كلاكيت ثانى مرة للتذكرة وليس أكثر .. كتبت هذا المقال بعد الثورة مباشرة وكان لدى أمل كبير أن يتحسن حال أبناء هذا الوطن وأن الثورة ستغير الناس للأحسن وأن الناس ستتفتح قلوبهم للخير وليس للشر وأن الغد سيكون أفضل دائما.. وأن كل واحد سيعمل فى إطار شغله وليس أذية خلق الله يمين وشمال وأن الشر يمكن أن يخجل شوية ويبعد عن التلويش فى خلقه شوية، ولكن للأسف أظهرت الثورة أسوأ ما فى أخلاق الناس من احتيال وبلطجة وإرهاب الآمنين والتلويح بالشر، وذلك نتيجة أن البلد بكافة مؤسساتها مشغولة فى ترتيب البيت من الداخل وهم مشغولون بالتخريب والتدمير لكل شىء ومين يلحقله لقمة ومين يلحقله سبوبة والدنيا ظاطت وباظت وراح الناس الطيبين فى الرجلين.. وربنا المعين على هؤلاء المأجورين من أجل علاوة أو ترقية أو حتى الرضا السامى تطوعا وحاجة ببلاش كده واللى يلحق حاجة يأخذها من كل الخراب الذى أصبح يحيط بمصر من كل جانب.. وحسبنا الله ونعم الوكيل. فى كل بلية وكل شرير يصدر شره على خلقه الآمنين.. فإذا كان من حكمونا صدروا لهذا الشعب أسوأ القيم وأحقرها طوال فترة طويلة فمن الصعب تخلص الناس من هذه الأخلاق السيئة فهذا يحتاج إلى نقع الناس فى مسحوق قوى المفعول حتى يتخلصوا مما أصابهم من أمراض أخلاقية وإنسانية وأنانية وحقارة صعب التخلص منها ونقول أيه هذا أصبح حال البلد.. أو محتاجين لحبوب يوسف السباعى للنظافة من رواية أرض النفاق وعلى رأى الأستاذ محمد صبحى نحن نحتاج إلى إعادة بنا البشر وليس الحجر فقط، إزاى يقول لنا علماء العلوم الاجتماعية ذلك، فنحن نحتاج وصفة أو روشتة عاجلة لعلاج هؤلاء الناس الذين لا هم لهم إلا أذية خلق الله لمجرد نقيصة، وحقد فى نفوسهم على من هم أفضل منهم والله أعلم.. وفجأة وجدنا حولنا كم هائل من العصابات والتجمعات التآمرية فى كل مكان تريد أن تجنى ثمار الثورة لمصلحتها بالإدعاء بأنهم كانوا غير متفقين مع الحكم السابق وهم كانوا من ذيول الحكم السابق فى كل مكان وكل مؤسسة ومسئولين عن الخراب الذى ألم بكل مكان وكل مصلحة عامة وهم أحد الحرامية الذين نهبوا مؤسساتنا وأفقروها وأخذوا عضماية ولا لقماية ناشفة ولا حتى طرية فهم متورطون فى هذا الفساد وكانوا لايجرؤون على فتح أفواههم حتى بكلمة وهس والآن يتشدقون بأنهم مع الثورة قلبا وقالبا إزاى برضه أنت ما تعرفش هؤلاء كلاب وخدامين كل عصر وكل وقت وآكلى فتات كل الموائد.. وإذا كان الفاسدون قبل الثورة سرقوا مليارات ومليارات وملايين وملايين من أموال هذا الشعب.. سرقوا بنوكا وأراضى وسرقوا البحر والنهر والشمس والهواء النقى والطعام النظيف والحياة.. كل ذلك سيعود، ولكن الأفظع والأدهى والأكثر خطورة، أنهم سرقوا وشوهوا وأفقروا الأخلاق المصرية الأصيلة والتى ظل المصريون على مر العصور يتباهون بها بلا منازع.. واختفت كثير من صفات الإنسانية والنبل والرقى والأخلاق الرفيعة بين أبناء هذا الوطن، وتدنت العلاقات الإنسانية