تتزايد على نحو غير مسبوق جرائم العنف والقتل والاغتصاب ضد الأطفال وكانت جريمة الطفلة زينة التى هزت المجتمع المصرى وما تلاها من جرائم مشابهة بمثابة جرس إنذار أو ناقوس خطر للمجتمع ما دفع منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدنى والمؤسسات المناهضة للعنف إضافة إلى نخبة من الخبراء والمعنيين بهذا الشأن إلى المطالبة بحلول عاجلة واستنهاض همم مؤسسات الدولة لردع المجرمين الذين يروعون المجتمع.. فى سياق التحقيق التالى نعرض حلولاً وأفكارًا لعدد من الخبراء والمسئولين. أكدت سكينة فؤاد مستشار رئيس الجمهورية لشئون المرأة والطفل ضرورة وضع خطط عاجلة وآجلة لمعالجة حوادث العنف ضد الأطفال، مشيرة إلى أن البعض يفزع من محاولات التدخل لتغيير قانون الطفل، إلا أننا نسعى لخلق رأى مجتمعى يشارك فيه جميع المعنيين من القضاء وعلماء النفس والتربية والقانون والإعلاميين والمجتمع المدنى لا سيما أن الموقف الدولى فى العديد من الدول تغير تجاه الطفل فى المرحلة العمرية من 16 إلى 18 بكل ما يتداخل فيها من نضج مبكر فى الوعى والفهم وهذا ما يراه علم النفس.. ووصفت الإعلام بأنه جسور الانتقال الأمينة للمجتمع وأنه القوى الضاربة الذى يجعل نفسه نوافذ مفتوحة ليرى المجتمع قضاياه بأمانة ويناقشها دون إثارة أو تفريط، وناشدت رجال القانون وضع السياج الأمنى والأخلاقى لأمن الطفل وضمان عدم تحويل القانون من أداة لحماية مجتمعه وأمنه لأداة لحماية المجرمين ، مشددة على ضرورة التواصل لاسترجاع إنسانيتنا وآدميتنا نسعى لمجتمع يليق بمصر بعد ثورتى 25 و30 والعودة للقيم والأصول المصرية.. وأكد المستشار على عوض مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدستورية ضرورة تعاون كل الجهات المعنية لحماية الطفولة التى تتعرض للعديد من المآسى والجرائم البشعة، بالإضافة إلى ضرورة النظر إلى أحكام ونصوص قانون الطفل 126 لسنة 2008 ومعرفة ما إذا كانت جميعها مفعلة قبل التفكير فى تعديل تشريعى. موضحاً أن هناك قصوا فى مؤسسات التعليم ومؤسسات رعاية الايتام حيث أظهرت الدراسات العديد من حالات العنف التى يتعرض لها الأطفال داخل هذه المؤسسات، وأنه لابد من الخروج بمقترحات سواء تشريعية أو توجيهات للمؤسسات التربوية والاجتماعية والإعلام لما له من دور فعال فى بناء المجتمع.. وأوضحت الدكتورة عزة العشماوى الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة إننا نشاهد وبصورة شبه يومية جرائم غريبة على المجتمع المصرى من عنف موجه من طفل إلى طفل فى صور بشعة من الاغتصاب والقتل، على سبيل المثال قضيتا الطفلتين زينة وهدى وغيرهما وآخرها طفلة الاسماعيلية، وجرائم أخرى صادمة من عنف موجه من بالغين لأطفال فى صورة اغتصاب وتحرش وهتك عرض وقتل، موضحة أن كل هذه الظواهر تحدث بالتوازى مع صور من العنف والاساءة ضد الأطفال موجهة من المجتمع نفسه ومنها إهمال فى الشارع، وفى مؤسسات ودور الرعاية، والمدرسة كحالات تسمم شبه يومي، مؤكدة أن تلك الصور الغريبة على مجتمعنا ونص دستور مصر 2014 على التزام الدولة بحماية الطفل منها. وشددت الدكتورة عزة العشماوى على ما توليه القيادة السياسية من اهتمام ودعم لقضايا الطفولة وبخاصة الأطفال ضحايا العنف والاعتداء لاسيما فى هذه المرحلة الدقيقة التى يتعرض لها الوطن من