يبدو أن الحكومة «غلب حمارها» فى قضية نقص الطاقة وأننا مهددون فى كل لحظة بتوقف المصانع والشركات ومحطات توليد الكهرباء.. فلجأت إلى الحل السهل لتعويض نقص المازوت والسولار والغاز الطبيعى.. وقررت اللجوء إلى استخدام الفحم المستورد لتشغيل مصانع الأسمنت أولا.. وكأننا ناقصين تلوث! وتلوث مصانع الأسمنت (26 مصنعا) لا يحتاج إلى أدلة وبراهين.. فغبار الأسمنت المتخلف من عملية الصناعة يمكن أن تشاهده فى حلوان والمعصرة والتبين بكل وضوح.. وتمثل هذه المناطق أعلى نسبة تلوث فى العالم كله.. فهذه المصانع لا تستخدم الفلاتر لحجز الأتربة وتتركه يتسرب فى الجو! وأصيب الناس الغلابة هناك بالأمراض فى الجهاز التنفسى والحساسية والتخلف العقلى للأطفال.. ورغم ذلك قررت الحكومة استيراد الفحم الحجرى من الخارج لتزيد الطين بلة.. وتزيد من فاتورة التلوث وفاتورة علاج المواطنين! أما بالنسبة لأخطار الفحم.. فحدث ولا حرج، وأخطاره على البيئة كارثية.. وتأثيره يصل إلى 100 كيلو متر.. وهو مسئول عن أمراض السرطان ولوكيميا الدم وتخريب المناعة وتشوه الأجنة.. وغباره سوف يسقط على المنازل والأرض مما يضر بالمياه الجوفية. والحقيقة أن وزيرة البيئة د. ليلى إسكندر تستحق منا كل التقدير على موقفها المتشدد من استخدام الفحم لما يسببه من أخطار على صحتنا جميعا بلا استثناء.. فالتلوث بلا وطن ولكن للأسف الشديد أن مجلس الوزراء ضرب باعتراض الوزير عرض الحائط.. وقرر استيراد الفحم رغم أنف كل المعترضين لحل أزمة الطاقة. وأحسب أن بناء أماكن التخزين فى الموانئ باستثمارات ضخمة.. ثم الاستعداد بأسطول ضخم للنقل إلى المصانع التى سوف تستخدم الفحم وتغيير تكنولوجيا هذه المصانع من طاقة الغاز الطبيعى والمازوت والسولار إلى حرق الفحم سوف يصرف مليارات الدولارات على ذلك ثم سندفع فاتورة التلوث من عملية الاحتراق ذاتها التى يجب أن تتم فى الأماكن المفتوحة.. وسينتج عن ذلك غاز ثانى أكسيد الكربون المدمر للصحة والبيئة معا.. وسيجعل ظاهرة السحابة السوداء ظاهرة دائمة فى حياتنا وليست مرتبطة بحرق قش الأرز فقط. *** اننى أعتقد أن استيراد الفحم لن يحل أزمة الطاقة بين يوم وليلة.. وأن استخدام الفحم يحتاج إلى 4 سنوات على الأقل وأظن أننا يجب أن نفكر فى حلول أخرى غير استخدام هذا الفحم القاتل أو هذا السم القاتل الذى سوف يخرب البيئة المصرية.. وندفع جميعا الثمن!