مرة أخرى عاد المشهد العراقى إلى واجهة الأحداث من جديد بعد سيطرة “داعش” على الموصل ومناطق أخرى فى ظل مخاوف من ازدياد الأوضاع سوءًا على المنطقة ودخول العراق فى حرب أهلية شرسة تمهد الطريق لانهيار الدولة وتقسيمها وذلك بعد التوغل السريع واستيلاء المسلحين على مساحة واسعة شمال ووسط العراق تسمح لهم بالتمركز على مسافة قريبة من العاصمة بغداد. الخبراء أكدوا أن وراء ما يحدث فى العراق أجهزة مخابراتية لتفتيت وتجزئة المنطقة والجيوش العربية لحساب الاحتلال الإسرائيلى. «أكتوبر» فتحت الملف للتعرف على تأثير ما يحدث فى العراق على الأمن القومى المصرى والعربى . القوات المسلحة بدأت عمليات موسعة لتأمين الحدود الشرقية، من خلال تكثيف الدوريات الأمنية، والدفع بعناصر إضافية من قوات حرس الحدود لتأمين شبه جزيرة سيناء، من أى عمليات عدائية محتملة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تعاظم الاضطرابات فى العراق، وسيطرة تنظيم «داعش» الإرهابى على مدن هناك، ومخاوف من توسع نفوذه وتمكنه من السيطرة على العاصمة بغداد، وتكوين ميليشيات مسلحة قادرة على تهديد أمن منطقة الخليج العربى بأكملها، والحدود الشرقية المصرية، بعد الاتحاد مع داعش سوريا. تكثيف التأمين وأوضح مصدر عسكرى أن القوات المسلحة تكثف التأمين على مختلف النقاط الحدودية فى شبه جزيرة سيناء شمالاً وجنوبًا، من خلال التشكيلات التعبوية للجيشين الثانى والثالث الميدانيين، من أجل إحكام السيطرة ومواجهة أى عمليات اختراق أو تسلل عبر الحدود الشرقية لمصر، كاشفًا أن القيادة العامة أعطت توجيهات صريحة بضرورة زيادة الدوريات والنقاط الأمنية على الحدود المختلفة خلال الوقت الراهن، تحسبًا لأية تهديدات محتملة سواء فى الاتجاه الشرقى مع إسرائيل وقطاع غزة، أو فى الاتجاهين الجنوبى والغربى مع ليبيا والسودان. مؤكدا أن القوات المسلحة وما لديها من قدرات قتالية وفنية عالية، ومعدات متطورة يمكنها تحقيق السيطرة الكاملة على المناطق الحدودية، بشكل كامل، ودرء أية تهديدات من شأنها التأثير على منظومة الأمن القومى، قائلاً: «من يقترب من الحدود على كل الاتجاهات الاستراتيجية، سوف تسحقه قوات الجيش المصرى، ولن نتهاون فى تأمين حدود الوطن، وسوف نواجه الإرهاب بكل حسم وقوة فى سيناء، حتى نعلنها خالية من العنف المسلح والجماعات الظلامية فى أقرب وقت ممكن». وأكد المصدر أن القوات البحرية بدأت خطة محكمة لتأمين سواحل البحر المتوسط، خاصة المنطقة الواقعة من رفح حتى بورسعيد من أجل إحباط أية محاولات تهريب عبر الحدود البحرية، خاصة أن عناصر «داعش» يمكنها التسلل من العراق عبر سوريا، إلى سواحل المتوسط، ومنها إلى شواطئ رفح والشيخ زويد، بعد التخفى فى قوارب الصيد، بمعاونة عناصر ومجموعات من حركة حماس، وكتائب عز الدين القسام جناحها المسلح، إلى جانب تأمين سواحل البحر الأحمر بشكل كامل تحسبا من اختراق مياه الخليج العربى إلى مصر. الحدود البحرية وأشار المصدر إلى أن القوات البحرية دفعت بقطع متطورة جدًا، بسرعات تصل إلى 60 عقدة فى الساعة من أجل تعقب محاولات اختراق الحدود البحرية، وتأمين السواحل بشكل متطور وفق أحدث الأنظمة فى الرصد والتتبع، وكشف عمليات التهريب عبر سواحل البحر المتوسط، وفق درجات استعداد قصوى، بالإضافة إلى عناصر من