اذا لم تسارع الحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ خطوات حقيقية لإنهاء الاحتلال، فإن كل مواطنى إسرائيل سيدفعون الثمن، ومن شأن هذا أن يكون باهظا .. هذا التحذير شديد اللهجة أطلقته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بعد أن اشتدت، حسبما قالت الصحيفة، رياح المقاطعة الدولية ضد المستوطنات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة. فبعد يومين من إعلان مماثل من الحكومة الفرنسية، حذرت الحكومة الإيطالية والإسبانية مواطنيهما من الاستثمار، لأسباب قانونية، فى أية مشاريع اقتصادية أو علمية أو ثقافية فى المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية والقدس الشرقية لأن هذه المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولى، ولذلك، فإن هناك مخاطر قضائية واقتصادية قد تصيب الشركات والأفراد إثر تعاملهم مع جهات استيطانية. وكان موقعا وزارتى الخارجية الألمانية والبريطانية قد نشرا تحذيرا مماثلا قبل بضعة شهور. ويأتى قرار المقاطعة الأوروبية للمستوطنات فى ضوء أحكام المحكمة الدولية فى لاهاى فى عام 2004 والقاضى بأن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية وتخرق البند 49 من ميثاق جنيف الذى يحظر على دولة محتلة أن توطن سكانها إلى المناطق التى احتلتها. ومن جانبه، أوضح سفير الاتحاد الأوروبى بتل أبيب «لارس أندرسون» أنه من الممكن تفسير هذه التحذيرات بأنها نوع من نفاد صبر الدول الأوروبية نتيجة استمرار إسرائيل فى بناء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية وعدم اكتراث السلطة الإسرائيلية بتحذيرات الاتحاد الأوروبى المستمرة بضرورة حظر البناء داخل المستوطنات. ومن جهتها، رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بهذه الخطوة من قبل الدول الخمس الكبرى فى الاتحاد الأوروبى. وقالت الوزارة فى بيان صحفى لها إن هذه الخطوة تنسجم مع التوجيهات الأوروبية الخاصة بالاستيطان ومنتجاته والتى دخلت حيز التنفيذ مطلع العام الجارى وتتوافق تماما مع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولى». وأكدت الوزارة أن هذا الموقف يؤكد على حرص أوروبى مسئول على عملية السلام والمفاوضات وإجراء فى الاتجاه الصحيح لحماية حل الدولتين، كما أنه يعبر عن إدراك ووعى المسئولين الأوروبيين لمخاطر الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة. أما على الجانب الإسرائيلى فقد أدت التحذيرات الأخيرة إلى ازدياد القلق داخل إسرائيل من المقاطعة الدولية للمستوطنات، حيث تشير تقديرات الخارجية الإسرائيلية إلى أنه من المتوقع أن تشهد الأسابيع المقبلة موجة بيانات تحذير مماثلة فى كافة دول الاتحاد الأوروبى. كما أن التحذيرات الأخيرة جاءت بعد أيام من من قيام الكنيسة المشيخية الأمريكية بسحب استثمارات الكنيسة التى تقدر بنحو 21 مليون دولار فى ثلاث شركات أمريكية قالت إنها مرتبطة بالمستوطنات فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وهو ما أثار قلقا كبيرا فى تل أبيب، لاسيما بعد أن حذر خبراء من إقدام كنائس أخرى على مثل هذه الخطوة. ولا يمكن إغفال أيضا أن تحذيرات الدول الخمس الكبرى فى الاتحاد الأوروبى جاءت فى ظل حملة أوروبية موسعة لمقاطعة المستوطنات ومنتجاتها، وقد أظهرت بيانات رسمية لسلطات الاحتلال الإسرائيلى تراجعا كبيرا فى صادرات المستوطنات، خاصة إلى دول الاتحاد الأوروبى، التى تواصل حملتها لمقاطعة المستوطنات. وحسب معهد التصدير الإسرائيلى ومكتب الإحصاء المركزى فإن نسبة التراجع فى صادرات المستوطنات خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الجارى وصلت إلى 35% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضى. وصرحت مصادر إسرائيلية لموقع «والا» العبرى بأن المقاطعة الأوروبية للمستوطنات أثارت الرعب فى إسرائيل ما دفع رجال أعمال لممارسة ضغوط على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لإيجاد حلول دبلوماسية وتقديم تنازلات لتفادى الأضرار التى ستلحق بمصالحهم الاقتصادية.