تحديات على كافة الاصعدة من إرهاب وعنف ضد الاطفال يرتقى إلى أن يكون ظاهرة. حيث لا يتعرض الطفل وحده للتحديات والعنف، ولكن تتعرض مصر بأكملها لمؤامرات تحاك بالداخل وبالخارج، منوهة إلى وجود بعض منظمات المجتمع المدنى والتى ذهبت خصيصاً لإحدى الدول الافريقية لتسيء لمصر ومؤسساتها بدعوى أن مصر ضد حقوق الطفل، وهى مؤسسات تحصل على المنح الدولية المخصصة لأطفال مصر لإعلاء المصلحة الفضلى له، وليس للإساءة لمصر فى مرحلة غاية فى الدقة والتى تتوتر فيه العلاقات مع الاتحاد الافريقى. كما أشارت إلى أن الوزارات المعنية بقيادتها الوطنية الشامخة لن تسمح لاى فرد للاساءة لمصر العظيمة. وأوضحت الأمين العام أن الهدف هو الخروج برؤية واقعية تترجم إلى خطة نلتزم بها ونتبناها جميعا لمواجهة حوادث العنف ضد الأطفال، ويأتى بناء على مبادرة أطلقتها الإعلامية سكينة فؤاد مستشار رئيس الجمهورية لشئون المرأة من أجل فتح حوار مجتمعى لمناقشة ظاهرة العنف والاستغلال ضد الطفل، وسماع آراء الخبراء والمعنيين فيما يتعلق بحالة العنف الغريبة التى وصل اليها حال الطفل المصري، ومعرفة أسباب هذه الظاهرة، وهل هناك انحراف فى منظومة القيم والاخلاق وانحراف نفسى وسلوكي، بالإضافة لمناقشة التشريعات الحالية ومدى كفايتها لحماية الطفل ودور مؤسسات الدولة والاعلام، بالإضافة إلى دور المؤسسة التعليمية وهل تساهم فى بناء الطفل والمراهق والشاب أم العكس، ومن المسئول عن الأسرة المصرية العظيمة اليوم. وقالت إن الدراسة التحليلية التى أعدها المجلس كشفت عن تعدد مظاهر العنف ضد الأطفال حيث تنوعت بين القتل والاغتصاب والتعذيب والاختطاف والاتجار وعنف الأطفال والإهمال وأظهرت النتائج أن حالات الاختطاف والاتجار بالأطفال حازت على أعلى نسبة من إجمالى حالات العنف وبلغت 37.2%، وتلتها حالات تعذيب الأطفال بنسبة 21.8% من إجمالى حالات العنف التى يتعرض لها الأطفال كما بينت الدراسة التحليلية أن حالات الاغتصاب التى يتعرض لها الأطفال فى فترة الدراسة بلغت نسبة 15.9% من إجمالى الحالات، وتبين أن حالات قتل الأطفال بلغت نسبة 11.2%، أما حالات الإهمال والتى نتج عنها قتل أو إصابات للأطفال بلغت نسبتها 10.7% من إجمالى الحالات، وجاءت حالات عنف الأطفال فى المركز الأخير بنسبة 3.2%. وأضافت العشماوى أنه طبقا لهذه المؤشرات يدق المجلس القومى للطفولة والأمومة ناقوس الخطر لينبه المجتمع بمخاطر العنف ضد الأطفال لينظر بعين الاعتبار لبعض الأحداث الغريبة على أخلاقيات وقيم المجتمع المصرى فى الآونة الأخيرة، وخاصة حوادث الاغتصاب وهتك العرض والتحرش كقضية الطفة زينة وغيرها من القضايا والجرائم ، والتى بالرغم من محدوديتها مقارنة بعدد السكان تتطلب تدخلاً عاجلاً وسريعاً من كافة الجهات المعنية قبل تفاقمها لتصبح ظاهرة. قصور المؤسسات وأكد اللواء أبو بكر عبد الكريم مساعد وزير الداخلية لقطاع حقوق الإنسان أن ظاهرة تعرض الأطفال للانحراف واستغلالهم تشير بشكل واضح إلى وجود قصور ملموس فى الدور الذى يقوم به المجتمع ومؤسساته الإجتماعية فى تنشئة الطفل وعدم نجاحها فى تطبيع سلوكياته وتصرفاته، موضحاً أن أوضاع الطفل المصرى عقب ثورة 25 يناير انعطفت نحو التراجع حيث جنح البعض لاستغلال الأطفال فى أعمال إجرامية وإرهابية وبات الأطفال أدوات سهلة فى أيدى