لواء الوحدات البحرية الخاصة، المعروف بالصاعقة البحرية، ويتم الدفع بأطقم وجماعات منه للمشاركة فى تأمين السواحل، وإطلاق النار الفورى على أية محاولات لاختراقها. وبّين المصدر أن القوات المسلحة قادرة على مجابهة وردع أى تهديدات محتملة، انطلاقًا من كونها أحد أكبر القوى العسكرية النظامية فى منطقة الشرق الأوسط، ولديها قدرات قتالية عالية جدًا، تمكنها من حماية مقدرات الوطن، وصيانة أمن الحدود، لافتًا إلى أن القوات الجوية تبذل مجهودات كبيرة من خلال المراقبة الجوية للمناطق الحدودية من خلال الطائرات بدون طيار، وتوفر لهيئة عمليات القوات المسلحة صورًا آنية حول كل ما يدور فيها، من أجل اقتراح آليات الرد والمواجهة المناسبة، أو الإمدادات والمساعدات التى يمكن توفيرها للقوات، من أجل تحقيق السيطرة الكافية على المواقف القتالية المتنوعة. وأشار المصدر إلى أن الجيش الثانى الميدانى بقيادة اللواء أركان حرب محمد فرج الشحات، ما زال يقود عمليات ميدانية شرسة ضد فلول الجماعات الإرهابية المتطرفة فى شمال سيناء، بعدما تمكن من القضاء على أكثر من 90% من البؤر الإرهابية، فى مناطق العريش والشيخ زويد ورفح، ودمّر كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات، وكذلك أنفاق التهريب إلى قطاع غزة، وبلغ إجمالى عدد المدمر منها حتى الآن نحو 1700 نفق فى الشريط الحدودى بين مصر وقطاع غزة، ويبلغ طوله نحو كيلو متر. من جانبه قال اللواء طلعت موسى الخبير الاستراتيجى: إن ما يحدث حاليا فى العراق هو الديمقراطية الأمريكية بعينها، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تريد تطويع دول العالم للسياسة الأمريكية، موضحا أن ما يحدث فى مصر هو قمة الديمقراطية . وأضاف موسى أن أمريكا تريد أن تقسم الدول العربية إلى دويلات، لافتا إلى أن الجيش العراقى ليس له انتماء للوطن ولا يمتلك وحدة العقيدة بداخله. وأكد أن ما يدور بالدول العربية، وتحديدًا العراق بعد احتلال داعش عددًا من المحافظات وفى طريقها إلى بغداد، يؤثر بالضرورة على العمق الاستراتيجى المصرى. كما أن تحرك داعش خلال الفترة الماضية، وما حققته من مكاسب على أرض بغداد أوضح مدى تَداخل خطة مخطط الشرق الأوسط الكبير مع مشروع الخلافة، اللذين كانا يستهدفان من الأساس تقسيم الدول العربية من 22 دولة إلى مجموعة دوليات صغيرة. مشيرا إلى أن العمق الاستراتيجى المصرى يمتد من إيران شرقًا وصولاً إلى جبل طارق غربًا، لافتًا إلى أن أى تدخل عسكرى مصرى فى العراق لن يتم دون ضوابط واضحة ومحددة؛ أولها استدعاء بغداد لمصر للتدخل على أن تكون هناك موافقة من قبل رئيس الجمهورية ومجلس الدفاع الوطنى. لا يمثل خطورة من ناحية أخرى يرى اللواء مختار قنديل أن داعش تنظيم سنى متطرف نما وترعرع بين سورياوالعراق، مشيرا إلى أن المناطق التى احتلها بالعراق تبتعد بشكل كبير عن الحكومة المركزية ببغداد. وأضاف «قنديل» أن الجيش العراقى بدأ فى توجيه بعض الضربات للتنظيم الإرهابى فى تكريت شمال العراق، لافتا إلى أن داعش لا يمثل خطورة حقيقة على مصر التى قضت على بقايا الحركات التكفيرية التى زرعها الرئيس الأسبق مرسى. وأشار الخبير الاستراتيجى إلى أن مصر لن تتدخل عسكريا بالعراق، إلا حال سيطرة داعش والخروج ناحية الكويت، مؤكدا أن فى تلك الحالة