تتباين المواسم وتتشابه العروض التمثيلية الهزلية على خشبة المسرح السياسى العالمى دون تجديد فى النصوص أو إبداع فى الإنتاج والإخراج مع ملل بات يشوب أداء الممثلين الرتيب والعاجز عن التجديد والذى يعوزه المبرر الدرامى أو الناتج السياسى المرجو.. ورغم أطنان «المكياج» ومحاولات التجميل الفاشلة.. إلا أن عرض الكبار لا يتناسب مع سمعتهم الدولية فالعرض هزيل وممل..!! فالصراع الروسى- الأمريكى الأوروبى الذى بات وشيكا يؤكد أن الخلافات لا تدوم أما المصالح فهى دائمة .. والوفاق الروسى- الأمريكى الذى تجسدت معالمه من خلال شعار رفعه الرئيس الأمريكى أوباما فور وصوله للبيت الأبيض فحواه أن العداوة لا تدوم .. وكذلك الصداقة.. المهم المصالح المشتركة .. قد بات هزلياً .. ولعل الصراع الذى نشب مؤخرا بين روسياوالولاياتالمتحدة وحلفائها حول الأزمة الأوكرانية هو المثل الحى على صدق العبارة السابقة. فروسيا كما هو معلوم هى الوريث الشرعى للاتحاد السوفيتى السابق الذى مزقت أوصاله عقب انتهاء الحرب الباردة وقد سعى التحالف الأمريكى الأوروبى إلى ضم دول حلف وارسو التى كانت تابعة للنفوذ الروسى كما سعى الناتو لضم الدول التى انفصلت عن الاتحاد السوفيتى السابق للاتحاد الأوروبى، وهذا يفسر التصعيد السريع للأزمة الأوكرانية فلم ينس الدب الروسى هذه الممارسات، وهو ما يفسر تلك القرارات السريعة والحاسمة التى اتبعها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى إدارة الأزمة التى اندلعت مؤخراً وسحب البساط من تحت أقدام التحالف الأمريكى الأوروبى حتى يكون حل الأزمة قاصرا على الدب الروسى الذى أفاق من سباته ليستعيد مجده المفقود ويرد عمليا على محاولة الإقصاء الممنهج الذى مارسته ضده أمريكا وحلفاؤها ويرد على الثورة البرتقالية الثالثة التى دبرها الغرب للقضاء على النفوذ الروسى فى أوكرانيا ويكون كذلك حرمان الأسطول الروسى من موقعه الاستراتيجى على شبه جزيرة القرم من رابع المستحيلات.. بل قد تؤدى هذه الأزمة أيضاً لتقسيم أوكرانيا حفاظا على مصالح الجاليات الروسية فى الشرق واستمرار سيطرة الأسطول الروسى على منطقة القرم الهامة لتتغير عناصر اللعبة وتصبح مناطق النفوذ هذه مقدمة لمساومات سيقدمها الغرب لروسيا مقابل تخفيف تواجدها فى أوكرانيا أو إعادة توزيع لمناطق النفوذ وفقا للمصالح المشتركة. وهكذا تستمر الحروب الكلامية والتهديدات الوهمية والتلميحات الهزلية لتكون هى المسيطرة على الساحة الدولية لحين ظهور عناصر جديدة فى اللعبة. وتعد الساحة الأوكرانية هى منطقة نزال جديدة تأكدت فيها حرفية الرئيس الروسى بوتين رجل المخابرات السابق أمام سطحية الأداء للرئيس الأمريكى أوباما.. وتقول صحيفة لوس أنجلوس تايمز «إن أوباما حاول أن يدير هذه الأزمة كما أدار الأزمة الليبية من الخلف ولكنه فشل». وتمثل أوكرانيا أهمية استراتيجية لروسيا حيث تمدها موسكو بالطاقة النووية والغاز مقابل السماح للغاز الروسى بالعبور عبر الأراضى الأوكرانية لأوروبا بالإضافة إلى منفذها على البحر الأسود الذى يضم الأسطول الروسى وفق اتفاقية التأجير المبرمة بين البلدين والتى تنتهى عام 2042 ومنطقة القرم تتمتع بالحكم الذاتى تقطنها غالبية ناطقة باللغة الروسية وتؤيد الانضمام لروسيا التى كانت تابعة لها وضمن مستعمراتها فى السابق. ويؤكد المراقبون أن روسيا لن تسمح أن يكون للغرب نفوذ فى حديقتها الخلفية مما يمثل تهديدا لها وخشية من محاولات الولاياتالمتحدة و حلفائها من استغلال الأراضى الأوكرانية فى نصب قواعد عسكرية قد تهدد أمنها .