بسبب السياسة الخاطئة التى تنتهجها وزارة الزراعة طيلة السنوات الماضية والتى أدت لتدهور المنظومة بالكامل وتسببت فى تراجعنا عالميًا وقاريًا، استغلت مجموعة من الخبراء المهتمين بالزراعة المصرية قيام ثورتى 25 يناير و30 يونيو بتكوين جبهة إنقاذ الزراعة المصرية لممارسة الفساد وتقديم العديد من المشروعات التى يمكن لها أن تعيد الأمور لنصابها مجددًا وقبل فوات الأوان. «أكتوبر» التقت الدكتور غريب البنا رئيس مركز البحوث الأسبق ومؤسس جبهة إنقاذ الزراعة المصرية للتعرف على خطة الجبهة وأهدافها فى المستقبل. *ما هدف تكوين جبهة إنقاذ الزراعة المصرية؟ **بسبب الحالة المتردية للفلاحين منذ سنوات طويلة، وحال الزراعة المصرية وما آلت إليه فى تلك الفترة وتدهور الإنتاج الزراعى، وعلى اعتبار أن الزراعة هى أساس الأمن الغذائى وبالتالى ينعكس ذلك على الأمن القومى، وإذا لم نلحق بالركب العالمى فى الإنتاج الزراعى والمحاصيل الاستراتيجية فإن الفجوة تزداد اتساعًا مع زيادة عدد السكان وقلة الإنتاج. *هل هناك محاور رئيسية وضعت فى الاعتبار عند تكوين الجبهة؟ **بالطبع هناك العديد من المحاور أهمها الاهتمام بالإنتاج الزراعى سواء الثروة الحيوانية أو التصنيع الزراعى، وأيضًا جميع المشاكل التى تواجه الفلاح مع وضع حلول جذرية لتفاديها مستقبًلا شريطة التعاون والاهتمام من جانب المسئولين والجهات الرقابية إضافة إلى محور مهم متعلق بمحاربة الفساد والفاسدين الذين امتد جذورهم لقرابة الأربعين عامًا، لذا نسعى لمحاربتهم بكل قوة. *ولماذا ولدت الفكرة فى هذه الفترة ولم تتكون الجبهة فى العهود الماضية؟ **من الطبيعى استغلال ثورتى الشعب المصرى 25 يناير و 30 يونيو لتغيير المفاهيم الخاطئة والسياسة التى أدت بالزراعة المصرية للانهيار وتذيلها نهاية القائمة العالمية والأفريقية وهو أمر غير مصدق ولا يتصوره عقل على اعتبار الإمكانات الهائلة التى تمتلكها الدولة ولكن لا تقوم باستغلالها. *ولكن وزير الزراعة يرى أن هدف الجبهة تحقيق مصالح شخصية؟ **على الإطلاق هذه ادعاءات باطلة فليس لدينا أية مصالح شخصية ولا نسعى لأية مناصب، فقط نريد النهوض بالمنظومة حتى ولو تمت على يد الوزير الحالى لأن المصلحة العليا للوطن أهم من تحقيق مكاسب مادية أو معنوية كما يدعى البعض الذى يرى الأمور بزاوية ضيقة، وإذا ما أراد الوزير تصحيح الصورة فلن نتوانى كجبهة فى خدمته ومساعدته لكن مع الأسف الوزير الحالى يستقطب مجموعة من الاشخاص أصحاب المصالح الخاصة للتعتيم على الأمور داخل وزارة الزراعة. *وما تقييمك لأداء الوزير فى الحكومة الحالية؟ **نفس الأداء السلبى الذى اعتدنا عليه منذ فترة طويلة ضاربًا بالمصلحة العامة عرض الحائط، فعلى سبيل المثال الجولة الأخيرة التى قام بها أيمن أبو حديد مع الفنان محمد صبحى وافتتاحه لأحد الاستديوهات داخل قناة مصر الزراعية يدل على أنه ليس مهتمًا بمشاكل الفلاح على الإطلاق لأن هذه القناة حققت خسائر فادحة قدرت ب 16 مليون جنيه وأتحدى أن يكون هناك فلاح مصرى يشاهدها أو يستفيد من المحتوى الذى يعرض بها، فالوزير يعتقد أن إلارشاد الزراعى يقتصر فقط على إنشاء قناة زراعية وهذا مفهوم خاطئ وأدى لتدهور المنظومة، فعندما كنت بأمريكا وجدت أن الارشاد الزراعى هناك لا يقل أهمية عن البحوث بمعنى أن إلارشاد يجب أن يضم خبراء وعلماء مثل البحث تمامًا كما هو الحال فى الدول المتقدمة. *وما هى السلبيات التى تفرض نفسها على الزراعة المصرية؟ **سلبيات لا حصر لها فى مقدمتها الظلم الواقع على الفلاح وارتفاع تكاليف الإنتاج والأيدى العاملة، حيث يكتشف المزارع فى النهاية أن العائد المادى صفر ولا يستطيع تقريب الفجوة بين ما أنفقه وما عاد إليه من خلال المحصول الذى قام بزراعته، فنحن أمام سياسة عشوائية لوزارة الزراعة فيجب أن نكون محددين ونعلم ما هى المحاصيل المهمة التى يقوم الفلاح بزراعتها وهذا يتطلب خطة مستقبلية، ولكن للأسف لا توجد خطة من الأساس حالية. *وما هى الأفكار التى قدمتوها لإصلاح المنظومة الزراعية؟ **الأفكار عديدة ولدينا ملفات لمشاريع كبيرة ونأمل أن يتكاتف معنا المسئولون لتقديم خدمة زراعية شاملة لمصر فعلى سبيل المثال لك أن تتخيل أن المحاصيل الزيتية تقوم باستيراد 98% من الزيوت النباتية رغم أننا نمتلك نباتات لا حصر لها من الممكن بقليل من التفكير أن نعوض النقص فى بعض النواحى الأخرى مثل نباتات عباد الشمس والكانيولا، والأهم الزيتون فمن السهل جدا انتاج زيت الزيتون وتصديره للاتحاد الأوروبى وتحقيق عائد مادى كبير فقط بدعم مجموعة من الشباب خريجى الكليات الزراعية بمبلغ مالى قليل لا يساوى نصف راتب مدير إدارة بالوزارة ومن ثم تحقق فائض أيضًا ويعود علينا بالعملة الصعبة وعرضنا فكرة إنشاء مزارع تعاونية للشباب ولكن تم تجاهل الأمر. *وماذا أيضًا عن بعض المشاريع لديكم؟ **هناك الثروة الحيوانية، فنحن دولة لا تنتح الإنتاج الحيوانى حيث لا يوجد لدينا مراع طبيعية تعتمد على الأمطار مثل الصومال والسودان والبرازيل، فأرى أننا نعتمد على استيراد اللحوم من الخارج لأنه أرخص سعر أو أفضل من الإنتاج، حيث نقوم فى مصر بزراعة 2 مليون فدان «برسيم» لخدمة هذا المنتج وفى النهاية لا نجد منتجًا من الأساس ونقوم بالاستيراد من دول كثيرة، فالأفضل استغلال ولو نصف هذه المساحة المزروعة برسيما ونقوم بزراعتها قمحا مما يحقق فائضًا أو على الأقل اكتفاءً ذاتيًا لهذا المحصول الاستراتيجى. *هل تعتقد أن هناك تواطؤا لعدم زراعة القمح؟ **هناك مافيا فى إنتاج التقاوى المهجنة وانتاج التقاوى يمثل مشكلة كبيرة بمصر ونستورد التقاوى العادية من الخارج بينما من السهل إنتاجها فى مصر وبالفعل هناك اثنان من العلماء قاما بانتاج نوعين من التقاوى ومع الأسف لم يلتفت إليها أحد ويتم تجاهلها بتعمد دون سبب مفهوم ومشكلة القمح هى بالأساس سياسة دولة، والأزمة الكبرى تخطت القمح فبعد أن كنا نصدَّر الفول البلدى أصبحنا الآن نستورده من الصين لعدم وجود رؤية أو متابعة من الوزارة. *وما هو الحل من وجهة نظر الجبهة؟ **لابد من عودة الدورة الزراعية لأن إلغاءها تسبب فى انتشار الآفات والحشرات والأوبئة وقضى على المنتج الزراعى فى مصر فى حين نهضت دول أخرى. *ما هى طرق الجبهة لمحاربة الفساد داخل وزارة الزراعة؟ **عن طريق تقديم المستندات للقضاء وهناك عدة دعاوى تم رفعها على أشخاص عديدين داخل الوزارة وننتظر الفصل فيها من القضاء الشامخ، وأتعجب من موقف إبراهيم محلب رئيس الوزراء، حيث عقدت معه جلسة قبل تشكيل الوزارة الحالية وقدمنا له ملفا متكاملا عن الفساد والأخطاء داخل الوزارة فى عهد الوزير الحالى مع وضع رؤية واضحة للنهوض بالزراعة المصرية لكنه فى النهاية أتى بالوزير الحالى على اعتبار أنه مسنود من البعض. *ما أهم القضايا التى قامت الجبهة بتفجيرها؟ **قضية التطبيع مع إسرائيل رغم أن اتفاقية كامب ديفيد نصت على ذلك منذ فترة لكن وزارة الزراعة الوحيدة التى طبعت مع الكيان الصهيونى بشكل كامل، حيث إن الوزارة قامت بعمل مشروع مشترك مع إسرائيل فقط وليس مع دول البحر المتوسط كما يروج البعض لإخفاء الحقيقة، فهذا المشروع يعد كارثة للزراعة المصرية وهو عبارة عن تبادل الأصول الوراثية وتدريب المهندسين الزراعيين المصريين فى اسرائيل حيث دفعت مصر 123 مليون يورو فى حين دفعت إسرائيل 50 مليونا فقط والغريب أن المشرف على هذا المشروع هو الوزير بنفسه. الكارثة الأخرى أن معظم التقاوى المهجنة تأتى عن طريق إسرائيل ولن ولم تستفد الزراعة المصرية ولا المهندسون الزراعيون من هذا المشروع ولا نعلم سر إصرار الوزير على الاستمرار فى هذا المشروع حيث نقوم بنقل الأصول النادرة للعدو الصهيونى بسهولة فى المقابل هو لم يمدنا بأى شىء مفيد للمنظومة الزراعية بل على العكس يمدنا بأشياء أخرت بالزراعة المصرية ونحن نستمر على هذا النهج. *هل هناك مشروع يجب أن تغير الوزارة سياستها تجاهه سريعًا؟ **مشروع الجاموس المصرى الذى قامت الوزارة بمد باكستان بسلالات نادرة استغلتها لتصديره للعالم كله ونحن مازلنا مستمرين على نفس السياسة الخطأ مع دول أخرى وهذا جرس إنذار.