بعد أن وصلت المفاوضات بينها وبين الولاياتالمتحدة لطريق مسدود، لم تجد المستشارة الألمانية «انجيلا ميركل» حل لمشكلة التجسس التى قامت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية على المواطنين الألمان والتى وصلت إلى حد التجسس على هاتف ميركل المحمول إلا بإنشاء شبكة اتصالات أوروبية لتفادى مرور أى معلومات عبر الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهى الفكرة التى عرضتها المستشارة الألمانية الأيام الماضية على الشعب الألمانى وعلى الرئيس الفرنسى «فرنسوا أولاند» الذى جاء رده بالموافقة على هذا العرض وذلك خلال اللقاء الذى جمعهما فى فرنسا . واقترحت ميركل بناء شبكة اتصالات داخل أوروبا تقوم بها شركات أوروبية لتقديم خدمات الاتصالات بشكل آمن حتى تتفادى مرور رسائل البريد أو أى معلومات أخرى عبر الولاياتالمتحدة ، وتتضمن الخطة وضع ترتيبات جديدة لوقف تبادل الرسائل الالكترونية الأوروبية عبر الولاياتالمتحدة والمواقع الأمريكية المزودة لخدمة الاتصالات على شبكة الانترنت مثل ياهو وجوجل تمهيدا لتأسيس مواقع خاصة بالأوروبيين لتجنب الاعتماد على المواقع الأمريكية. وأكد مكتب الرئيس الفرنسى اولاند أن الحكومتين الألمانية والفرنسية بحثتا هذا الموضوع وقال إن باريس وافقت على اقتراح برلين، وقال مسئول فرنسى «الآن وبعد تشكيل الحكومة الألمانية من المهم أن نأخذ بزمام المبادرة معا». ومنذ أن تفجرت فضيحة التجسس الأمريكى حاولت ألمانيا إقناع الأمريكيين بإبرام اتفاقية يتفق فيها الطرفان على الامتناع عن التجسس على بعضهما أو حتى استنساخ قانون الخصوصية الألمانى الصارم ولكن واشنطن بررت التجسس على الأصدقاء بوصفه أخلاقى وجاءت المفاوضات دون جدوى. وفى محاولة لتجنب تجسس الولاياتالمتحدة على المواطنين الألمان قامت ألمانيا بإنشاء شبكة انترنت ألمانية وكلفت شركة الاتصالات الألمانية دويتشة تليكوم المدعومة من الحكومة التعاون مع شركات اتصالات ألمانية أخرى لحماية الانترنت إلا أن هذه المحاولة وجدت مشكلة وهى أن الشبكة لن تعمل إلا عندما يتصفح الألمان مواقع إلكترونية محملة على خوادم بالخارج مثل فيسبوك أو جوجل. كما استأنفت ألمانيا عمليات مكافحة التجسس النشطة ضد الولاياتالمتحدة وعملاء غربيين والتى تتضمن تعقب هؤلاء العملاء الذين يعملون تحت غطاء دبلوماسى على الأراضى الألمانية. وفى الوقت الذى تصر فيه الكتل البرلمانية للائتلاف الحكومى فى ألمانيا على ضرورة التوصل لاتفاق بين ألمانيا وأمريكا لمكافحة الأنشطة الاستخباراتية، حذرت الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكى الديمقراطى من احتمال فشل اتفاقية منع التجسس بين البلدين لأنه سيغير الطبيعة السياسية للعلاقات مع الولاياتالمتحدة خاصة بعد أن تسبب تأخير تشكيل لجنة تحقيق فى عمليات التجسس الأمريكية على ألمانيا فى نزاع بين الحكومة والمعارضة داخل البرلمان الألمانى وتبادل الطرفان الاتهامات بشأن تأجيل تشكيل هذه اللجنة التى اتفق عليها منذ فترة طويلة وكانت النيابة العامة تبحث فتح قضية ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية بتهمة التجسس وهو ما حاولت حكومة ميركل تجنبه حتى لا تتدهور العلاقات بين البلدين أكثر من ذلك خاصة وأنها قد وصلت إلى أسوأ حالاتها. وقد أثار إعلان ميركل عن بناء شبكة اتصالات جديدة ضمن خطة مقاومة التجسس التى تواجهها ألمانيا وبقية الدول الأوروبية قلقا فى الأوساط السياسية الأمنية البريطانية خاصة بعد إعلان الحكومة الفرنسية السريع عن تبنيها لخطة ميركل ما يعنى ضمان تبنى الاتحاد الأوروبى للخطة الألمانية خاصة وأن الاتحاد الأوروبى يعمل حاليا على وضع إطار عمل جماعى لحماية البيانات فى مبادرة تسعى فيها الدول الأوروبية لأن تلعب دورا فى تعريف الشكل الذى يكون عليه الانترنت فى المستقبل .