من حب الخير والتراحم والتآلف والتلاحم فى الحزن والفرح.. المصرى المعروف بشهامته ونبله ونخوته وجدعنة ولاد البلد تراجعت هذه الصفات فى كثير من المواقف، وأصبحت الأنانية والفردية وحب الذات والمصالح الشخصية أهم من المصلحة العامة.. وأصبحت القيمة السائدة فى كل التعاملات بين الناس اللى تغلب ألعب به واخطف وأجرى وأسرق وأجرى.. وأصبح اللى معاه قرش يساوى قرشا وقيمة الإنسان تحددت بما يملك، وبرصيده فى البنك وبحجم سيارته.. وأكلتنا المظاهر وقتلت جوهر الناس ومعادنهم النفيسة.. وأصبح كل فرد يقول أنا ومن بعدى الطوفان.. فغرقت سفينة نوح وغرقنا كلنا فى السلبية واللامبالاة وماليش دعوة، والكل تاجر بالكل والكل باع الكل وسقطنا فى بحر التأخر وعدم الإنتاج.. وتكونت جبهات فى كل مجال وكل مؤسسة وكل قطاع من قطاعات الأشغال لمحاربة الناجحين والمتميزين والموهوبين وقتل الأفكار ووأد كل من هو قادر على عمل شىء ناجح وحورب النجاح فى كل مكان وأخليت الساحة للمعارف والمحاسيب والأقارب.. وأدى ذلك الى إشاعة الحقد والكره والبغض بين المصريين فى كل قطاعات الأعمال.. وفشلت كل المصالح وخسرت كثيرا من الأموال ولم تحقق أرباحا.. وأصبح أداء الأفراد بلا اهتمام وعلى قدر فلوسهم.. وازداد الفقراء فقرا والحرامية ثراء وكله بالقانون.. واختفت روح الفريق، وأصبحت كل الأشغال تتردى بالفشل كل فرد لا يريد إلا نفسه فى الصدارة والآخرون يموتوا يغوروا فى داهية، ولهذا البلد تأخرت وأصبحت فى مصاف الدول البدائية.. وتأخر التعليم والعلم.. وكثير من الكفاءات هاجرت وتركت مصر وعادت تبين لنا فشل إدارة مؤسساتنا. والدليل أمامنا د.زويل ود.مجدى يعقوب وفاروق الباز وغيرهم الكثيرون من رجال أعمال يشار لهم بالبنان. والإنسان المصرى الذى يأكلها بدقة وملح وينام ضميره مرتاح أصبح يقبل القرش الحرام ويفتح باب الدرج ويقبل الرشوة علشان يعيش ويعيش أولاده مستورين يادوبك مستورين لأن هناك من كان يلتهم مرتبه ودخله المفروض أن يتقاضاه من وظيفته وحرم منه.. وسرقوه مليارات كان يمكن أن يعيش المصريون بها.. كل المصريين فى رغد ورفاهية، وهذه ليست قاعدة فلا يزال هناك كثير من المصريين يعتزون بكرامتهم ويرفضون القرش الحرام .. وتردى الأخلاق الذى ساد وأفسد المجتمع ليس بين أبناء الوطن فقط.. بل بين أبناء الأسرة الواحدة أصبحت تسودها الغيرة والحقد هذا لديه وليس لدى مثله.. والعلاقات الإنسانية بينهم صارت تيك أواى، ويمكن الأخ لا يرى أخاه بالسنوات. والأخ المحتاج لإخوة إنسانيا أو ماديا لا يجد استجابة وشحت العلاقات الطيبة بين الإخوة. ويمكن للأخ أن يبيع أخوه أو أخته أو يسرقه أو يخونه. انقلب حال المجتمع.. وكل ذلك بسبب السعار المادى والجشع والطمع، والذى لديه سيارة يريدها خمس سيارات والذى لدية ثلاجة عايز فى كل حجرة ثلاجة وكل حجرة تليفزيون وهلما جرا.. أما الجرائم التى انتشرت وكانت غير مسبوقة وظهرت وطفت على وجه المجتمع وهزت