من احتجاجات تقسيم إلى فضائح الفساد الأخيرة مرورا بالأزمات الدولية، جاء «قانون الانترنت الجديد» الذى تبناه البرلمان التركى لتعزيز مراقبة الدولة على الانترنت ليزيد من حجم الأزمات التى يواجهها رئيس الوزراء التركى «رجب طيب أردوغان» الأمر الذى يهدد بسقوطه فى وقت قريب بحسب المراقبين. واعتبرت المعارضة التركية والعديد من الجمعيات غير الحكومية أن القانون الجديد يعد خنقا للحريات حيث يسمح للحكومة بالتدخل بناء على شكوى مواطن أو مؤسسة بسبب إهانة مزعومة بحيث يمكن للسلطات المختصة إغلاق الموقع أو الصفحة بدون إنذار أو إذن قضائى ولا يتم إشراك القضاء فى الأمر إلا بعد الإغلاق. وسيلزم القانون الشركات المزودة لخدمات الانترنت فى تركيا بتخزين البيانات لمدة عامين كاملين وإتاحتها للسلطات وإلزام كل مزودى خدمات الإنترنت بالخضوع إليه، وتبرر حكومة أردوغان القانون الجديد بالإشارة إلى الحماية الضرورية للحقوق الشخصية. واحتجاجا على القانون نظمت هيئات مدنية وأحزاب سياسية معارضة وحركات مظاهرات فى عدة مدن تركية، كما اندلعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن ما أسفر عن عدة إصابات. وقد أحدثت التعديلات الجديدة التى أدخلت على قانون مراقبة الإنترنت فى تركيا حالة من الاستياء لدى الرأى العام العالمى، حيث صرح الناطق باسم المفوضية الأوروبية «بيتر ستانو» أن هذا القانون يثير قلقا لدى الاتحاد الأوروبى لأنه يفرض قيودا على حرية التعبير مؤكدا على ضرورة مراجعته بموجب معايير الاتحاد الأوروبى. ودعت منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية الرئيس التركى «عبدالله جول» للتدخل لرفض هذه التعديلات التى ينظر إلى توقيتها بأنها تؤكد أن حكومة أردوغان تسعى جاهدة إلى تكميم الأفواه المنتقدة لأدائها وتقييد كافة الوسائل التى يعتقد أنها ستضر بمصالحه السياسية. كما أشار تقرير إلى أن تركيا أصبحت ثانى أشد الدول تقييدا لحريات المواطنين بعد الصين، كما اعتبر تقرير للجنة حماية الصحفيين ومقرها الولاياتالمتحدة فى ديسمبر 2013 أن تركيا السجان رقم واحد على مستوى العالم فيما يتعلق بحرية الرأى والتعبير، حيث تصدرت تركيا مقدمة الدول التى تطالب محرك البحث جوجل بإزالة أو مراقبة المحتوى فى خدماتها حسب تقرير عن شركة جوجل أواخر ديسمبر 2013. كما قامت الحكومة بوقف خدمات «فيمبو» وحجب أكثر من 30 ألف موقع إلكترونى عقب الكشف عن قضايا الفساد، حيث ترجع الحكومة التركية السبب الرئيسى لاندلاع مظاهرات تقسيم إلى مواقع التواصل الاجتماعى التى وصفها رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان بأنها وباء وأكبر خطر على المجتمع اثناء موجة الاحتجاجات ضد الحكومة حيث كان تويتر وفيسبوك بين أكثر المواقع التى استخدمها قادة التظاهرات فى تركيا لتأجيج الاحتجاجات ضد حكومة أردوغان. وجاء هذا القانون المثير للجدل ليشعل الأزمات فى الداخل ويبعد تركيا أميالا جديدة عن عضوية الاتحاد الأوروبى، حسبما ذكرت صحيفة «باييس» الاسبانية التى رأت أن أردوغان تجاهل بقدر كبير مضامين ميثاق الاتحاد الأوروبى مشيرة إلى أن الاتحاد سيواصل حرصه على التشبث بالحفاظ على المعايير الديمقراطية ولن يتساهل مع تركيا كما فعل فى السابق مع دول وأحزاب لا تحترم هذه المعايير مشيرة إلى أعضاء البرلمان التركى الذين لم يساهموا فقط فى تشديد الرقابة على الانترنت ولكن أيضا فى تعقيد إمكانية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى، واعتبرت الصحيفة أن مع قانون الانترنت الجديد ستكون تركيا فقدت آخر فرصة لها فى أن تكون عضوا كاملا فى الاتحاد.