فى المسافة بين الرجل والمرأة تفجرت هذه الثورة الناعمة.. ثورة البنات التى عكسها قبل أكثر من نصف قرن الروائى الكبير إحسان عبد القدوس فى قصته الشهيرة: «أنا حرة» وجسدتها السينما فى فيلم قامت ببطولته السندريلا لبنى عبد العزيز. وفى رواية إحسان كما فى تلك المبادرة التى سوف تتحدث عنها البنات المصريات لديهن حقوق فى المساواة المجتمعية يبحثن عنها ليعشن كتفا بكتف مع الرجل الذى يحرمهن متعة ممارسة نشاطات قد تبدو بسيطة أو تافهة فى نظر البعض ولكنها تساوى الكثير فى نظرهن. الحكاية بدأت بصفحة على «الفيس بوك» ولم تقف عند هذا الحد فقد تطورت لتأخذ شكلا أكثر تنظيما لتتحول إلى مبادرة وحركة انضم لها عدد من الرجال. تقول غدير أحمد مؤسسة «ثورة البنات» إن الفكرة جاءتها بعد قراءة إحدى مقالات الكاتب أحمد العسيلى الذى كان عنوانها ثورة البنات فى مطلع عام 2012والتى وصف فيها حال البنت المصرية بالمزرى وجاءت لى الفكرة مع اثنين من صديقاتى بعمل «هاشتاج» على تويتر باسم «ثورة البنات» نكتب فيه كلما نتعرض له من اضطهاد أو تمييز أو موروثات عنصرية فى العادات والتقاليد المصرية والذى فوجئنا بعد إطلاقه بسيل من الردود والقصص والأمثلة من البنات تحكى فيه كل بنت إحدى تلك المواقف التى عرفتها من الغير أو تعرضت لها شخصيا ومن هنا جاءتنا فكرة الصفحة على الفيس بوك ومن خلالها استطعنا التوسع فى عرض تلك الأفكار فى شكل قصص مختلفة نستقبلها من البنات وبعد نشرها نبدأ مناقشتها بداية من مشكلة التحرش الى العنف ضد الفتاة سواء العنف الأسرى أو العام. وتضيف غدير بدأنا ننتقل من العالم الافتراضى للواقع أولا بوقفات احتجاجية أمام الوزارة المسئولة عن المدارس ضد الانتهاكات التى يتعرضن لها طالبات المدارس وعلى إثر هذه الوقفات فصلت مديرة إحدى مدارس البنات و كذلك وقفتنا ضد إحدى وقائع التحرش فى مترو أنفاق وفيها اعتدى عليها رجل أمن على سيدة بعد مشادة لمطالبتها إخراج رجل من عربة السيدات ثم بدأ تواصلنا مع عدد من المؤسسات المدنية النسوية والمعنية بقضايا المرأة للاستعانة بها فى تقديم العون المعنوى والنفسى المتخصص للفتيات ومناقشة تلك الأفكار بشكل أكبر وأكثر علانية ومن ثم المشاركة فى محاضرات ومؤتمرات وتوصيل أصوات البنات ومشاكلهن للجهات المتخصصة الرسمية إلى أن ننتقل إلى الخطوة القادمة التى تتمثل فى تحويل «ثورة البنات» إلى كيان مستقل بذاته. الجديد! والجديد فى «ثورة البنات» كما تقول غدير إنه أضيف إليها هالة من التمييز بخلاف ترك مساحة للفتيات للتعبير عما لا يستطيعن أن يعبرن عنه فى العلن وهو ابتكار بعض الأفكار المحاربة للعادات والتقاليد والأفكار العنصرية ضد الفتاة مثل رفض المجتمع لفكرة أن تمارس البنت أى نشاط رياضى يتسم عادة بالذكورية بلا مبرر كلعب كرة القدم أو قيادة الدراجات ومن هنا كانت أول دعوة لنا باسم «هنركب عجل» وكانت الدعوة ناجحة حيث تمت الدعوة الثانية باسم «هنلبس فساتين» تعبيرًا عن أكثر نوع من الملابس الذى تحبه البنات وتحرم من ارتدائه بعكس ما كان فى السبعينيات فى زمن الرقى الفكرى والتفتح العقلى قبل أن يسوء حال المجتمع والذى نفذته العديد من البنات دون أن تخشى نظرات الآخرين لها فى سعادة بالغة بالإضافة لمبادرة تناول الفول على عربة الفول الشعبية وهى أيضا فكرة مرفوضة للبنت بلا مبرر. رجل فى الثورة أما المهندس مايكل نبيل أحد أعضاء فريق «ثورة البنات» فيقول فخور بأنى أدافع عن حقوق البنات ولا أعتبر أن اشتراكى فى فريق ثورة البنات غريب لأننى شاب بل على العكس أعرف جيدا ما يعانين منه من تمييز واختلاف لا أعانى منه أنا، وأكد مايكل أنهم حاليا يعملون بالتنسيق مع العديد من مؤسسات العمل العام للإعلاء من صوت الفتاة المصرية ومشكلاتها كمؤسسة نظرة والمرأة الجديدة والمشاركة فى الندوات والمؤتمرات والاهتمام الإعلامى الكبير بالصفحة وأنشطتها من خلال العديد من الصحف وقنوات التليفزيون أكبر دليل على ارتفاع الصدى العام والتأثير الذى أحدثته مبادرة «ثورة البنات» ويظهر ذلك فى القضايا التى تبنينا الدفاع عنها وكان لها مردود ورد فعل عام كقضية نادية عادل التى تعرضت للاعتداء فى المترو وكان نتيجتها تغيير إدارة تشغيل المترو كاملا وتشديد متابعة العربات النسائية وحمايتها وهذه الأنشطة بادرة لتكوين مؤسسة تتبنى مختلف أشكال قضايا المرأة بالحلول والمبادرات الفعلية على الأرض وليس فقط بالمناقشة والطرح.