أمام مبني وزارة التربية والتعليم, كانت المجموعة كبيرة.. صبيان وبنات.. كبار وصغار, الجميع يحتجون علي الانتهاكات التي تتعرض لها طالبات المدارس من عنف نفسي وجسدي. كان الحشد جزءا من ثورة البنات التي انطلقت قبل عام بقيادة فتاة صغيرة لم تتجاوز الثانية والعشرين إسمها غدير تعلن الثورة ضد كل ما هو متخلف وتفتح الباب أمام نساء مصر ليحكين تجاربهن مع كل ما هو مسكوت عنه في المجتمع. البعض رغم صغر سنه إذا ناقشته يفاجئك بنضجه وكبر عقله, والبعض الآخر رغم كبر سنه يصدمك بصغر عقله, غدير أحمد مؤسسة صفحة ثورة البنات علي البنات من النوع الأول, ثقتها بنفسها والنضج الواضح في شخصيتها يعطيها عمرا أكبر من عمرها.. أنا إنسان.. أنا بنت.. أنا حرة كان هذا هو الشعار الملهم الذي كتبته علي باب غرفتها ثم تحول إلي عنوان لثورة. الفكرة الرئيسية كما تقول غدير كانت إعطاء المساحة لكل نساء مصر ليحكين تجاربهن الشخصية وما لا يستطعن البوح به لأن التشارك في مثل هذه التجارب يعطي قوة كبيرة.. أنا نفسي أشعر دائما بأن لدي قصة أريد أن أشارك بها الأخريات. تحكي غدير في صراحة عن عملية الختان التي أجريت لها مثل ملايين البنات في مصر, وعن إجبار المدرسين لها علي ارتداء الحجاب مثل زميلاتها, وعن قرارها بخلعه لأنها لن تفعل شيئا علي غير إرادة منها, لا تختلف قصتها عن أخريات لكن الفارق أن غدير تمتلك جرأة الاعتراف وشجاعة القرار. بعد شهور قليلة من إطلاق ثورة البنات وصل عدد متابعيها أكثر من50 ألف شخص. يديرها ثمانية أشخاص آخرون مع غدير لا يكتفون بنشر المشاركات ولكن أيضا بتقديم الإرشادات اللازمة للفتيات لحماية أنفسهن وطريقة إعداد رشاش الفلفل لمقاومة المتحرش وتفتح الباب للمناقشات أمام الجميع لمساعدة الضحية وفضح المتحرشين. اقفي قدام المتحرش وافضحيه ومتسبيش حقك, إعملي محضر ومتسكتيش, إعرفي حقوقك وحاربي علشانها, إشتغلي وكوني شخصيتك بنفسك, إستقلي ماديا, وده هيبقي سر قوتك. هكذا كتبت بنات الثورة وهكذا يفكرن, بل ان بعضهن وصلن لما هو أبعد وطالبن بالسماح للفتيات بدخول الجيش فقالت إحدي العضوات الحل الوحيد عشان البنت المصرية تعرف قدراتها علي العمل وتؤمن بالمساواة والمشاركة هو التجنيد الإجباري, التجنيد يعني تحمل المسئولية والاستقلال والتخلص من العادات والتقاليد العقيمة, لو سمحنا بتجنيد الفتيات يبقي منطقيا هيتلغي جواز القاصرات, مفيش واحد هيتجوز واحدة مخلصتش فترة تجنيدها, دي أول ميزه. ثانيا: لو فيه تجنيد الأهل هيثقوا في بناتهم ويتقبلوا فكرة سفر وعمل المرأه في أي مكان, بدل أزمة الثقة الموجودة حاليا. ثالثا: التجنيد يعني تمرين علي السلاح والدفاع عن النفس دون الحاجة للمساعدة ضد أي متحرش أو مغتصب. وتقول غدير: عندما زاد عددنا وأصبح لدينا آلاف الشكاوي لاحظنا أن أغلبها من طالبات فأطلقنا مبادرة لرصد انتهاكات المدارس ضد الطالبات, وبعد قليل من إطلاقها جاءتنا شهادات خطيرة تكشف عن حجم الانتهاك الذي تتعرض له الفتيات. إحدي الطالبات حكت أن مدرسة أضاعت موبايلها فدخلت الفصل وفتشت الطالبات وقالت لهن والله لافتشكوا تفتيش آداب. طالبة أخري تعرضت لكسر في ذراعها وأخري لكسر في إصبعها وأخريات يجبرن علي ارتداء الحجاب رغم إرادتهن, بالإضافة إلي السباب والتحرش الجنسي الذي وصل أحيانا إلي درجة الاغتصاب كما حدث لفتاة أسوان.. وصل عدد الانتهاكات إلي17 حالة في مدرسة واحدة منها4 حالات خلع أحذية و6 حالات شتائم وسب الأهل وواحدة تفتيش ذاتي و7 حالات ضرب وصل بعضها لحد الكسر. عندها نظمنا الوقفة أمام وزارة التربية والتعليم طالبنا بإقالة وزير التعليم وتشكيل لجنة وزارية للتفتيش علي المدارس وإحالة الأشخاص المتهمين بممارسة العنف إلي السلطة التنفيذية, وليس للإدارة التعليمية التي تتبعها المدرسة فقط. تؤكد غدير: سنواصل الثورة ولن نسكت فالسكوت معناه أن القضية ستموت.