بعد تجاوزات إثيوبيا غير القانونية.. مصر تكشر عن أنيابها في أزمة سد النهضة.. متخصصون: ندافع عن حقوقنا التاريخية في نهر النيل والأمن المائي خط أحمر    الأولى على القسم الجامعي "تمريض": التحاقي بالقوات المسلحة حلم الطفولة وهدية لوالدي    رئيس الوزراء البريطانى يصل إلى شرم الشيخ للمشاركة فى قمة شرم الشيخ للسلام    فرنسا تُعلن تشكيل حكومة جديدة برئاسة لوكورنو لتجاوز الأزمة السياسية    ترامب: الصراع في غزة انتهى والإدارة الجديدة ستباشر عملها قريبًا    استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال في مدينة خان يونس    منتخب مصر ينتصر على غينيا بيساو بهدف نظيف في تصفيات كأس العالم 2026    بولندا تواصل تألقها بثنائية في شباك ليتوانيا بتصفيات المونديال الأوروبية    بوركينا فاسو تختتم التصفيات بفوز ثمين في ختام مشوار إفريقيا نحو المونديال    عبد الظاهر السقا: تنظيم أكثر من رائع لاحتفال المنتخب بالتأهل لكأس العالم    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    ترامب: الحرب في غزة انتهت ووقف إطلاق النار سيصمد    خبير تربوي يضع خطة لمعالجة ظاهرة العنف داخل المدارس    حبس رجل أعمال متهم بغسل 50 مليون جنيه في تجارة غير مشروعة    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    إعلام عبري: إطلاق سراح الرهائن من غزة بداية من الساعة 8 غدا على دفعتين    زيلينسكي: بحثت مع ترمب تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك وأنظمة باتريوت    منتخب مصر يتقدم على غينيا بيساو بهدف بعد مرور 15 دقيقة    ذهبية المنياوي وبرونزية صبحي تزينان اليوم الثاني من بطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي    البنك المركزي يقبل سيولة بقيمة 125.6 مليار جنيه في عطاء أذون الخزانة اليوم    باحث فلسطينى: زيارة ترامب لمصر محطة مفصلية لإحياء مسار السلام    وائل جسار يُحيى حفلا غنائيا فى لبنان الأربعاء المقبل    الخارجية الفلسطينية تؤكد أهمية ربط خطة ترمب للسلام بمرجعيات القانون الدولي    وزير الصحة يلتقي الرئيس التنفيذي لمعهد WifOR الألماني لبحث اقتصاديات الصحة    بيحبوا يصحوا بدري.. 5 أبراج نشيطة وتبدأ يومها بطاقة عالية    هل التدخين يبطل الوضوء؟ أمين الفتوى: يقاس على البصل والثوم (فيديو)    أسامة الجندي: القنوط أشد من اليأس.. والمؤمن لا يعرف الإثنين أبدًا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أول الحذر..ظلمة الهوى000؟!    نوفمر المقبل.. أولى جلسات استئناف "سفاح المعمورة" على حكم إعدامه    ابن النادي" يتصدر تريند "إكس" بعد تصاعد الأحداث المثيرة في الحلقات الثالثة والرابعة (صور)    قافلة طبية بجامعة الإسكندرية لفحص وعلاج 1046 مواطنًا بالمجان في الكينج مريوط (صور)    خاص للفجر.. يوسف عمر يخرج عن صمته ويكشف تفاصيل فيلمه الجديد مع أحمد عز    بعد مصرع الطفل " رشدي".. مديرة الامراض المشتركة تكشف اساليب مقاومة الكلاب الحرة في قنا    محافظ القليوبية يقود حملة مفاجئة لإزالة الإشغالات بمدخل بنها    في حب المعلم    تأجيل إستئناف المتهم الرئيسي ب " تظاهرات الألف مسكن "    الخريف.. موسم الانتقال والحنين بين دفء الشمس وبرودة النسيم    تأجيل الدعوى المقامة ضد إبراهيم سعيد لمطالبته بدفع نفقة ابنه    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    دمياط: فصل المياه في بعض المناطق منتصف الليل حتى الثامنة صباحا    أوسكار عودة الماموث.. فيلم يخطو نحو الإبهار البصري بقصة إنسانية مؤثرة    20 أكتوبر.. انطلاق جولة «كورال وأوركسترا مصر الوطني» بإقليم القناة وسيناء    الخريف موسم الانتقال... وصراع المناعة مع الفيروسات الموسمية    بالأسماء.. الرئيس السيسي يُصدر قرارا بتعيينات في مجلس الشيوخ    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    الأهلي يحدد 20 أكتوبر موعداً لحسم موقف إمام عاشور من السوبر المصري    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    وزارة الصحة: 70% من المصابين بالتهاب المفاصل عالميا يتجاوز عمرهم ال55 عاما    الداخلية تضبط أكثر من 106 آلاف مخالفة مرورية في 24 ساعة    "الوطنية للانتخابات" تواصل تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 لليوم الخامس    تنفيذ ورش تدريبية مجانية لدعم الحرف اليدوية للمرأة في الأقصر    مراكز خدمات «التضامن» تدعم ذوى الهمم    مشروع الفستان الأحمر    مدارس التكنولوجيا تعيد رسم خريطة التعليم الفنى    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعرة الخنساء تماضر بنت عمرو!
نشر في أكتوبر يوم 16 - 02 - 2014

عرف الشعر العربى الكثير من الشاعرات ومنهن الكثير من الخنساوات. ولكن لم تنل منهن الشهرة والذكر المتواصل سوى اثنتين فقط هما: ليلى الأخيلية وتماضر بنت عمرو الشريدى من بنى سليم، وقد لقبت بالخنساء تشبها لها بالظبية، لخنس فى الأنف، وهو تأخر الأنف عن الوجه وارتفاع قليل فى الأرنبة، وهى صفة مستحبة فى النساء.
وقد كانت الخنساء- قبل زواجها- جميلة الملامح، عزيزة النفس صاحبة رأى ومشورة، وكان لها أخوان هما: معاوية وصخر من أجمل فرسان العرب، حتى إن والدهما كان يصطحبهما إلى سوق عكاظ متباهيا بهما وهو يقول «أنا أبو خيرى مضر، فمن أنكر فليغير، ومن أتى بمثلهما أخوين من قبلى، فله حكمه» فكانت العرب تقر له بذلك، ومن ثم كانت الخنساء تتباهى بأخويها وبأسرتها وببنى سليم عامة. وقد رآها- مصادفة- سيد بنى جشم وفارسها «دريد بن الصمة» وهى تدهن بعيرا لها بالحناء (القار) لعلاجه من الجرب، وقد نضّت عنها ثيابها، فوقع فى هواها، وذهب لصديقه معاوية شقيقها ليخطبها منه، ولكنها بادرت أباها بقولها «يا أبت، أترانى تاركة بنى عمى مثل عوالى الرماح، وناكحة شيخ بنى جشم» ولم تكتف بذلك ولكنها أنشدت:
أتخطبنى، هبلت، على دريد وقد أطردت سيد آل بدر
معاذ الله ينكحنى حبركى يقال أبوه من جشم بن بكر
لئن أصبحت فى جشم هديا إذن أصبحت فى دنس وفقر
فسمعها دريد، وغضب غضبا شديدا، خاصة من وصفها له بالحبركى وهو الذى يشبه جسده القرطاس (سمين من أعلى رفيع من أسفل) أى قدميه تشبه أرجل الماعز! فأنشد يجيبها وهو منصرف:
وقاك الله يا ابنة آل عمرو من الفتيان أمثالى ونفسى
فلا تلدى ولا تنكحى مثلى إذا ما ليلة طرقت بنحس
وتزعم أننى شيخ كبير وهل خبرتها أنى ابن أمس
وبالطبع تحولت قصة «دريد وتماضر» إلى حديث العرب، نظرا لشهرتيهما ولمكانة كل منهما فى قومه، المهم أنها رفضت أن تتزوج من غير قومها، وتزوجت عبد العزى بن عبد الله الذى اشتهر بالرواحى السلمى وأنجبت منه ابنها البكر عمرو (أبو شجرة) وكان مقامرا متلافا عانت منه الكثير واستعانت عليه بشقيقها صخر الذى كان يقاسمها ماله مساعدة لها، حتى إن زوجته نهته عن ذلك.. حيث لا أمل فيه ولكنه رد عليها:
والله لا أمنحها شرارها وهى حصان قد كفتنى عارها
ولو هلكت مزقت خمارها واتخذت من شعر صدارها
وقد مات زوجها وعادت إلى بيت أبيها وبعد فترة تزوجت من ابن عم لها هو «مرداس بن أبى عامر السلمى» وكان يلقب بالفيض لسخائه، وأنجبت منه العباس ويزيد ومعاوية، وبنتا اسمها عمرة، والطريف أن جميع أبنائها كانوا شعراء، كما كان أبوها وشقيقها كذلك.