الضمير وأظهرت كم القسوة التى بدا عليها هؤلاء المجرمون، جرائم القتل فى الأسرة الواحدة. وجرائم الاغتصاب للأطفال وسرقة الأطفال والاتجار بأعضائهم.. وعرفنا هؤلاء الذين يبيعون دماءهم غيلة الفقر وكذلك كلاويهم وأكبادهم غيلة العوز، وشاهدنا أناسا تلفق لهم التهم وإدخالهم السجن وتشويه سمعة بعض المحصنات ودحض الحق بالباطل والباطل بالحق واختلط الحابل بالنابل.. وانتشر العنف بين الناس قلة الذوق والألفاظ البذيئة تسمعها فى كل مكان بعد أن كان هذا الشعب المصرى معروفا بعفة اللسان والكياسة ودماثة الخلق، والسؤال هل يمكن أن يعود المصريون إلى سابق عهدهم. الجنس– المخدرات– الدين– هذا الثالوث الذى ثارت الصين وقاومته وحررت بلدها منه وطهرت أبناءها منه.. ألقوا ببلدنا فى أحشائه.. يتخرج الشاب من الجامعة فلا يجد عملا ويكون مكانه الرصيف والنواصى وأصدقاء السوء فيتلهى بالمخدرات أو الأفلام الثقافية أو يلقى بنفسه إلى دعاة الدين المزيفين للدين.. الصين عرفت طريقها ووضعت يديها على الداء ثم انطلقت إلى التقدم وغزو العالم بصناعتها وتجارتها وأصبحت بعبع العالم الاقتصادى.. وكان يمكن لمصر أن تكون لولا هؤلاء الذين سرقوا أموال الشعب المصرى وتاجروا بقوته.. وكان يمكن أن يعيش الشعب المصرى بالمليارات التى نهبت فى تقدم وازدهار ورفاهية. ولكن القيم التى تعمد النظام من خلال مؤسساته الإعلامية نشرها.. قيم الفردية والثروة والمظاهر الكاذبة وإثارة الحقد بين الفقراء والأغنياء والعنف وإفساد الذوق وإشاعة الفهلوة والرغبة فى الثراء السريع بلا تعب أدت إلى انحراف كثير من الناس.. وكل فرد وجد الغلاء والدروس الخصوصية وارتفاع أسعار كل الخدمات كل يوم عن يوم وسار الكل يبحث عن الفلوس وتناسينا قضايا الوطن وتركناهم ينهبوه ونحن مشغولون بلقمة العيش.. ثورة الميدان.. ثورة الشباب الواعى الفاهم الدارس الذى تفوق على جيلنا الصامت الذى ضرب وهزم وقهر دون أن ينبت ببنت شفة وإلا لقى التجويع والترويع والإبعاد والنفى داخل منزلك قيد الإقامة الجبرية. وإلا تجد نفسك متهما فى قضية أخلاقية أو محاصر بزبالة البشر يرهبوك.. ويقلقوا منامك.. أو يرسلوا لك واحد زبالة يتحرش بك يوريك العين الحمرا، والله العظيم لقد خطرت لى فكرة ميدان التحرير منذ سنوات كلما تعرضت للقهر والظلم وكنت أضحك ملء جفونى لأنى أتصور أن هناك من سيأتى ويجرنى للسرايا الصفراء بالعباسية وأقهقه من الفكرة. إلى أن فعلها أولادى وكلهم فى سن أولادى الذين لم يروا النور بفعل فاعل. والله عملها الشباب اللى زى الورد والفل وأيقظ الشعب المصرى كله الشباب الذى أشعرنا أننا كلنا لسنا على مستوى المسئولية ولم نستطع مواجهة كل الظلم الذى عاناه الشعب لسنوات طالت 30 سنة ياهو ولا صبر أيوب. أيقظونا وأعادونا نحن المصريين لأنفسنا انظر أخلاق الميدان، ميدان التحرير. ميدان الثورة ميدان الحب والطهر والعفاف..عودى أخلاق المصريين الأصيلة.. عودى ونحن فى انتظارك..