الكيانات الإجرامية مستفيدين بذلك من ذلك بتقليص حدة الإجراءات الجنائية على الأطفال، وهو ما يفرض علينا النظر بموضوعية ودقة فى أبعاد تلك المشكلة ووضع حلول تشريعية وقانونية لها تتوافق مع المتغيرات المجتمعية من ناحية والتزامات مصر القانونية. وطالب المستشار أحمد السرجانى مساعد وزير العدل لشئون حقوق الإنسان بضرورة أن تكون هناك خطوات فاعلية لحماية أطفالنا من كل تهديد واستغلال وأن الواقع اليوم يستوجب أن نعمل كلا فى إطار تخصصة لحماية الأطفال من الانتهاكات التى يتعرضون لها، مؤكدا ضرورة تعديل التشريعات وتغليظ العقوبة على بعض الجرائم فى حق الأطفال ووجود رؤية مجتمعية شاملة تدرس وتحلل وتقترح حلولا حاسمة لنا ولأطفالنا وترسم الطريق الذى ننشده جميعًا. وطالب الإعلامى وائل الإبراشى بتعديل قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 لمنع قتل الأطفال من جديد باسم القانون بسبب تقييد القاضى بأحكام معينة، وأضاف إنه إذا كان من الصعب تعديل سن الطفل حيث نص عليه دستور مصر 2014 فإنه من الممكن أن يتم تشديد العقوبة فى قضايا محددة كالقتل والاغتصاب حتى لا يستفيد الذئاب البشرية من قانون الطفل، مشيراً إلى أن أطفال الشوارع ينضجون بسرعة أكبر من البالغ لما يتعرضون له من مخاطر فى الشارع، وأن الخطورة فى ظهور المشكلة وارتباطها بالأحداث السياسية أيضاً حيث تم استغلال الأطفال فى إلقاء المولوتوف وغيرها، وذلك لمعرفتهم بأن العقوبة مخففة بحد أقصى سنتين. وأكد الدكتورعبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية أن وجهة نظر التشريع الإسلامى أن الطفل برىء بحسب الأصل لأن كل إنسان يولد على الفطرة، وأن الطفل له حق ويظل حقه مجرد خالص لا يقابله واجب إلى أن يصل البلوغ، موضحاً أن المسئولية تقع على الوالدين، وأنه يجب تحرى الموضوعية مع الأحداث ومعالجتها بعيداً عن الانفعال، وأنه من شروط عقوبة الإعدام أن تطبق على من هم أكبر من 18 سنة، مؤكداً أنه لا يجوز العبث بالسن الذى نص عليه الدستور إنما لابد من معاقبة من يستغلون الأطفال بأشد العقوبات. وأشار الدكتور صفوت البياضى رئيس الطائفة الإنجيلية وعضو لجنة الخمسين لصياغة الدستور أهمية مراجعة المنهج التربوى ونبذ العنف الأسرى بين الزوج والزوجة، والاهتمام بذكاء الطفل والتثقيف الدينى، والاهتمام بمرحلة الطفولة المبكرة حتى قبل الإنجاب، مؤكدا أن الطفل المصرى أذكى طفل فى العالم إذا ما توفرت له إمكانيات أسرية ومجتمعية، موضحاً أهمية حماية الطفل من خلال الأسر البديلة بدلاً من الملاجئ التى ينتشر فيها العنف والإعتداء بين الأطفال والعناية بالطفل تعليمياً واجتماعيا.ً وطالب الدكتور طلعت عبد القوى رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية ضرورة التعامل مع هذه الظاهرة من خلال المنع والوقاية على المدى البعيد من خلال استراتيجية عمل ينفذها جميع مؤسسات المجتمع المدنى والحكومة والأسرة للوصول إلى تعليم جيد وقصور ثقافة ومراكز الشباب ومعالجة الفقر التى بلغت نسبته أكثر من 40 %، كما وصلت الزيادة السكانية إلى معدلات كبيرة جدا.ً وأوضحت الإعلامية مريم ذكى ضرورة وضع آليات للارتقاء بالمجتمع وألا نسلط الضوء على الضحية فقط ولكن المجتمع ككل له الحق فى الحماية وعدم الاستغلال والتوازن بين حقوق الضحايا والمهمشين.