بعد يوم واحد من أول لقاء يجمعه بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى ذكرى إنزال النورماندى، أدى بيترو بوروشينكو اليمين الدستورية كخامس رئيس لأوكرانيا منذ استقلالها عام 1991، وأثناء خطابه العاطفى الذى ألقاه فى حفل تنصيبه فى البرلمان، أطلق بوروشينكو عدة وعود سوف تشكل عقبات أساسية فى طريق رئاسته لأوكرانيا .. وأولها تعهده باستعادة إقليم القرم الذى استولت عليه روسيا باستفتاء مثير للجدل فى شهر مارس الماضى. «القرم كانت وستبقى أوكرانية» .. بهذه الكلمات دغدغ الرئيس الأوكرانى الجديد مشاعر شعبه المتأججة، وهو ما أثار تصفيقا حادا فى البرلمان ولدى آلاف الأوكرانيين الذين تابعوا قسم وحديث بوروشينكو، مؤكدا أنه لن يقبل أبدا بضم روسيا للقرم، وشدد على وحدة أوكرانيا، وقال إنها لن تصبح دولة اتحادية كما تدعو لذلك موسكو، وتابع: «قلت ذلك بوضوح للرئيس الروسى (فلاديمير بوتين) فى نورماندى» .. ولكن الواقع يشير إلى شىء آخر تماما حيث ينتظر أن تصطدم طموحات بوروشينكو بالموقف الروسى المتعنت والرافض تماما لمسألة عودة شبه جزيرة القرم لأوكرانيا. أما التحدى الثانى الذى يواجه الرئيس الأوكرانى المنتخب، فهو إنهاء القتال ووقف حمام الدم فى شرق البلاد، إذ أطلق الرئيس الأوكرانى الجديد محادثات مع روسيا، وأعطى بوروشينكو نفسه مهلة أسبوع لإنهاء المعارك القائمة فى شرقى البلاد، وأقيمت جولات من المفاوضات بين موسكو وكييف برعاية المفوضية الأوروبية خلال الأسبوع الماضى، ونوهت الخارجية الأوكرانية إلى أن الطرفين توصلا لتفاهم مشترك حول المراحل الرئيسية والأولويات لإنهاء التمرد الذى أعلنه الانفصاليون الموالون لروسيا فى كل من دونيتسك ولوهانسك شرقى أوكرانيا .. ومرة أخرى التزمت روسيا الصمت تجاه هذه التصريحات مما يثير الشكوك فى إمكانية نجاح بوروشينكو فى إنهاء القتال، وإحلال السلام فى بلاده. وفى الوقت الذى دعا فيه بوروشنكو الانفصاليين إلى إلقاء السلاح، وتعهد بالعفو عن «كل من لم تتلطخ يداه بالدماء»، وذلك فى إطار مبادرة سلام تستهدف «عفوًا واسعًا» من أجل إخراج البلاد من مستنقع الأزمة التى تكبدت فيها أوكرانيا عشرات القتلى وخسرت شبه جزيرة القرم لصالح روسيا، مازال الانفصاليون فى دونيتسك، يطالبون الرئيس بتنازلات كبيرة للشرق تتعلق بالصلاحيات والخصوصية الثقافية والتاريخية المرتبطة بروسيا، كما عبر دينيس بوشيلين رئيس المجلس الاستشارى لما يسمى جمهورية دونيتسك الشعبية، عن موقف الانفصاليين الرسمى، مؤكدا أن «الحوار مع الرئيس الأوكرانى ممكن، ولكن شريطة وقف العمليات العسكرية ضد الشرق، والاعتراف بدونيتسك جمهورية مستقلة»، وهو ما ترفضه كييف جملة وتفصيلا. وفى هذا السياق، يرى إيان بريمر، محلل المخاطر ورئيس مجموعة أوراسيا، أن الحكومة الأوكرانية فى خطر،لأنها تفتقر إلى القدرة العسكرية اللازمة لوقف تحركات القوى الانفصالية فى الجنوب والشرق، ولكنها سوف تواجه ضغوطا داخلية متصاعدة، وقد تفقد شرعيتها إن لم تتحرك. وتقف أزمة إمدادات الغاز الروسى لأوكرانيا، ومنها لأوروبا كحجر عثرة ثالث فى طريق بيترو بوروشينكو وهو يبدأ رئاسته لأوكرانيا، ولهذا يسعى بوروشينكو للتوصل لاتفاق يجنب أوكرانيا انقطاع الإمدادات الروسية من الغاز، ولكن المباحثات التى جرت الأسبوع الماضى فى بروكسل بشأن آلية تسعير الغاز وجدولة الديون المتبقية بذمة كييف لموسكو من متأخرات الغاز غير المسددة، واجهت عقبة كبيرة فيما يخص المقترح الروسى بآلية تسعير الغاز والتى لم تعجب أوكرانيا، وانتهت محادثات استمرت ثمانى ساعات دون التوصل لاتفاق رغم جهود الوساطة الأوروبية. ويرفض الاوكرانيون السعر الذى حددته روسيا للغاز عقب وصول حكومة موالية للغرب إلى السلطة فى نهاية فبراير، معتبرين أن التعريفة الروسية هى الأعلى المطبقة على دولة أوروبية. وأخيرا.. تأتى الرغبة الأوكرانية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى كتحد رابع لبوروشينكو، وهو الذى عبر - فى حفل تنصيبه وأدائه اليمين الدستورية - عن مقاومته لكل المحاولات الرامية إلى صرف انتباهه عن توجهه نحو أوروبا، وقال الرئيس الجديد لأوكرانيا إنه ينوى التوقيع فى القريب العاجل على الشق الاقتصادى من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبى، كخطوة أولى نحو الحصول على عضويته الكاملة فى الاتحاد الأوروبى .. وحتى هذه الرغبة الأوكرانية تواجه عقبات عديدة لعل أبرزها أن غالبية الفرنسيين والألمان يرفضون فكرة انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبى بحسب استطلاع للرأى أجراه معهد «إيفوب» الفرنسى.