«فى المشمش» اعتاد المصريون على أن مضمون هذه الكلمة تعنى استحالة حدوث الأمر أوتنفيذه، أما فى قرية «العمار» التابعة لمحافظة القليوبية فالوضع مختلف فسداد الديون وزواج الأبناء ومناسبات عديدة يتم تحديدها فقط «فى المشمش» أى وقت حصاد المحصول المشهور بأنه الفاكهة سريعة الظهور والاختفاء ما أكسبه خصوصية. أسر بأكملها ارتبطت حياتها بجنى ثمار المشمش الذى يتميز بنسبة حلاوة مرتفعة بشكل استثنائى ما أعطى أيضًا قرية «العمار» ميزة دون بقية القرى المجاورة رغم استخدام نفس البذور وذاع صيت القرية وانتشرت شهرتها ما جعل الزبائن يأتون إليها من أماكن بعيدة لشراء «مشمش العمار». «أكتوبر» التقت عددا من المزارعين بالقرية حيث يقول إدريس السيد إدريس إن شجرة المشمش من الأشجار المعمرة حيث يبلغ عمرها 100عام تقريبًا ويتوارثها المزارعون عن آبائهم و أجدادهم، وبدأت الزراعة بالقرية منذ عهد محمد على، مشيرًا إلى أن نوع المشمش بالقرية من أفضل الأنواع فى العالم ويتميز بالطعم السكرى وينافس الآن المشمش الجبلى الأقل منه فى الجودة والطعم وأضاف: لابد أن تتدخل وزارة الزراعة للحفاظ على هذا النوع قبل أن ينقرض. وأكد على السيد منصور أن سبب تدهور محصول المشمش يرجع إلى العوامل الجوية لأنه يحتاج إلى برودة عالية، بالإضافة إلى مشكلة المبيدات المغشوشة: ففى بعض الأحيان نقوم بشراء المبيدات بدون سعر أو ماركة ورش الأشجار بهذه المبيدات ليس مؤثرًا مما أدى إلى ظهور الكثير من الآفات التى تصيب المحصول مثل خنافس القلف وحفرات الساق. مشيرًا إلى أنهم اضطروا لرفع السعر هذا العام لقلة المحصول. ويقول محمد عبد السلام علام: نعتمد على محصول المشمش من العام للعام فمن حصيلة بيع الثمار نسدد ما اقترضناه من البنوك الزراعية وأيضا الزواج وتجهز العرائس كل ذلك يتم بعد الحصاد. وأضاف أن الناس عندما تقول عن أمر ما «فى المشمش» هذا يعنى عدم حدوثه، أما «فى المشمش» تعنى لدينا الكثير حيث سيتحقق مانتناه فى موسم حصاد المشمش. وكشف يوسف لطفى عبد المحسن عمدة قرية العمار عن أن تدهور المحصول بدأ منذ (7) سنوات، حيث انخفض إنتاج الفدان من 20 طنًا إلى 6 أطنان وذلك بسبب المبيدات المغشوشة وتقاعس الجمعية الزراعية وعدم مرور المشرفين لإرشاد المزارعين وأيضًا العوامل الجوية ونقص الأسمدة الزراعية وعدم توافرها بالجمعيات الزراعية، بالإضافة إلى مشكلة تهالك الصرف الذى أدى إلى زيادة منسوب المياه بالأراضى المزروعة بالمشمش مما أدى إلى ظهور الكثير من الأمراض التى أصابت الأشجار مما أجبر المزارعين على اقتلاعها من مساحة 750 فدانًا من إجمالى المساحة المنزرعة التى كانت 1200 فدان. وأشاد عمدة قرية العمار بدور المهندس إبراهيم محلب رئس الوزراء الذى استجاب إلى طلبات المزارعين وأمر بحل جميع مشاكل القرية وبالفعل تم حل بعض المشكلات وعلى رأسها حل مشكلة صرف المياه بالقرية وتم بالفعل البدء فى تنظيف المصارف بدءا من 20 إبريل الماضى وكانت أهم وأكبر المشاكل التى تواجه المزارعين. وأكد أن الحكومة الحالية تسعى جاهدة للحفاظ على ماتبقى من التراث القديم المهم لأهالى القرية المرتبطين بزراعة المشمش حيث لم يتبق سوى 450 فدانا تقريبا مزروعة بالمحصول. الإرشاد الزراعى من جهته أكد المهندس عادل مصلح وكيل وزارة الزراعة بالقليوبية أن المديرية تنفذ سياسة الوزارة فى القضاء على مشاكل الفلاحين وبالفعل تم تنظيف المصرف حيث إنه كان من أكبر أهم مشاكل المزارعين ونقوم بتوفير مستلزمات الإنتاج وتفعيل دور الإرشاد الزراعى عن طريق رفع الكفاءة العلمية للمهندسين الزراعيين والاداريين وتم وضع آلية تعاون لتوفير كافة المستلزمات من الأسمدة والمخصبات والمبيدات من خلال 193 جمعية محلية و7 جمعيات مشتركة و4 جمعيات نوعية والجمعية المركزية بالإضافة إلى جمعيات تسويق المحاصيل. مشيرًا إلى أن هناك 4 مراكز مجهزة بالآلات والمعدات يتم تدريب الريفيين على بعض الحرف وتعليم المتسربين من التعليم وتم عقد الكثير من الندوات الإرشادية بالإضافة إلى الزيارات الحقلية والمنزلية. وأوضح أن من أهم المشاكل التى تؤثر على زراعة المشمش بوجه خاص والزراعة بوجه عام هى التعديات على الأراضى الزراعية حيث وصل حجم التعدى منذ ثورة 25 يناير إلى 3500 فدان تم إزالة 375 فدانًا خلال شهرين فقط. وأضاف أنه تم التنسيق مع جهاز بتحسين واستصلاح الأراضى على إعادة زراعة الأراضى المعتدى عليها على نفقة المتعدى وفقًا للتكاليف الفعلية. وأضاف أن الدولة لن تتهاون فى مواجهة التعدى الصارخ على الرقعة الزراعية ولابد أن تعود هيبة القانون. أزمة الأسمدة ويرى المهندس عز العرب سلامة مدير عام التعاون الزراعى بالقليوبية أن مشكلة القطاع التعاونى تبدأ من الأبنية التعاونية نفسها حيث تحتاج غالبيتها إلى الهدم وإعادة البناء والكثير منها يحتاج إلى الترميم بالإضافة إلى الهيكل الوظيفى فى الجمعية وهو ضعيف سواء فى العدد أو الإمكانيات ويتمثل فى وظائف «مدير -رئيس حسابات- صرافًا- أمين مخازن» وهو عدد محدود إذا ما تم مقارنته بالخدمات التى تؤديها الجمعية لأعضائها ومن المهم أيضًا تدريب الأجهزة الوظيفية فى القطاع التعاونى وكذلك الأجهزة الإشرافية. مؤكدًا أن أزمة الأسمدة من معوقات الزراعة المصرية حيث إنه يجب أن تصرف الأسمدة المدعمة للمحاصيل الاستراتيجية فقط لأن بعض الزراعات مثل الموز و الموالح تحتاج إلى سلفات نشادر والنترات بعيدًا عن الأسمدة المدعمة لكن المزارع يأخذ الحصة المقررة من الأسمدة المدعمة ويستبدلها بسلفات النشادر والنترات ويوفر فائض السعر.