عجز.. مرض.. أولاد.. فقر.. كل هذه الكلمات عندما تكون مجتمعة فهى تؤدى لا محالة إلى ذل.. ألم.. خاصة عندما يكون رب الأسرة هو المصاب بالمرض.. ويصبح غير قادر على العمل ليوفر لأسرته قوت يومها.. وهذا الأسبوع كانت الخطابات كثيرة أصحابها يطلبون المساعدة لأنهم فى حاجة إلى من يقف بجانبهم حتى لا ينحرف أولادهم أو يموتوا من الجوع.. وكانت حالة «حسن» الذى يبلغ من العمر السابعة والستين هى الحالة الأصعب، حيث إنه رجل مسن يحمل على كتفيه هم أسرة.. وهم مرض.. منذ أن فتح عينيه على الدنيا وهو يرى أباه يخرج مع نسمات الفجر الأولى ليبدأ رحلة كفاحه من أجل أسرته وأولاده.. كان يرى أمه أيضًا وهى تحاول أن تجد عملًا لتساعد زوجها من أجل عيون الأولاد.. اضطر وهو مازال فى الثامنة من عمره أن يخرج إلى العمل مع أبيه ليوفر رغيف عيش لنفسه ولإخوته كانت حياة كلها مشقة وتعب.. ولكن ماذا يفعل؟ لا يستطيع أن يتكلم أو يتمرد وعليه أن يكد ويكدح إلى أن صار شابا يحتاج إلى أن يعيش حياته مثل أقرانه وجيرانه وأهله وحين وصل إلى بداية الثلاثين كان حلمه وأمنيته أن يجد بنت الحلال ليكون أسرة ويعيش حياته سعيدا.. ووجد ضالته فى بنت الجيران التى وافقت أن تعيش معه على الحلوة والمرة فهى مثله فى كل شىء.. ولذلك كانت راضية بما قسم الله لها وبه عاش حياة حلوة أحيانًا ومرة كثيرا ورزقه الله بالبنين والبنات حتى صاروا خمسة وكلما رزق بواحد زاد من عمله وحرص على عدم التهاون حتى يستطيع أن يوفر لهم لقمة العيش الحاف.. ولكن دوام الحال من المحال.. فقد بدأ يشعر بالتعب والوهن.. كان يحاول ألا يشعر الزوجة بأنه يتألم حتى لا تطلب منه أن يستريح ولو ليوم واحد فهو يعلم جيدًا أنه لن يستطيع أن يوفر ما يسد به الأفواه والبطون الجائعة يوما بعد يوم حتى وصل به الحال إلى عدم استطاعته الحركة بسبب الآلام التى داهمته حاولت الزوجة بشتى الطرق مساعدته للتغلب عليها.. ولكن الحالة تدهورت به فقد أصيب بارتفاع بدرجة الحرارة ونوبات قىء متكررة، بل زاد الأمر سوءًا عندما تورمت قدماه وأصبح غير قادر على الوقوف واضطرت الزوجة إلى الاستدانة من الأهل وحملته إلى المستشفى العام وبدأت رحلة عذاب، فقد طلب الطبيب إجراء تحاليل وعندما عادت بها.. طلب أشعة على المسالك البولية والتى أثبتت الفحوص أنه مصاب بفشل كلوى وأن علاجه الوحيد هو الغسيل الدموى ثلاث مرات أسبوعيا، وهكذا أصبح لا حول له ولا قوة.. فهو لن يستطيع العمل مرة أخرى وعليها وعلى أولادها أن يساندوا الأب فى محنته.. ولكن أكبر الأولاد يبلغ من العمر 18 عاما وهو طالب وأصغرهم فى السادسة وهو عاجز تماما عن العمل وكل دخله 350 جنيها معاش تأمينى وهذا المبلغ «لا يسمن ولا يغنى من جوع»، خاصة أنه يحتاج إلى علاج وأدوية كما أنه يحتاج إلى نقل دم شهريا ليعوض الأنيميا التى يصاب بها بسبب الغسيل الدموى ويرى أولاده والجوع ينهش أجسادهم كما ينهش الفشل الكلوى جسده ولا يستطيع أن يدفع غول الجوع عن أسرته وهو عاجز عن الحركة الحزن يفتك به ونظرت عيون أبنائه وزوجته تمزق قلبه ولكن ماذا يفعل؟ هل يجد من يعينه على الحياة؟ من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.