن العزول، أنى عشقت غير جمالك... كذب العزول، فإنى لا أسلو فى غرامك. .. وفى شكل الأغنية التى فى قالب الدعاء ذكر المقطع التالى: يا رب يا خالق الخلق، يا رب العباد يا من قد قلت فى القرآن ادعونى إنى دعوتك مضطرا فخذ بيدى يا جامع الأمر بين الكاف والنون وفى شكل الأغنية التى تُعنى بأمر الدنيا والآخرة ذكر المقطع التالى: يا مغرور والدنيا فانيه دى هيّه الدنيا دامت لمين آه ولا دامت لحو وأدام ولا دامت لزين العابدين وفى أغنيات (القصص) شكلان: أغان تتغنى فى قصص الأنبياء ومعجزاتهم وأغان تتغنى فى قصص أولياء الله الصالحين، وهنا يلفت نظرنا الباحث عن وجود نوعين من أولياء الله الصالحين فى تقدير المنشدين للغناء الدينى، (أولياء محليين معروفين فى أريافهم وإقليمهم) وهؤلاء نادرًا ما تجد لهم فى غناء المنشدين والحكايات وجود أولياء لهم شهرة عامة، وهؤلاء منهم الإمام الحسين، والسيدة زينب، والسيد البدوى، وإبراهيم الدسوقى. ... ... من رحم هذا الموروث خرج كل المنشدين والمبتهلين فى مصر الذين سردنا حكاياتهم فى هذه السطور والذين نكمل الحكى عنهم من (مبتهلين ومنشدين جدد) فى الأعداد القادمة مع أسابيع الشهر الكريم.