والأطرف أن ابنها البكر (أبو شجرة) ارتد عن الإسلام وحارب جيش خالد بن الوليد فى حروب الردة.. بل إنه افتخر بذلك:
ورويت رمحى من كتيبة خالد وإنى لأرجو بعدها أن أعمرا
وعارضتها شهباء تمطر بالقنا نرى البيض فى حافتها والسنورا
هذا.. على العكس من شقيقه العباس ابن مرداس الذى كان بطل موقعة «حنين» محاربا من ارتدوا عن الإسلام، كما أن أبناء الخنساء الأربعة استشهدوا فى معركة «القادسية».. بعد أن أبلوا فيها بلاء حسنا.
ولكن متى بدأت مشكلة الخنساء؟.. وكيف تحولت حياتها إلى «مندبة» بعد وفاة شقيقها.. وخاصة صخر؟.. الغريب فى الأمر أن شقيقها لم يستشهد فى «معركة» مثل أبنائها أو فى «دفاع» عن القبيلة وأموالها!
فقد بدأت القصة عندما توجه شقيقها معاوية إلى سوق عكاظ مزهوا بجماله وفروسيته، فلقى جارية تدعى «أسماء المرية» فأعجبه جمالها، ودعاها إلى نفسه وهو يحسبها بغياً، فامتنعت عليه قائلة: أما علمت أنى عند سيد العرب: هاشم بن حرملة الغطفانى، فلم يعجبه ردها وقال:أما والله لأقام عنه عنك: فأعقبت: شأنك وشأنه، وأخبرت سيدها بما جرى فلحق بمعاوية وتلاسنا وافترقا غاضبين، حتى كان الموسم التالى واستعد معاوية لغزو بنى مرة قوم هاشم، فنهاه أخوه صخر عن ذلك، ولكنه أصر على الذهاب، ولكنه رأى بعض الطيور فى دوامة فوق رأسه وفرسان بنى سليم الذين كانوا معه، فتطير منها أصحابه وأقنعوه بالرجوع، وعلم هاشم بما حدث فقال: ما منعه من الإقدام إلا الجبن، فساءت الكلمة معاوية، فخرج للغزو مرة أخرى، فحامت حولهما الطير أيضا ورجع أصحابه وتخلف هو وتسعة عشر فارسا، فعلم هاشم بمكانهم فخرج بجمع من قومه فقاتلوهم وأصابوا معاوية فى مقتل، ثم شد فرسان بنى سليم على عدوهم فقتلوا بمعاوية مالك بن الحارث سيد بنى فزارة، وعادوا إلى صخر وهم يظنون أنهم أدركوا ثأرا عاجلا!
