فى كل بيت مصرى طفل أو طفلة لديها موهبة فطرية منحها الله العلى القدير له لكى يكون من رواد هذا الوطن يوما ما، ولكن من يعلم ومن يدرى بذلك. وهذا الموهبة التى يمنحها الله سبحانه يمكن أن يكتشفها الأب أو الأم مبكرا وإذا قدر لهذا الطفل أن ينشأ فى أسرة نابهة ومثقفة قد يتحقق له وهنا تتجلى الموهبة وتنمو معه إلى أن يصبح هذا الطفل يوما موهبة كبيرة فى أى مجال من مجالات الحياة.. فيكون رساما شهيرا أو موسيقيا أو ملحنا ليس له نظير، أو يصبح ممثلا له قيمة كبيرة وصاحب رسالة حقيقية، أو صاحب صوت جميل يغنى للوطن اجمل الألحان، أو مهندسا مبتكرا وله اختراعات قيمة واسهامات محترمة فى مجال عمله، أو أديبا ومفكرا وكاتبا صاحب كلمة ورأى يستفيد منها وطنه أو خطيبا له قدرة على التأثير فى سامعيه أو زعيما سياسيا وله قدرة على التفاف الناس حوله .. وهكذا لا يخلو بيت من موهبة قدمها الله لنا. ولكن علينا نحن الكبار وضع أيدينا عليها وتنميتها حتى تعرف هى الطريق، وعلى الرغم من أن هناك جيلا طويلا عريضا من الأمهات والآباء المتعلمين إلا ان المواهب الانسانية قلت ولم تعد وتصقل إلا بالصدفة. فالمدارس التى يجب أن تصقل المواهب من الصغر ومنذ المراحل الأولى فى التعليم اختفت منها الحصص التى تكتشف من خلالها الموهبة الفطرية والنعمة التى يعطيها الله لطفل يقدر له أن يكون له اسهامات عظيمة لوطنه. فاختفت حصص النشاط التى كانت تكتشف مواهب الأطفال مثل حصص الموسيقى وحصص المسرح المدرسى كذلك حصص التربية الرياضية لاكتشاف المواهب التى تجيد الألعاب مثل كرة السلة والكرة الطائرة والنجوم فى الألعاب الأوليمبية.. وكذلك مواهب الغناء والرسم والأشغال اليدوية وهكذا .. حتى المتميزين فى العلوم والرياضيات كل ذلك كان فى وقت ما من اهتمامات المدارس فى المراحل الأولى عندما كانت المدارس الحكومية مدارس تعمل بجدية وتعمل فعلا لإنجاح التعليم والاهتمام بالثروة البشرية وليس بحشو عقول التلاميذ بمعلومات قد لاتنفعهم فى المستقبل. وعلى هذا ومنذ عدة عقود اختفت المواهب البشرية التى كان يمكن ان تعلو سماء الوطن نجوما ساطعة نفخر بها وامتلأت الساحة بأشباه المواهب أو عديمى الموهبة الأصيلة أم لأنها دعمت لأنها قريبة فلان أو نسيبة علان ودهست كثيرا من اللآلئ الحقيقية وتاهت فى النسيان، لماذا لأنها لم تجد الرعاية وسبل النمو وإلقاء الضواء عليها. ومن يدرى أين هى الآن.؟ وعلى مرأى من عينى كثير من الآباء عندما يرون أن أبنهم أو أبنتهم تريد أن تتعلم على آلة موسيقية فأنهم ينهروه ويمنعوه بحجة التعطل عن الدراسة وهم لايدرون أنهم يعطلون موهبة ويمنعونها من اكتشاف الطريق الذى يمكن أن يكون سببا لتميز هذا الطفل فى مجال معين من مجالات الحياة ويكون بيننا فى الصفوف الأولى لو وجد الرعاية والاهتمام من الأسرة أو حتى المدرسة التى، كما نعلم إنه ليس هناك أى اهتمام بالأنشطة الإنسانية التى تنمى وتصقل المواهب الفطرية. ماذا نفعل هل الأمهات والآباء فى زمن طه حسين عميد الأدب العربى والعقاد وتوفيق الحكيم المؤلف المسرحى والمازنى الأديب الحساس الموسيقار محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وصلاح طاهر الفنان التشكيلى الذى جابت شهرته العالم ومصطفى مشرفة الذى اوشك أن يحصل على جائزة نوبل فى العلوم.. والأجيال التى تلتهم من النابهين والمواهب التى ملأت مصر من أمثال يوسف السباعى وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس وأنيس منصور وعبد الحليم حافظ ونجاة وسعاد حسنى وغيرهم من المواهب الإنسانية التى حفلت بهم مصر وأثروها فنا وطربا، كانوا أفضل من الأجيال الحالية وهذا ما نراه ونقر ونعترف به لأنه لم يأت أمثال هؤلاء وخلت الساحة تماما إلا من أنصاف المواهب أو الذين بلا موهبة أصلا بل يتعلقون فى أوهام زائفة. وإذا كانت المدرارس تخلت عن دورها فى صقل المواهب وتنميتها واكتشافها وكذلك الآباء والأمهات لم يهتموا بأبنائهم الذى منحهم الله موهبة فطرية جميلة فيكبتونها ويلقون بها فى غياهب النسيان .. ماذا نفعل وكانت مصر هى البوتقة لكل المواهب البشرية وتحتضنهم وكان هناك اسطوات يعهدون بهذه المواهب فى كل مجال لإخراجها للنور وصقلها وتدريبها حتى تقف على قدميها فهؤلاء هم الذين يصنعون الحضارة ويقودون الوجدان المصرى والضمير الإنسانى لهذا الوطن نحو التقدم والازدهار.