إذا تم طلب الجيش المصرى ووافق رئيس الجمهورية سيذهب لحماية الدولة الشقيقة. إثارة القلاقل وبدوره أكد اللواء على حفظى، الخبير الاستراتيجى، أن الهدف الرئيسى مما يجرى فى العراق إثارة القلاقل فى المنطقة العربية، حتى تظل غارقة فى المشكلات ولا تفيق منها أبدا. وأوضح «حفظى» أن المخططات الخارجية زرعت تلك الكيانات لإثارة القلاقل بالمنطقة العربية، سواء اتفقت مسمياتها أو اختلفت بين داعش والنصرة وبيت المقدس. الشرق الأوسط الجديد من جانبه قال اللواء نصر سالم الخبير الاستراتيجى إن الأمن القومى المصرى جزء لا يتجزأ من أمن الخليج، موضحاً أن الجماعات المتطرفة هى أداة لتدمير الدول العربية والوصول لمخطط الشرق الأوسط الجديد. وأشار إلى أنه يستبعد التدخل العسكرى العربى فى العراق، موضحاً أن هناك فراغا استراتيجيا فى منطقة الشرق الأوسط يجب التعامل معه. وأوضح أن تطورات الأحداث فى العراق وتقدم تنظيم «داعش» واحتلاله لعدد من المدن العراقية لابد أن يأخذ على محمل الجد، معتبرًا السيناريو الذى يجرى هناك بمثابة تهديد لأمن مصر ودول الخليج بعد مواقفها الأخيرة المساندة للقاهرة. سلسلة متصلة د. جمال سلامة أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس أكد أن المنطقة تشهد الآن تجليات الفوضى الخلاقة التى بشرت بها «كوندليزا رايس» فما تشهده كل من العراقوسوريا واليمن وليبيا وما كان سيحدث فى مصر والتى كانت تجلياته قد بدأت تظهر فى سيناء هو ليس حركات عشوائية من قبل جماعات تكفيرية فقط إنما تنظيمات مدعومة من أجهزة مخابرات سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر لتفتيت المنطقة بالكامل وتسليمها إلى اسرائيل . مؤكدا أن ما تشهده العراق هو جزء من هذه السلسلة التى تريد أن تجعل المنطقة هشة متمثلة فى كتل متناحرة، وتبقى إسرائيل فقط هى الكتلة الصلبة حتى يمكن إعادة صياغة المنطقة مرة أخرى بشكل يحقق ما تريده «إسرائيل» وتحقيق ما يسمى ب «إسرائيل الكبرى» التى تمتد من النيل إلى الفرات، ولكن من خلال مفهوم آخر عبر هيمنة وليس احتلالا مباشرا. فى الوقت ذاته رأى بعض الخبراء أن سقوط الموصل يحيطه غموض فى ظل الاختفاء الكامل لوحدات الجيش والأجهزة الأمنية وهروب القيادات برتب فريق ركن وترك الأسلحة خفيفة وثقيلة دون قتال، وهو ما يدل على أن هناك ترتيبا ما قد حدث .. هذا الترتيب يمكن أن يسميه البعض خيانة أو مؤامرة .. أو غير ذلك ، وهو ما يهدد أمن بغداد بعد سقوط مدينة صلاح الدين. كما يؤثر بشكل مباشر على بلدان مجلس التعاون ومنطقة الشام بأكملها، ومن ثم فإن مصر ليست بعيدة عما يحدث، فما تسفر عنه هذه المعركة سوف يؤثر على القاهرة وسوف تصل إلينا تداعياته وبعضها قد ينعكس قريبا فى زيادة الإرهاب فى الداخل المصرى. بداية ووصف الدكتور محمد السعيد إدريس مستشار مركز الأهرام للشئون العربية والإقليمية ما يحدث فى العراق الآن ما هو إلا بداية حرب أهلية داخل العراق، و أن تنظيم داعش يتم دعمه من قبل بعض أجهزة المخابرات العربية إلى جانب المخابرات الأمريكية لعمل تنظيم جديد شبيه بتنظيم القاعدة فى أفغانستان. مضيفا أن غياب دور الدول العربية ودور الحكومة العراقية كان سببا أساسيا فى سيطرة ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام « داعش» على مدينت نينوى والموصل .