جلس الأب مع ابنه وقال له أنا الآن متقدم فى العمر ولكننى كنت شابا يوما ما، فأنا أعرف شعور الشباب وشعور كبار السن أما أنت فلا تعرف إلا مشاعر الشباب. وأضاف الوالد يجب أن تعلم أن الصيف يأتى بعده الشتاء، وأنا أعزف الحان الماضى وأنت تتطلع إلى المستقبل، فلماذا لا نعزف معا، أنا أعزف أنغام الماضى وأنت تغنى للمستقبل. هل تواجه مصر صراعا للأجيال، أم سنصل إلى ما قد يطلق عليه ديكتاتورية الشباب. واعتقد أن هذه القضية ستشغلنا فى مصر لفترة قادمة، فقد زادت حدتها هذه الأيام مع إنها قضية قديمة ومعروفة، وأحب هنا أن اتذكر جيلًا كاملًا من شباب مصر الذين التحقوا كمجندين بالقوات المسلحة بعد هزيمة 67 وظلوا فى الخدمة حتى ما بعد حرب أكتوبر 73. هؤلاء لم نسمع عنهم و لم يطالبوا بشىء بعد ما ضحوا بأرواحهم ومستقبلهم فى سبيل تحرير الأرض والدفاع عن الشعب المصرى. فمن كان له شرف الشهادة فقد نال أحسن جزاء، ومن عاد للحياة المدنية يشعر أنه أدى دوره فى سبيل الوطن ونعم براحة الضمير. لن أكرر العبارات المعروفة حول أهمية الشباب ودورهم خاصة أن المجتمع المصرى يعتبر مجتمعًا شابًا وهذا شىء جيد فى علم الدول والشعوب. الشىء الخطير هو حالة الترقب والمطالبة بالحقوق قد تكون غير واقعية أو الوصول إلى الحد الاقصى وهو الإقصاء لأجيال كاملة أفنت عمرها فى الدراسة والعمل لكى تقدم الرعايا الكاملة والفرص الأحسن فى التعليم لأجيال الشباب. نحن امام معادلة قديمة وهى معادلة إنسانية تقوم على أساس تسليم الراية للأصغر سنا أو درجة أو رتبة. لماذا هذا الضجيج الآن، و هل المقترحات الموجودة على الساحة تعمل على تمكين الشباب فعلا، أم هى مجرد سياسية لدغدغة المشاعر فقط وكسب التأييد من قوة وطنية متدفقة لتحقيق مصالح شخصية. ونستطيع أن نؤكد أن الشباب من حقهم توفير فرص عمل كريمة لهم، تمنحهم الأمل فى الحياة وتضىء لهم المستقبل . كذلك المشاركة السياسية هى أحد الحقوق الأكيدة للشباب وتمثل نبعا استراتيجيا مهمًا لحقوق الدولة وتقدمها. وتتنوع أشكال المشاركة السياسية ويجب توفير الفرص لها وحمايتها. ومن المهم النظر إلى بعض الوظائف على أنها وظائف تراكمية تقوم على الخبرة وتراكمها لا يصح أن يكون مؤهلك كشاب أن تتولى هذه الوظيفة بدون تراكم الخبرة المطلوبة. الأحزاب السياسية عليها مسئولية كبيرة فى هذا الصدد، فلن تكون هناك وصاية سياسية من الحزب على نشاط الشباب إلا الالتزام بسياسة الحزب. كما أن شباب الأحزاب يجب أن ينطلقوا إلى العمل الميدانى والبعد عن السعى وراء الحوارات فى مكاتب المسئولين التى لن تصل بهم إلى شىء. وقد تكون أحد الأساليب لاستغلال الطاقات الوطنية لدى الشباب هو الانخراط فى سلك الجندية أو الخدمة العامة فكلها أدوات مهمة لتعميق الاحساس بالوطن والدفاع عنه. أما منهج التواصل فأعتقد أنه أهم شئ لكى نعزف معا، ونحقق السلام المجتمعى ونتجنب ما يطلق عليه بصراع الأجيال. التواصل يعنى الاستماع للآخر والاهتمام بمقترحاته وخاصة الشباب، والواقع يقول أنهم يملكون دائما مقترحات قيمة ومفيدة فى مختلف المجالات، وقد سعدت بلقاء أحد شباب تمرد وهو محمد نبوى ووجدت فيه القدرة على التحليل واستنباط مواقف وأفكار مفيدة جدًا فى مجالات مختلفة. لكن لن نخدم الشباب بإزاحة جيل أو جيلين من أمامهم فكما قلت نحتاج طاقة الشباب وأفكارهم خبرات متقدمى السن. المهم فى الأمر أن لا نصل فى أى ظرف من الظروف إلى صراع أجيال لن يخدم هذا الوطن الذى يحتاج الجميع ويتسع للجميع. كما أنه لا يجب استغلال الشباب فى المناورات السياسية التى سنشهدها خلال الحملات الانتخابية للرئاسة قريبا، وفى جميع الأحوال الشعب المصرى أصبحت لديه فراسة سياسية يستنتج منها من هو السياسى الصادق فى توجهه، وهنا يجب أن نقول إن القوى الشبابية ستلعب دورًا مهمًا فى الانتخابات الرئاسية الماضية.