ولكن صخرا لم يرض، وانطلق إلى بنى مرة يسألهم: من قتل معاوية؟.. فقال له هاشم: هلم أبا حسان إلى من يخبرك، إذا أصبتنى أو أصبت دريدا أخى فقد أصبت ثأرك. فسأله صخر: فهل كفنتموه، فأجابه هاشم: نعم، فى بردين، قال: أرونى قبره، فذهبوا به إلى قبره وسأل عن فرسه «الشياء» فأعطوها له، فانصرف وهو يتوعدهم.
وفى العام التالى غزاهم وهو على ظهر فرس شقيقه «الشماء» فقتل منهم عددا كبيرا ومنهم دريد أخو هاشم، ولكن وهو عائد خرجت خلفه بنو غطفان- أحد بطون بنى مرة- فتصدى لهم ومنعهم ابن أخته أبو شجرة، وبعد فترة خرج غازيا لبنى أسد، فأصيب بطعنة فى جنبه، ورقد جريحا عاما أو أكثر، لا يموت ولا يحيى، حتى إن امرأته (سليمى) عندما كان يسألها أحد عنه تقول: هو بشر حال، لا حى فيرجى، ولا ميت فينعى، ولقد لقينا منه الأمرّين «فسمعها صخر وكتم فى قلبه، إلى أن سمع أحد الزوار يسأل أمه عنه، فقالت: بأحسن حال، ما كان منذ اشتكى خيرا من اليوم، ولانزال بخير ما رأينا سواده فينا، فلمست كلماتها قلبه، وأنشد يقول:
أرى أمّ صخر لا تمل عيادتى وملّت سليمى مضجعى ومكانى
لعمرى لقد نبهت من كان نائما وأسمعت من كانت له أذنان
وأى امرئ ساو بأم حليلة فلا عاش إلا فى شقا وهوان
ثم مات صخر، وبدأت مأساة الخنساء التى عاشت بعده ثلاثين عاما تبكيه وترثيه وهى ترتدى ثوب الحداد وصديرى من شعرها، وعندما التقتها السيدة عائشة عاتبتها على ما هى فيه، فأخبرتها بأنها ترتدى هذا الصديرى وفاء لأخيها ومصداقا لقوله فيها وما سوف تفعله بعد مماته.
وأيضا عندما لقيها الخليفة عمر بن الخطاب فى موسم الحج فقال يزجرها ويعظها: إن الذى تصنعين ليس من الإسلام، وإن الذين تبكين هلكوا فى الجاهلية وهم حشو جهنم، فأجابته: بأن ذلك أدعى لحزنها عليهم!
ولم تقل الخنساء شعرا سوى رثاء أخويها، ومع ذلك نالت شهرة واسعة، ومكانة عظيمة بين الشعراء، حتى إن النابغة الزبيانى عندما استمع لها وهو يحكّم بين الشعراء فى سوق عكاظ قال: لولا أن الأعشى سبقك لقلت إنك أشعر الإنس والجن، وكذلك الشاعر جرير عندما سئل عن أشعر الناس، أجاب إنها من قالت:
إن الزمان ما تفنى عجائبه أبقى لنا ذنبا واستؤصل الراس
أبقى لنا كل مجهول وفجّعنا بالحالمين فهم هام وأرماس
إن الجديدين فى طول اختلافهما لا يفسدان ولكن يفسد الناس
بل إن الخليفة العباس المهدى- وكان تلميذا للأصمعى وهو ولى للعهد وقد ساعده فى اختيار أفضل قصائد الشعراء- سأل المفضل الضبى (صاحب الأفضليات فى الشعر الجاهلى) عن أفخر بيت قالته العرب، فأجابه: هو ما قالته الخنساء:
وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم فى رأسه نار
وأختتم.. باتفاقى التام مع تعجب واستغراب الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) فى كتابها القيّم والصادر عن دار المعارف عن الخنساء.. من أن الخنساء لم ترث أبناءها الأربعة الذين استشهدوا فى موقعة القادسية.. وهى أم.. وخصت شقيقها بكل مراثيها، وبالذات صخر الذى طعن فى غزوة مات بسببها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.